مسيرات المستوطنين بمحيط الأقصى..أداة الاحتلال لتغيير الواقع تمهيدًا لهدمه

لا تتوقف المسيرات الاستفزازية التي يُنفذها المستوطنون في محيط المسجد الأقصى المبارك، منذ “مسيرة الأعلام” الإسرائيلية التي نُظمت في مدينة القدس المحتلة بما يُسمى يوم “توحيد القدس”، بل تصاعدت وتيرتها بشكل غير مسبوق، في محاولة خطيرة لتغيير الواقع داخل المسجد، وصولًا إلى هدمة وبناء “الهيكل” المزعوم.

ومنذ ما يزيد عن أسبوع، تشهد أحياء البلدة القديمة وأبواب الأقصى مسيرات استفزازية للمستوطنين، ولا سيما يوم الجمعة، يتخللها اعتداءات على المصلين الفلسطينيين، ورفع لأعلام الاحتلال، وأداء رقصات وصلوات استفزازية عند أبواب المسجد، بحماية مشددة من شرطة الاحتلال.

ورُغم تعرضهم للضرب والتنكيل من قبل شرطة الاحتلال كما حدث عند بابي الأسباط والعامود، إلا أن المصلين يتصدون لاستفزازات المتطرفين عبر إبعادهم عن المكان، وإلقاء الحجارة باتجاههم.

وفي 18 أيار/مايو الجاري، شارك آلاف المستوطنين في “مسيرة الأعلام” بالبلدة القديمة، فيما يسمى يوم “توحيد القدس”، وسط اعتداءات إسرائيلية على المقدسيين والصحفيين.

أهداف خطيرة

رئيس أكاديمية الأقصى للوقف والتراث ناجح بكيرات يقول: إن “حكومة الاحتلال أعطت تصريحًا مفتوحًا للجماعات المتطرفة للعبث في المدينة المقدسة، ولولا دعم وموافقة بنيامين نتنياهو وعناصر الشرطة ما كان لها أن تأتي للمسجد الأقصى وعند أبوابه”.

ويضيف بكيرات في حديث لوكالة “صفا” أن “هذه ظاهرة إسرائيلية جديدة تحمل ثلاثة أهداف خطيرة، أولًا: محاولة مزاحمة المصلين عند بوابات الأقصى، واستفزازهم والتضييق على حركتهم، والاعتداء عليهم واعتقالهم، ومنعهم من دخول المسجد”.

والهدف الثاني، محاولة الجماعات المتطرفة في المرحلة القادمة الوصول إلى داخل الأقصى، بعدما كانوا يعملون دومًا خارج البلدة القديمة حتى وصلوا إلى بوابات المسجد، من خلال تنظيم المسيرات الاستفزازية وأداء الطقوس والصلوات التلمودية.

وأما الهدف الثالث، كما يوضح بكبرات “تغيير الوضع الراهن في المسجد المبارك، وتحقيق ما لم يتم تحقيقه عبر عقود طويلة، عبر تحويل القداسة الإسلامية إلى قداسة يهودية”.

ويتساءل “ما الذي يأتي بهؤلاء المتطرفين عند أبواب الأقصى في أوقات صلاة المسلمين، وتحديدًا يوم الجمعة، كل ذلك في محاولة لتغيير الوضع القائم بالأقصى، وكذلك المشهد الإسلامي في المدينة المحتلة”.

ويحذر رئيس أكاديمية الأقصى للوقف والتراث، من الأخطار المحدقة بالأقصى، في ظل الحكومة اليمينية المتطرفة ودعمها الكامل لـ”جماعات الهيكل” في تنفيذ مخططاتها.

ويؤكد أن ما يجري بحق الأقصى يتطلب مزيدًا من الحذر واليقظة، وتكثيف شد الرحال إليه، وأيضًا تعرية وفضح سياسات الاحتلال وجماعاته المتطرفة.

ويدعم 16 وزيرًا متطرفًا من أصل 31 في حكومة الاحتلال فكرة “الإحلال الديني” التي تتبناها “جماعات الهيكل”، وتهدف لهدم وإزالة المسجد الأقصى بكامل مساحته من الوجود، وتأسيس “الهيكل” المزعوم مكانه.

أداة التغيير

ويوضح بكيرات أن هؤلاء المتطرفين يسعون لأن تكون “القدس يهودية”، مؤكدًا على ضرورة تثبيت الوقائع على الأرض واحترام الوضع القائم بالأقصى.

ويشير إلى أن الجماعات المتطرفة مدعومة من حكومة الاحتلال وشرطتها، وقد تفعل ما تشاء بالمسجد الأقصى دون رقيب وحسيب، خاصة في ظل مطالباتها المتواصلة بفرض واقع جديد بالمسجد، وتغيير قداسته الإسلامية.

ويشدد على أن هذه الجماعات تُنادي دومًا بالسيطرة على إدارة الأقصى، وربما قتل المصلين أو هدمه بالكامل لبناء “الهيكل” المزعوم، محذرًا في الوقت نفسه، من خطورة ما تُخطط له تلك الجماعات.

وتستعمل حكومة الاحتلال- كما يؤكد بكيرات- “جماعات الهيكل” كأداة لتغيير الواقع بالأقصى، بعدما فشلت كل سياساتها العنصرية في تحقيق ذلك.

ويتابع “آن الأوان لأن يقدم أهل وشباب القدس شكاوى في المحاكم العالمية ضد المستوطنين واعتداءاتهم بحق الأقصى، من أجل محاسبتهم ومحاكمتهم على جرائمهم، بالإضافة إلى ضرورة إحداث ضجة إعلامية عالمية ضد كل ما يُخططون له”.

ويطالب بكيرات وسائل الإعلام المختلفة بتسليط الضوء عما يجري عند أبواب الأقصى ومحيطه، وتوثيق وفضح ممارسات المستوطنين واعتداءاتهم واستفزازاتهم المستمرة عالميًا.

ويدعو هيئات ومؤسسات حقوق الإنسان الدولية للتحرك العاجل لإدانة حكومة الاحتلال والجماعات المتطرفة على جرائمها ومخططاتها بحق المسجد الأقصى.