بالزراعة..الفلسطينيون يستغلون أسطح منازلهم

المشروع يمثل تجربة تنموية رائدة

يتسابق أطفال أبو نبيل الحايك من مخيم الدهيشة جنوب شرق بيت لحم إلى قطف ثمار الخيار والبندورة التي قام بزراعتها والدهم فوق سطح المنزل ضمن مشروع مؤسسة كرامة لتنمية المرأة والطفل في زراعة أسطح المنازل.
يبدي أبو نبيل سعادته وارتياحه في تنفيذ المشروع وقد جنا ثمار نجاح زراعته الأولى، واصفا إياها بالتجربة الناجحة والمثمرة "لقد تحول سطح منزلي إلى حديقة منزلية صغيرة، وبات متنفسا لي ولعائلتي، بعد أن كان مهملا".
 
تجربة فريدة
يقول أبو نبيل، لقد قمت باستغلال مساحة سطح المنزل بعد أن عرضت علي المؤسسة المشروع، ولم أتردد بالتنفيذ لأنني أحب الزراعة وكانت عندي رغبة كبيرة بالإنتاج وتناول ما تصنعه يدي، ومنذ ثلاثة شهور لم اشتر البندورة أو الخيار أو الكوسا والباذنجان، حتى أن زوجتي قامت بتخزين الفاصولياء الذي أنتجه البيت البلاستيكي.
وقام أبو نبيل بزيادة مساحة بيته البلاستيكي بزيادة عدد الأشتال المزروعة من 40 إلى 60 شتلة، وزرع الفراولة إلى جانب الخضراوات، مشيرا إلى المكاسب التي حققها من زراعة السطح " لقد حققت اكتفاء ذاتي من خلال ما زرعته، وأضفت مساحة خضراء إلى بيتي والمخيم خاصة أننا نعيش في مساحات ضيقة للغاية ولا تضم بيوت المخيم أي مساحة للزراعة، كما أن المشروع أعطاني خبرة جديدة وانعكس إيجابا على أفراد أسرتي وأطفالي بالذات الذين بت اقضي معهم أوقات أطول داخل البيت البلاستيكي، واستطعت أن اغرس فيهم قيم كثيرة خلال مشاركتهم برعاية المزروعات".
ويشير أبو نبيل أن العديد من معارفه والجيران أعجبوا بالفكرة، وبادر أربعة من أصدقائه بإنشاء بيوت بلاستيكية على أسطح منازلهم، خاصة أنهم لمسوا سهولة إنشائه بأدوات بسيطة ومتوفرة ورخيصة.
 
اكتفاء ذاتي

المشروع ينتج أنواعا متنوعة من الخضروات

وبدوره، يشرح ياسر الحاج مدير مؤسسة كرامة لتنمية المرأة والطفل مشروع "بيت بلاستيكي فوق أسطح المنازل" إن فكرة زراعة الأسطح ليست بجديدة ولكن الجديد هو إنشاء بيت بلاستيكي فوق سطح المنزل من اجل استدامة الزراعة فيه، وفكرة المشروع تقوم على زراعة ثلاثة مواسم، فعمر الشتلة فيه أربعة شهور وهو استغلال للوقت وللمادة.
والهدف الأساسي من المشروع هو استغلال المساحات الضيقة في المخيم وإضافة مساحة خضراء، خاصة أن المخيم يخلو من الرقعة الخضراء، والإسهام في توفير السلة الغذائية للعائلة من خلال أنواع الخضراوات المزروعة وهو نوع من أنواع الاكتفاء الذاتي، وتخفيف العبء الاقتصادي على العائلة من خلال استغلال طاقاتها وتوفير احتياجاتها بنفسها بدلا من الاستعانة بوسائل غير مشروعة كالتسول على سبيل المثال وهو منتشر بالمخيمات الفلسطينية.
كما نهدف إلى ربط الإنسان الفلسطيني اللاجىء بأرضه، وإعطاء مساحة له حتى يتسنى له تذكر أرضه التي هجر منها من خلال الزراعة، ناهيك عن المشاعر التي يخلقها المشروع بين أفراد الأسرة الواحدة والجيران وغرس قيم الانتماء وحب الأرض في نفوس الأطفال، وخلق واقع جديد نتحدى فيه الظروف التي نعيشها وإيجاد البدائل للغلاء والوضع المعيشي.
 
تطويع الإمكانيات
وبدأ العمل بالمشروع قبل ثمانية شهور في مخيم الدهيشة، وتم الزراعة على أسطح 13 منزلا في مخيم الدهيشة على متوسط مساحة 15 متر مربع حيث تم تطويع البيت البلاستيكي بما يتلاءم مع شكل السطح، وتم توفير المنصب الذي يوضع عليه الأنابيب البلاستيكية وخزان المياه ونظام التنقيط والاشتال والسماد لكل منزل، وبلغت تكلفة زراعة كل سطح نحو 2200 شيكل (الدولار=3.97) ونحاول قدر الإمكان بالمستقبل تقليل التكاليف من خلال استخدام أدوات ومواد ذات تكلفة اقل لتشجيع المواطنين على إقامة مشروعهم الخاص بهم.
كما استهدف المشروع المزروعات الأكثر استهلاكا بالمنزل واحتياجها أسبوعي للعائلة، كما وقمنا بزراعة الأوراق الخضراء والعطرية كالبقدونس والنعنع والزعتر والميرمية.
ويذكر مدير مؤسسة كرامة أن المشروع كان موفق وقد سجل نجاحا كبيرا رغم قلة الإمكانيات والخبرة المتواضعة التي كان يملكها القائمين عليه، ورغم ذلك فقد كان له صدى واسع بالنسبة للممولين وبين المواطنين، وتم نقل التجربة إلى مخيم عايدة القريب، وحصلنا على عروض أخرى لتمويل المشروع ونحن بصدد تطبيق التجربة على اثني عشر منزلا جديدا بمخيم الدهيشة وبصدد إنشاء 20 بيت بلاستيكي بمخيم عايدة.
مؤكدا "نحن هنا من اجل تعليم الإنسان الفلسطيني كيف يصيد، ليحاول الاعتماد على نفسه في تدبر أحواله، وهي وسيلة أخرى لحفظ كرامة الإنسان، والمشروع يستهدف العائلات المحتاجة والنساء اللاجئات حتى يكون لهن دور في تنمية مجتمعها وتعزيز دورها فيه".
 
تعاونيات زراعية

المشروع يستغل مساحة أسطح المنازل

ومن جانبه، قدر لؤي عبد الغفار احد القائمين على مشروع زراعة الأسطح نسبة النجاح بـ70% ، وان الاستمرار فيه والتوسع سيحصد نتائج أعلى بكثير خاصة مع اتساع رقعة العمل فيه داخل مخيمي الدهيشة وعايدة، حيث تقدمت الاونروا مؤخرا بطلب تمويله في 85 منزل وبذلك نكون قد نجحنا في إنشاء البيت البلاستيكي على 100 سطح من منازل المخيمين، ونسعى جاهدين لنقل التجربة إلى نطاق أوسع إلى المخيمات والمدن الفلسطينية، كنا قد تلقينا اتصالات في مخيم شعفاط بالقدس وهو ما يشجعنا على تعميم الفكرة على نطاق أوسع.
أما المرحلة القادمة-وقد أشار إليها عبد الغفار- بترسيخ المشروع والانتقال به على شكل تعاونيات، ولدينا رؤية بإنشاء محل داخل كل مخيم من اجل المقايضة، وهي الفكرة التي نهدف من خلالها إلى تخصيص كل منزل بزراعة نوع معين من الخضراوات بحيث يتبادلون احتياجاتهم والفائض يباع ليستفيدوا من مردوده، فالمشروع يتطور وهناك إمكانية للانتقال إلى الإنتاج الحيواني.
ويذكر عبد الغفار أن المؤسسة قامت بإنشاء بيت بلاستيكي على سطحها وتستفيد العائلات المحتاجة المسجلة لديها من إنتاج المزروعات، مشيرا " لقد استطعنا أيضا إنتاج الاشتال على سطح مؤسستنا، ونسعى لإنتاج السماد من المخلفات الطبيعية حتى نقلل تكاليف المشروع ونكون بذلك قد نجحنا في خلق مشروع كامل ومتكامل".