طالب العلم.. هل يستحق أموال الزكاة؟

حض الإسلام على طلب العلم، وأكد على كونه فريضة على كل مسلم ومسلمة، باعتباره الطريق إلى تمكين الأمة وعلو شأنها بشقيه الديني والدنيوي، غير أن نفقات التعليم لم تعد باستطاعة الكثيرين من أبناء الأمة في العصر الحاضر، الأمر الذي دعى بعض العلماء إلى القول بأهمية منح طالب العلم مساعدات من أموال الزكاة، فهل هذا يجوز؟
يستحق.. بشروط
يقول الدكتور يوسف القرضاوي: المتفرغ للعلم يأخذ من الزكاة، فإذا ما تفرغ لطلب علم نافع وتعذر الجمع بين الكسب وطلب العلم فإنه يعطى من الزكاة قدر ما يعينه على أداء مهمته وما يشبع حاجاته، ومنها كتب العلم التي لا بد منها لمصلحة دينه ودنياه. وإنما أعطي طالب العلم لأنه يقوم بفرض كفاية؛ ولأن فائدة علمه ليست مقصورة عليه بل هي لمجموع الأمة، فمن حقه أن يعان من مال الزكاة لأنها لأحد رجلين: إما لمحتاج من المسلمين، أو لمن يحتاج إليه المسلمون، وهذا قد جمع بين الأمرين.
ويضيف: ذكر الإمام النووي في المجموع أن المشتغل بتحصيل بعض العلوم الشرعية بحيث لو أقبل على الكسب لانقطع عن التحصيل حلت له الزكاة؛ لأن تحصيل العلم فرض كفاية.
وقال بعض فقهاء الحنفية في حاشية الطحطاوي: يجوز لطالب العلم الأخذ من الزكاة ولو كان غنيًّا إذا فرغ نفسه لإفادة العلم واستفادته لعجزه عن الكسب، والحاجة داعية إلى ما لا بد منه.
ويشير د. القرضاوي إلى اشتراط بعض العلماء في الطالب الذي يأخذ من الزكاة أن يكون نجيبا يرجى تفوقه ونفع المسلمين به، وإلا لم يستحق الأخذ من الزكاة ما دام قادرا على الكسب. وهو قول وجيه تسير عليه الدول الحديثة؛ حيث تنفق على النجباء من طلابها؛ بأن تتاح لهم دراسات خاصة، أو ترسلهم في بعثات خارجية أو داخلية.
ويختم بالقول: وأنا أدعو أغنياء المسلمين والمؤسسات الإسلامية أن تتبنى هؤلاء الطلاب النجباء وتنفق عليهم، فنحن نستثمر هنا القوة البشرية، فأعظم استثمار هو استثمار البشر، فلن ترقى الأمة إلا بهذه العقول النابغة، فلنتح لها أقصى ما يمكن أن تصل إليه هذه العقول النجيبة. ويمكن كذلك وضع وقف لهذا الغرض، ويستثمر دخل هذا الوقف في الإنفاق على هؤلاء النجباء الذين لا يجدون ما ينفقونه، مما قد يتسبب في ضياع هذه المَلَكَة أو الموهبة أو القدرة الخاصة.
سكن للطلبة المغتربين
وحول مشروعية بناء الجمعيات الخيرية مساكن لطلبة العلم المغتربين يقول الشيخ عبد الله بن جبرين، عضو اللجنة الدائمة للإفتاء بالسعودية: لا شك أن طلبة العلم إذا كانوا فقراء أو مساكين حل لهم الأخذ من الزكاة بالنفقة عليهم ولأجرة السكن وأجرة التنقل، وقيمة الكتب التي يُحتاج إليها.
ويضيف: إذا كانت تلك المؤسسة الخيرية تُنفق على الفُقراء واليتامى والغارمين جاز أن يُدفع لها ما تتقوى به على كفالة اليتامى والإنفاق على الأرامل والضعفاء والعجزة ونحوهم؛ رجاء أن يكون عندهم ما يُسبب استمرارهم في تلك المشاريع الخيرية، وقد يكون مبنى السكن لطلبة العلم المغتربين من جملة الأعمال الخيرية التي يعود نفعها لهؤلاء الفقراء المُتفرغين لطلب العلم، فيجوز بناؤه من الزكاة إذا لم يوجد مصارف غير الزكاة.