تشهد القدس تصاعدًا غير مسبوق في مصادقة حكومة الاحتلال على مشاريع تهويدية واستيطانية من شأنها تفتيت شرقها، ومحاصرته بمحيط استيطاني متصلٍ بشبكة طرق ومواصلات عامة.
ومن بين هذه المشاريع، ما أعلنته وزارة النقل والمواصلات الإسرائيلية عن مشروع جديد لتهويد المدينة المحتلة، بالتزامن مع الذكرى السنوية لاحتلال شطرها الشرقي قبل أكثر من نصف قرن.
وسيقام المشروع باستثمار 30 مليار شيقل لإنشاء شبكة مواصلات وسكك حديدية حتى عام 2028، لربط شرقي المدينة مع غربها.
ويتضمن المشروع مسارات قطارات تحت الأرض وفوقها تضمن عدم تقسيم القدس مع الفلسطينيين مستقبلًا، لكنها تؤدي إلى تقسيم جزئها الشرقي، حتى يصبح أحياءً وجزرًا متناثرة ومحاصرة بحزام استيطاني مترابط ومتماسك.
وبخطىً متسارعة؛ تعمل حكومة الاحتلال وبلديتها على خلق سلسلة كبيرة من الوجود الاستيطاني اليهودي في القدس، للسيطرة عليها، وحرمان الفلسطينيين من أي تواجد فيها بعد مصادرة أراضيهم.
وفي الآونة الأخيرة، صادقت سلطات الاحتلال على بناء آلاف الوحدات الاستيطانية شرقي القدس، بهدف تعزيز الاستيطان، وزيادة عدد المستوطنين، على حساب طرد المقدسيين من المدينة، فضلًا عن تهويدها وفصلها عن محيطها الفلسطيني بالكامل، وربطها بالعمق الإسرائيلي.
“مدينة واحدة”
وعن المشروع الجديد، يؤكد الباحث المختص في شؤون القدس فخري أبو دياب أن الاحتلال يريد من إقامة المشروع تغيير معالمها وتهويدها،
ويقول لـ”صفا” إن الهدف من المشروع يأتي لربط طرفي المدينة، ومسح ما يسمى بـ”الخط الاخضر” الفاصل بين الأراضي المحتلة عامي 1948 و1967، وأيضًا صعوبة إعادتها للفلسطينيين مستقبلًا، كي تكون مدينة واحدة.
ويضيف أن الاحتلال يريد كذلك زيادة وسرعة وصول قوات الشرطة والمستوطنين من الجزء الغربي إلى الشرقي، خاصة أن بعض القطارات ستكون قريبة من باب العامود والبلدة القديمة، والمسجد الأقصى المبارك.
ووفقًا لأبو دياب، فإن بعض القطارات ستصل إلى الكثير من الأحياء المقدسية، لتقسيمها وتجزئتها وفصل بعضها عن بعض، ومحاصرتها ومنع تطورها وتواصلها.
وسيعمل المشروع الجديد على وصل البؤر الاستيطانية الواقعة شرقي القدس مع غربها، لتسهيل وصول المستوطنين للمدينة وحمايتهم عبر الأنفاق التي ستقام تحت الأرض.
ويشير الباحث المقدسي إلى أن كل المشاريع التهويدية والاستيطانية تستهدف تغيير حضارة وهوية المدينة بشكل كبير، لجلب أكبر عدد ممكن من المتطرفين إليها.
تفتيت الأحياء
ويوضح أنه بعد تنفيذ هذا المخطط، سيتم ربط هذه القطارات مع تلك القائمة في فلسطين التاريخية، والقطارات التي ستصل إلى الضفة الغربية المحتلة، والمستوطنات في محيط القدس، ضمن مخطط ما يسمى “القدس الكبرى”.
ويلفت إلى أنه سيكون هناك قطار آخر سيصل إلى تجمع مستوطنة “معاليه أدوميم” شرقي القدس، وغور الأردن، بغية إيجاد شبكة مواصلات، لخدمة المستوطنين وقوات الاحتلال.
وتسعى حكومة الاحتلال جاهدة إلى ربط القدس بشبكة من الأنفاق والطرق الكبرى، والتي ستخترق الأحياء والتجمعات الفلسطينية المقدسية، وتمنع تمددها جغرافيًا وعمرانيًا، في مقابل تسهيل حركة المستوطنين ووصولهم إلى المستوطنات الواقعة شرق وغربي المدينة.
ويحذر الباحث المقدسي من أن ذلك سيؤدي إلى سلب ومصادرة آلاف الدونمات من شرقي القدس، وحرمان المقدسيين من هذه الأراضي، كنوع من تكريس الوجود اليهودي في المدينة المقدسة.
المصدر: صفا
الرابط المختصر https://insanonline.net/?p=141788