تفتح قضية استشهاد القيادي الأسير خضر عدنان داخل زنزانته باب التساؤلات حول ما إذا كانت حكومة الاحتلال الإسرائيلي بدأت فعليًا تنفيذ قانون إعدام الأسرى بشكل غير معلن.
وبعد 86 يومًا من الإضراب عن الطعام، أعلنت إدارة سجون الاحتلال، فجر الثلاثاء، استشهاد الأسير عدنان بعد أن مارست بحقه إهمالًا طبيًا واضحًا ومقصودًا.
ويُعزز هذه الشكوك تعمّد الاحتلال- لأول مرة- ترك أسير مضرب عن الطعام في زنزانة وحده دون رعاية صحية ومتابعة لوظائف الجسم أو في مشفى رغم مرور 86 يومًا على الإضراب، وتُعلن إدارة السجون ووسائل الإعلام العبرية عن استشهاده قبل إبلاغ قيادة الحركة الأسيرة، وفق أسرى محررون.
ولأول مرة أيضًا لا تُفعّل “لجنة القيم” من نقابة أطباء الاحتلال، والتي تتدخل لإقناع الأسير المُضرب بأخذ المدعمات للمحافظة على الأجهزة الرئيسية للجسم.
وتدفع هذه المؤشرات للاستنتاج أن الاحتلال تعمد اغتيال الشيخ خضر عدنان الذي قهر السجان عدة مرات سابقًا وخاض معركة الإضراب عن الطعام في 6 جولات أولها عام 2004.
وتأتي حادثة الاغتيال بينما تسعى حكومة الاحتلال لفرض قانون إعدام الأسرى الذي صادق عليه الكنيست الإسرائيلي بقراءة أولى وينتظر قراءتين ثانية وثالثة لإقراره وجعله قانونًا ساريًا.
بهذا الصدد، يرى متخصصون في مجال الأسرى أن اغتيال الشيخ خضر عدنان بهذه الطريقة يدلل على أن قانون إعدام الأسرى بات ساريًا، وأن المزيد منهم قد يواجهون نفس المصير خلال الفترة المقبلة.
إعدام متعمد
ويقول المتحدث باسم هيئة شؤون الأسرى والمحررين حسن عبد ربه إن إدارة سجون الاحتلال رفضت نقل الأسير عدنان إلى مشفى مدني تحت رعاية طبية لإنقاذ حياته، في وقت تُلزم تشريعات الاحتلال وقوانينه بالعمل على إنقاذ المريض حتى لو كان أسيرًا والحيلولة دون وفاته وعلاجه إذا ما كانت على حياته خطورة.
ويضيف عبد ربه، في حديث لوكالة “صفا” أن “الاحتلال تعمد عدم القيام بكل هذه الإجراءات، “وبالتالي هذا مؤشر واضح على وجود قرار بإعدامه داخل السجن”.
ويشير إلى أن الاحتلال رفض الإفراج عن الشيخ عدنان بكفالات مالية في ظل ما قُدّم من استئنافات كان آخرها الأحد الماضي رغم خطورة وضعه الصحي.
ويرى عبد ربه أن “الإعلان عن استشهاد خضر عدنان من خلال إدارة سجون الاحتلال عبر وسائل الإعلام وليس عبر إخبار الحركة الأسيرة– كما جرت العادة- هو جزء من السياسة الإسرائيلية في احتكار المعلومة، وشكل آخر من التعامل مع الفلسطينيين”.
ويحذر من أن هناك العديد من الأسرى الذين يعانون المرض أو يخوضون الإضراب عن الطعام يواجهون نفس مصير الشهيد خضر عدنان في أي لحظة، في ظل الإهمال الطبي الممنهج والمتعمد.
ويؤكد المتحدث باسم هيئة الأسرى أن المطلوب شعبيًا وفصائليًا ورسميًا هو الانتصار للأسرى والانحياز الدائم لهم من خلال خطوات متعددة جادة وفعلية من الكل الفلسطيني وعدم بالاكتفاء ببيانات الشجب والتنديد.
سلوك جديد
مدير جمعية واعد للأسرى والمحررين عبد الله قنديل يرى أن حادثة اغتيال الشيخ خضر عدنان “تدلل على سلوك جديد من الكيان وحكومة الاحتلال الفاشية”.
ويقول قنديل لوكالة “صفا”: “على ما يبدو أن قرار اغتيال الشيخ عدنان اتخذ في أروقة الحكومة الإسرائيلية إلى جانب قرارات جديدة ضد الأسرى”.
ويشير قنديل إلى أن الاحتلال لم يقدم العلاج أو الرعاية الصحية أو المحلول للشيخ عدنان “ما يدلل على أن الجريمة تمت بليل وبُيتت بخفاء”.
ويضيف “هناك خطر على حياة الأسير وليد دقة الذي أعاده الاحتلال أمس من مشفى برزلاي بعد استئصال جزء من رئته اليمنى وهو لا يكاد يقوى على الحركة والمشي”.
ويحذر قنديل من أن هذه المعطيات تدلل على أن قانون إعدام الأسرى بات ساريًا، لافتًا إلى أن الوزير المتطرف “إيتمار بن غفير” لم يصبر طويلا لاعتماده بالقراءة النهائية.
ويتابع “نحن أمام حرب ممنهجة بلا هوادة باتت مفضوحة ومكشوفة للعلن وحكومة الاحتلال وقادته لا يتورعون عن تصفية الأسرى كما حدث مع خضر عدنان”.
ويتوقع مدير جمعية واعد، “الأسوأ” خلال الفترة المقبلة على صعيد ارتقاء المزيد من الأسرى بفعل السياسة الإسرائيلية الواضحة الآخذة بالتجنح تجاه أكبر عدد ممكن من الأسرى والأسيرات.
ويشدد على أن كل سياسات الاحتلال ضد الأسرى أثبتت أنها غير ناجعة، “والأسرى قادرون على مواجهة تلك الأساليب رغم قلة الإمكانيات”.
ويقول قنديل: “المطلوب في ظل عجز المؤسسات الدولية وفي ظل ازدياد حدة الجرائم تجاه الأسرى ليس أقل من توفير حماية فلسطينية”.
ويتابع “هذا الأمر مطالبة به الفصائل الفلسطينية وكل الأطر الرسمية” مضيفًا “لا يعقل استمرار سياسة التلكؤ من السلطة الفلسطينية في التوجه إلى المحافل الدولية وخاصة محكمة الجنايات لمحاسبة مجرمي الحرب الإسرائيليين”.
وأعلنت إدارة سجون الاحتلال، فجر اليوم، عن استشهاد الأسير القيادي في حركة الجهاد الإسلامي خضر عدنان، الذي خاض إضرابًا عن الطعام رفضًا لاعتقاله الإداري دون تهمة.
وفي الخامس من شباط/ فبراير الماضي، أعلن عدنان إضرابه المفتوح عن الطعام منذ لحظة اعتقاله، بعد أن اقتحمت قوات الاحتلال منزله في عرابة، وعاثت فيه خرابًا.
وخاض الأسير الشهيد خضر عدنان ستة إضرابات عن الطعام، أولها عام 2004 لمدة 25 يومًا رفضًا لعزله الانفرادي، والثاني عام 2012 لمدة 66 يومًا، والثالث عام 2015 لمدة 56 يومًا، والرابع عام 2018 لمدة 58 يومًا، والخامس عام 2021 لمدة 25 يومًا، والسادس عام 2023 لمدة 86 يومًا، واستشهد على أثره.
وعمّ الحداد العام والإضراب الشامل، يوم الثلاثاء، الأراضي الفلسطينية حدادًا على استشهاد القيادي عدنان داخل سجون الاحتلال.
المصدر: صفا
الرابط المختصر https://insanonline.net/?p=141201