ادفع زكاتك وادعم المجتمع الفلسطيني

“أطفال الحجارة بهروا الدنيا وما في يدهم إلا الحجارة، وأضاءوا كالقناديلِ، وجاءوا كالبشارة. قاوموا.. وانفجروا.. واستشهدوا.. وبقينا دببا قطبيةً صُفِّحت أجسادُها ضدَّ الحرارة…”.
بعض كلمات نزار قباني الممتلئة فخرًا بأبناء الشعب الفلسطيني، والممتلئة بالتقريع لأبناء الأمة الذين تركوه دون أدنى مساعدة!!
والآن:
هل تريد أن تساند هؤلاء الأبطال؟
هل تريد أن تعبّر عن سريان الحرارة في جسدك لأجلهم؟
حسنا..
المسألة بسيطة، ابعث لهم بزكاة مالك، وبذا تكون قد أديت فريضة الله، ودعمت القضية الفلسطينية، وجنيت من هذا الأمر فوائده الدنيوية والأخروية.
أولوية الحاجة
     في البداية يؤكد أ.د فؤاد علي مخيمر (من علماء الأزهر) على أنه إذا اجتمع الفقراء والمساكين (وهما المصرفان الأول والثاني للزكاة) قدمنا أشدهم حاجة. ويشير إلى أنه ليس هناك على الساحة الإسلامية أحوج من الشعب الفلسطيني، فهو أولى بالإنفاق عليه، وبخاصة أننا نعلم أنه شعب محاصر اقتصاديًّا وعسكريًّا ويباد بالليل والنهار قتلا وجرحًا، والأسر مشتتة بلا مأوى ولا طعام ولا كساء ولا غطاء. وإذا اجتمع أيتام المسلمين في العالم قدمنا من هم أشد بؤسًا وفقرًا وحاجة، بغض النظر عن مسميات الدول، فأمة الإسلام أمة واحدة لا تعرف الحدود.
ويؤكد د. مخيمر على أن القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة شدَّدَا على أن المسلمين كيان واحد، مشيرا إلى قول الله تعالى: {إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ} (الأنبياء: 92)، وفي الحديث: “مثل المؤمنين في توادهم وتعاطفهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى”. ففي الحديث عموم، وليس فيه إشارة إلى تخصيص؛ ذلك لأن التخصيص تعصب، والعصبية نبع من الجاهلية، وفي الحديث: “من دعا إلى عصبية فليس منا”.
ويضيف فضيلته: وفي الحديث أيضًا: “إذا نزل العدو بأرض الإسلام كان الجهاد فرض عين على كل مسلم ومسلمة. وإذا كنا ممنوعين عن الجهاد بالنفس؛ فالجهاد بالمال فرض محتم، وبخاصة إذا توفرت القدرة على أدائه، كل بحسب استطاعته”.
نفقات النوافل
ويتابع د. مخيمر قائلا: في ضوء ما سبق بيانه وبالنظر لأولوية حاجة المسلمين أقول: الحج فريضة، والجهاد فريضة، والعمرة واجبة عند الجمهور وسنة عند آخرين، والحج فرضه الله -جلَّت حكمته- في العمر مرة؛ لما فيه من مشقة السفر وبذل المال، فيعد تكرار الحج نافلة.
ويضيف: وهنا يتقدم إنفاق المال على الجهاد على أداء النافلة، وكذلك العمرة متى أُديت مرة فإنفاق ما يبذل فيها على الجهاد أمر واجب، وبخاصة عند تكرارها؛ لأن الجهاد فرض وقد شُرع دفاعًا عن الدين والنفس والمال والعرض وأرض الوطن والمقدسات، ويتأكد وجوبه ويتحتم إذا نزل العدو واغتصب أرض الإسلام، وهذا هو الواقع الذي نعيش فيه على أرض فلسطين واغتصاب المسجد الأقصى.
وينهى بالقول: إن ما ينفق على أداء الحج المكرر (النافلة) والعمرة المكررة (النافلة)، يجب أن يوجه لإغاثة الشعب الفلسطيني الذي يعاني من نقص في الطعام والدواء والمسكن، ويقف أبناؤه عزَّل أمام عتاة الأرض، ورؤيتنا للواقع تغنينا عن الوصف، وإن تركنا العدو وشأنه فسيأتي علينا الدور، وتدور الدائرة على شعوب الأمة المسلمة. ولنا أن نعلم أنه يأثم المسلمون القادرون إن تباطئوا في تقديم الدعم المادي للشعب الفلسطيني المجاهد، أو تعصَّبوا لأهل بلدهم في هذه الآونة الجهادية.
مسئولية جماعية
     ويقول الدكتور محمد سعيد حوى، أستاذ الشريعة في جامعة مؤتة بالأردن: إن دفع الزكاة لأبناء فلسطين من قبل إخوانهم المسلمين في كافة البلدان تعتبر من أعظم الأعمال أجرا، ويؤكد على جواز نقل الزكاة إلى غير بلدها.
وفى هذا يقول: “لقد ثبت أنه كانت ترسل الصدقات إلى المدينة من الأطراف والمدن، ويتصرف بها النبي -صلى الله عليه وسلم- على الوجه الذي يراه مناسبا، والمسلمون وحدة واحدة تتكافأ دماؤهم وأموالهم”. وأما حديث: “تؤخذ من أغنيائهم فترد في فقرائهم” الذي ورد في وصية رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لمعاذ -رضي الله عنه- لما ذهب إلى اليمن، فلم يفهم منه الحصر في فقراء اليمن؛ إذ ثبت أن معاذا قد أرسل إلى رسول الله بعض هذه الزكوات.
ويتابع: إن الواجبات تجاه ما يتعرض له إخواننا في فلسطين كثيرة، منها: إحياء روح الجهاد بكل أشكاله، والضغط الشعبي لإحياء روح المسئولية الرسمية تجاه فلسطين، والدعم المالي بلا حدود لتغطية نفقات أسر الشهداء والمعتقلين، ليثبت إخواننا في جهادهم، فقد لا يكونون بحاجة إلى أفراد من خارج فلسطين بقدر حاجتهم إلى التثبيت، مع إصلاح أنفسنا ليؤهلنا الله لإحياء فريضة الجهاد -إن شاء الله- وما ذلك على الله بعزيز.