أعادت خطة عضو الكنيست الإسرائيلي عن حزب “الليكود” عاميت هليفي لتقسيم المسجد الأقصى المبارك مكانيًا بين المسلمين واليهود، القضية إلى الواجهة من جديد، حتى باتت تتصدر المشهد الفلسطيني، نظرًا لخطورتها الكبيرة على المسجد، فما المخاطر المترتبة على هذه الخطة حال إقرارها وتنفيذها فعليًا على أرض الواقع.
مشروع القانون الذي قدمه “هليفي” للكنيست، يقترح تخصيص المساحة التي تبدأ من صحن قبة الصخرة المشرفة وحتى نهاية الحد الشمالي للمسجد الأقصى لليهود، ما يعني اقتطاع نحو 70% من المساحة الكلية للمسجد، مما يتطلب بالضرورة إنهاء الدور الأردني ودور الأوقاف الإسلامية بالمسجد.
وبحسب المشروع، فإن المسلمين سيحصلون على المصلى القبلي في الجهة الجنوبية للأقصى وملحقاته، وبالتالي إعادة تعريف المسجد إسلاميًا بوصفه مبنى الجامع القبلي حصرًا، وأن كل ما سواه من ساحات غير مقدس إسلاميًا.
وتبلغ مساحة الأقصى نحو 144 دونمًا، ويحتوي على أكثر من 200 معلم إسلامي، تُعد قبة الصخرة رمزًا للمسجد ولإسلامية المدينة المقدسة.
وتنظر “الصهيونية الدينية” إلى المسجد الأقصى بعين الاحتلال، وتتطلع إلى إزالته من الوجود بكامل مساحته، لتأسيس “الهيكل” المزعوم مكانه، وتسعى لإعادة تعريفه من مسجدٍ إسلامي خالص إلى مقدس مشترك بين المسلمين واليهود، تمهيدًا لإنهاء كل وجود إسلامي فيه فيما بعد.
ويقترح “هليفي” في خطته، تغيير الوضع القائم إلى ما أسماه “جبل الهيكل”، والسماح لليهود باقتحامه بحرية وعلى مدار الساعة، وتثبيت ملكيتهم للمكان، مع الشروع في حملة دعائية عالمية تشرح الحق المقدس لليهود في ساحاته، وتدحض ما وصفه بـ”رواية المسلمين” حول حقهم المقدس وملكيتهم للأقصى.
مشروع خطير
رئيس مركز القدس الدولي حسن خاطر يقول إن مخطط تقسيم الأقصى مكانيًا يمثل بداية مشروع كبير وخطير، ما يزال في أروقة الكنيست ومرحلة التشريع، ومن الواضح أنه ذاهب باتجاه المصادقة النهائية.
ويضيف خاطر، في حديثه لوكالة “صفا”، “ليس من السهل تنفيذ مثل هذا المشروع على الأرض، لأنه سيشكل بداية لمرحلة جديدة من الصراع والمواجهات الواسعة مع الاحتلال، بالإضافة إلى انعدام الأمن كاملًا على مستوى كل فلسطين التاريخية”.
ويوضح أن قضية تقسيم الأقصى أكبر بكثير من الكنيست وحكومة الاحتلال، ولا يمكن تنفيذه بهذه السهولة، مثلما لم تنجح في مخطط تنفيذ البوابات الإلكترونية على مداخل المسجد، بسبب إرادة المقدسيين وصمودهم، وقوة الشعب الفلسطيني.
وبحسب خاطر، فإنه وفق مشروع القانون، سيتم اقتطاع 70% من مساحة الأقصى الإجمالية، والتي تتضمن الجهة الشمالية، وتبدأ من صحن قبة الصخرة أي قلب الأقصى، باتجاه أبواب الأسباط والغوانمة والملك فيصل، بما فيها عدد من المصاطب والمعالم الخاصة بالمسجد، ومأذنتي بابي الأسباط والغوانمة.
ويبين أن الجهة الشمالية تتضمن مركز الأقصى، وهو صخرة بيت المقدس التي بُنيت فوقها القبة، وعندما تريد سلطات الاحتلال السيطرة على قبة الصخرة، فهي بذلك تُسيطر على أصل المسجد ومركزه الاستراتيجي.
ويشير إلى أن المصلى القبلي بالجهة الجنوبية مع ساحتيه الشرقية والغربية -بحسب المشروع- سيُخصص للمسلمين فقط، وهو ما يشكل نحو 30% من المساحة الكلية.
وهذا التقسيم- وفقًا للخبير في الشأن المقدسي- يُشبه ما حصل في المسجد الإبراهيمي، حينما جرى اقتطاع 25% من مساحته للمسلمين، و75% لليهود.
صاعق التفجير
ويوضح أن المسجد الأقصى يتمتع بمكانة وخصوصية لدى المسلمين، وقضيته تختلف كثيرًا عما حصل بالإبراهيمي، باعتباره قبلتهم الأولى ومسرى رسولنا الكريم، لذلك فإن طبيعة رود الفعل العربية والإسلامية والدولية ستكون مختلفة.
ويتيح مشروع القانون المجال لليهود لاقتحام المسجد الأقصى من كافة الأبواب كما يدخله المسلمون، وعدم اقتصار حركتهم على باب المغاربة فقط.
ويرى خاطر أن المشكلة الحقيقية تُكمن في محاولة الاحتلال تنفيذ الخطة على الأرض حال إقرارها، ما يعني خلط الأوراق، وبدء مرحلة جديدة من الصراع مع الاحتلال، تجعله يندم على اتخاذ مثل هذا القرار.
والأخطر على الأقصى حال تنفيذ خطة التقسيم، كما يؤكد رئيس مركز القدس، تغيير هويته الإسلامية وقدسيته ومساحته، وإعادة تعريفه وحصره في المصلى القبلي فقط.
ويضيف أن مشروع القانون يُعد من أخطر المراحل التي يمر بها المسجد الأقصى، ومن شأن تنفيذه أن يضعه في دوامة التهويد، مما يُنذر بتفجير الأوضاع على كل الأصعدة والساحات، باعتباره الصاعق الذي سيُفجر الأحداث بشكل كبير وخطير.
المطلوب لمواجهته
وعن المطلوب لمواجهة المشروع الإسرائيلي، يشدد خاطر على ضرورة التحرك العاجل والجاد عربيًا وإسلاميًا وفلسطينيًا، قبل إقراره في الكنيست، ولاسيما من قبل القوى الإسلامية العالمية والدول الكبيرة، مثل تركيا وماليزيا وإندونيسيا، ومصر، وكل المؤسسات الدولية، لوقف التعدي على الأقصى والمساس بقدسيته وهويته.
ويقول: “يجب على هذه الدول والمؤسسات أن تتحرك بشكل سريع، وأن تبرهن على مكانة وقيمة الأقصى، وأهميته بالنسبة للمسلمين، وأن توصل رسالة واضحة بأن المسجد الأقصى خط أحمر، وأي مساس به سيترتب عليه حراك إسلامي واسع ومؤثر على مستوى العالم”.
ويضيف “هذه رسالة مهمة، وإذا لم تُحسم تلك القضية، فإن ذلك يُشكل ضوءًا أخضرًا للاحتلال للاستمرار في مؤامراته ومخططاته ضد المسجد الأقصى”.
المصدر: صفا
الرابط المختصر https://insanonline.net/?p=142166