الزكاة لا تكون إلا من طيب الأموال

عند تقديم الزكاة العينية من جنس ما تجب عليه الزكاة تخالط وساوس الشيطان أنفس البعض وتراودهم على تقديم الزكاة من الزروع أو الثمار أو السلع الأقل جودة واستبقاء الأطيب منها لأنفسهم… فهل تصبح زكاتهم صحيحة عندئذ؟
لا تجوز الزكاة من الرديء
وللإجابة على هذا السؤال يقول الشيخ عطية صقر، رئيس لجنة الفتوى بالأزهر سابقا: إن الأمر بالإنفاق في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ الأَرْضِ} يشمل الإنفاق الواجب والإنفاق المندوب. أي إنه يشمل الزكاة وصدقة التطوع، ولكن الظاهر أن المقصود بالأمر هو: أن يكون الإنفاق من الطيب لا من الرديء، سواء أكان ذلك في الزكاة أم الصدقة. ولذلك جاء النهي في الآية نفسها عن تعمد إخراج الرديء، وذلك بأسلوب قوي حكيم وهو قوله تعالى: {وَلاَ تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلاَّ أَن تُغْمِضُوا فِيهِ}.
وإذا كان لا يرضى أن يأخذ الرديء الخبيث إلا مع امتعاض نفس، فلا ينبغي أن يعطي الخبيث في الزكاة أو الصدقة لغيره من الناس؛ تحقيقا لحديث: “لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه”.
وإذا كانت هناك زروع أو زكاة لهذه الزروع والثمار، وهي مما يخرج من الأرض، فإن الأمر بإنفاق الطيب يشمل: الزروع والثمار، ويشمل غيرها من كل ما يكسبه الإنسان من أي مصدر من المصادر.
ومن أحب الأمور في إخراج الزكاة أن يخرجها الإنسان من الطيب من ماله كما تشير هذه الآية بوضوح، فقد نزلت فيمن كانوا يتصدقون بالخبيث من محصولهم. ومن أحب أمور الزكاة أيضا أن يعطيها سرا لمستحقيها منعا للرياء، ولعدم جرح شعور الآخذين، ولا بأس بإعطائها علنا وجهرا إذا كان الموقف يستدعي ذلك، كالدعوة إلى التبرع، أو تمويل شيء مهم؛ حتى يتنافس الناس في السبق والكثرة قال تعالى: {إِن تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ}. وللنية دخل كبير في مثل هذه الأمور.
ومن الأفضل التعجيل بإخراج الزكاة، ما لم يوجد ما يدعو إلى تأخيرها: كوصول الغائب الذي يستحقها. كما أن من الأفضل أن يخرج أكثر من القدر الواجب ولو بقليل؛ ليتأكد القيام بالحد الأدنى، وما زاد على ذلك فله أجره عند الله.