بعد حياة مليئة بالتميز والعطاء والعمل الإنساني، رحل الشهيد الطبيب جمال خصوان، رفقة زوجته وابنه دارس الطب، شهداء في قصف صهيوني استهدف منزلهم بغزة، ليبقوا شاهدًا على استباحة الاحتلال دماء المدنيين الفلسطينيين.
نائما آمنًا رفقة أفراد أسرته في شقتهم بالطابق السادس (الروف) من بناية سكنية في حي الرمال بغزة، كان الدكتور جمال خصوان (52 عامًا) عندما تحولت الشقة إلى كتلة لهب وركام بعدما قصفتها طائرات الاحتلال -فجر الثلاثاء- بصاروخ موجه بالتزامن مع قصف مماثل لشقة أخرى في الطابق الخامس من البناية.
رحيل محزن
رحل خصوان شهيدًا، مع زوجته مرفت صالح خصوان (44 عاماً)، وابنهما يوسف (19 عاماً) وهو طالب في السنة الثانية بكلية طب الأسنان، فيما نجا نجلاه يزن (16 عاما) ويامن (14 عاما) بأعجوبة ليصابا بجروح متفاوتة.
ومن بين الأنقاض خرجت طفلة الشهيد الوحيدة ميرال، لتصرخ بابا بابا في مشهد أبكى آلاف الفلسطينيين.
لماذا قصفت قوات الاحتلال منزل الطبيب خصوان، الذي يحمل الجنسية الروسية إلى جانب جنسيته الفلسطينية الأصلية؟.
سؤال يبدو بلا إجابة، فعلى الرغم من أنه لم يكن من المنخرطين في المقاومة المسلحة، فإن استهدافه جاء ليؤكد نهج الاحتلال في عدم التمييز بين المقاومة والمدنيين بخلاف ما يزعم دومًا.
فالطبيب خصوان، نموذج صارخ على استهتار الاحتلال بحياة المدنيين الفلسطينيين، وفق المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، الذي وثق ما حدث مشيرًا إلى أن الطيران الحربي الإسرائيلي استهدف شقة خصوان بالتزامن مع استهداف شقة سكنية لأحد المستهدفين في البناية نفسها.
ما ذنب الطبيب الشهيد؟
يتساءل أحد المواطنين: هل ذنب الطبيب خصوان من منظور الاحتلال أنه اختار السكن في بناية سكنية في أحد أرقى أحياء غزة، وكان جاره في الطابق السفلي الأسير المحرر المبعد من الضفة الغربية إلى غزة طارق عز الدين، الذي استشهد هو الآخر رفقة نجليه الطفلين علي (9 سنوات)، وميار (7 سنوات).
وبقدر الألم الذي غلف مشاعر الفلسطينيين على استشهاد 3 قيادات من سرايا القدس وزوجاتهم وأطفالهم وعدد من جيرانهم، كان الألم على استشهاد الطبيب الراحل فهو رئيس مجلس إدارة جمعية الوفاء الخيرية، وهي منظمة أهلية عضو في شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية، وهو رئيس مجلس إدارة مستشفى الوفاء، ومن أبرز الأطباء الأخصائيين في زراعة الأسنان.
رثاء ومحطات مضيئة
وحفلت صفحات التواصل الاجتماعي، برثاء الشهيد الراحل، واستذكار محطات مضيئة من سيرته وعطائه في العمل الإنسان.
وزارة الصحة الفلسطينية نعت الشهيد، ووصفته بأنه “القامة الطبية والوطنية صاحب الهمة العالية، الذي قدم الكثير من محطات العطاء خلال مسيرته العلمية والعملية، والذي تشهد له ميادين العمل الطبي أنه لم يتوان في تقديم رسالته الإنسانية ، واليوم ترجل شهيداً”.
الدكتور رامي عبده رئيس المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، يقول: الحزن الذي غمر اليوم قلوب الناس في غزة على رحيل الدكتور جمال خصوان، أكبر من أن تخطه الكلمات.
وأضاف: رحل أبو يوسف وزوجته وابنه ولا أظن شارعاً أو عائلة إلا ولها معه قصة أو حكاية من حكايا الخير والعطاء والمودة.
إيناس مرتجى، أشارت إلى أن الشهيد رحمه الله كان خلوقًا طيبًا ودودًا معطاءً سمحًا لطيفًا لا تسمع منه إلا طيب الحديث ولا تسمع عنه إلا طيب الأفعال.
الطبيب الإنسان
والشهيد الراحل، من مواليد حي الشجاعية في ٢٣ أكتوبر ١٩٧٠، شغل سابقا منصب نقيب أطباء الأسنان، وهو خريج كلية طب الأسنان من جامعة روسية في أواخر التسعينيات.
وهو قامة طبية ووطنية، صاحب الهمة العالية قدم الكثير من محطات العطاء خلال مسيرته العلمية والعملية، وتشهد له ميادين العمل الطبي أنه لم يتوان عن تقديم رسالته الإنسانية.
والشهيد من أصحاب الأيادي البيضاء في القطاع، وله مواقف إنسانية عديدة، كان يعمل على خدمة الناس في كل الأوقات.
الرابط المختصر https://insanonline.net/?p=141449