منذ تولي حكومة الاحتلال الإسرائيلي اليمينية الحكم مطلع عام 2023، سجل عدد الوحدات الاستيطانية في مدينة القدس المحتلة أرقامًا قياسية غير مسبوقة.
ولم تتوقف الحكومة المتطرفة عن إقرار مشاريعها الاستيطانية في المدينة المحتلة، بل تُواصلها بوتيرة متسارعة، لفرض سيادتها الكاملة عليها، وتغيير تركيبتها السكانية لصالح المستوطنين.
ووافقت “اللجنة اللوائية للتخطيط والبناء” في بلدية الاحتلال بالقدس على مخطط توسيع مستوطنتي “راموت” و”بسغات زئيف” شمال شرقي المدينة، بواقع ٢٤٣٠ وحدة استيطانية، وبناء فندقين يضمان ٥٠٠ غرفة في منطقة جبل المكبر جنوب شرقي المدينة.
ويُعد المخطط الاستيطاني المذكور الأضخم منذ سنوات، حيث يتضمن بناء نحو 20 برجًا من 24 طابقًا في مستوطنة “راموت”، و8 بنايات من 11 طابقًا، وبرجين آخرين من 22 طابقًا في مستوطنة “بسغات زئيف” على أراضي بيت حنينا وحزما.
وتُخصص الحكومة اليمينية المتطرفة ملايين الدولارات من ميزانيتها لصالح المشاريع الاستيطانية، بهدف إيجاد أغلبية يهودية مطلقة بالمدينة المقدسية وتحويل أحيائها وبلداتها إلى معازل في “بحر” من المستوطنات.
أرقام قياسية
الباحث في شؤون الاستيطان فخري أبو دياب يقول إن حكومة الاحتلال تضع منذ توليها الحكم، الاستيطان في القدس على رأس أولوياتها، لذلك تُسابق الزمن لأجل تغيير تركيبتها السكانية، ودفع آلاف المستوطنين للعيش فيها، عبر تنفيذ عشرات المشاريع، والدفع بأخرى للمناقشة والمصادقة عليها.
ويوضح أبو دياب، في حديث خاص لوكالة “صفا”، أن الحكومة المتطرفة سجلت منذ مطلع العام الجاري، أرقامًا قياسًا في عدد الوحدات الاستيطانية، وسلب أراضي المقدسيين، وتوسيع المستوطنات في القدس.
ويبين أن “اللجنة اللوائية للبناء والتنظيم” التابعة لوزارة داخلية الاحتلال صادقت على بناء نحو 18 ألف وحدة استيطانية في القدس المحتلة، خلال 7 أشهر من العام 2023، بعضها بدأ العمل فيها، والبعض الآخر ما زال ينتظر التنفيذ.
ووفقًا للباحث المقدسي، فإن 62% من المشاريع الاستيطانية التي جرى الموافقة عليها، بدأ العمل بتنفيذها على الأرض فعليًا، وتتركز تلك المشاريع في صور باهر، وبيت صفافا، ومستوطنات “جيلو”، و”عطروت”، و”جبل أبو غنيم”، و”بسغات زئيف”.
ومن خلال هذه المشاريع، يسعى الاحتلال إلى سرقة المزيد من الأراضي الفلسطينية، وترسيخ الوجود اليهودي المُختَلق بالقدس، ومحاصرة وخنق التجمعات المقدسية وعزلها عن بعضها البعض، لمنع تمددها وتواصلها جغرافيًا وعمرانيًا.
ويؤكد أبو دياب أن حكومة نتنياهو لا تكترث بانتقادات المجتمع الدولي، بل عازمة على المضي قدمًا في مشاريعها، وتغيير الوضع الجغرافي والديمغرافي في القدس بأسرع وقت ممكن، لصالح المستوطنين.
محاصرة وعزل
ويشير إلى أن الاحتلال يُخطط لتوسيع مستوطنتي “راموت” وبسغات زئيف” شمالي القدس، بمزيد من الوحدات الاستيطانية والأبراج الشاهقة، لغرض بسط سيطرته على مزيد من الأراضي، وفصل المناطق الشمالية عن الضفة الغربية المحتلة.
ووفقًا للمخطط الإسرائيلي، فإن سيتم في مستوطنة “بسغات زئيف” بناء مجمع يضم وحدات استيطانية ووظائف ومساحات تجارية ومبان عالية على مساحة إجمالية تقدر بنحو 130 دونمًا قرب الشارع الرئيس في بلدة حزما شمال شرقي القدس.
وخلال السنوات الماضية، أجرت سلطات الاحتلال على المستوطنة المذكورة المقامة على أراضي بيت حنينا وحزما شعفاط، توسعات كبيرة، لكي تفصل مدينة القدس عن عدة قرى محيطة بها.
ويوضح الباحث المقدسي أن هذا المخطط يهدف لربط المناطق المستهدفة ببضعها البعض، كجزء من مستوطنات “غلاف القدس”، وصولًا لمحاصرة المدينة بحزام أمني واستيطاني يمنع تواصلها مع محيطها الفلسطيني نهائيًا.
و”غلاف القدس” مشروع استيطاني تهويدي يعمل الاحتلال على تنفيذه، بهدف فصل شرقي القدس عن غربها بجدار طوله 11 كلم، وتوسيع حدود بلدية الاحتلال، وعزل أكثر من 200 ألف مقدسي عن ذويهم في باقي مناطق الضفة.
ويلفت أبو دياب إلى أن “اللجنة اللوائية للبناء والتنظيم” تعقد كل يوم اثنين جلسة لمناقشة المشاريع الاستيطانية وإقرارها، ولم تعترض على أي مشروع تم تقديمه منذ بداية العام الجاري.
المصدر: صفا
الرابط المختصر https://insanonline.net/?p=143870