يتوقف البعض أحيانا أمام حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: “داووا مرضاكم بالصدقة، وحصنوا أموالكم بالزكاة”.. وتدور في ذهنه تساؤلات حول معناه والرسالة والحكمة التي
يتضمنها.
ولإبانة حقيقة ذلك، يقول فضيلة الدكتور محمود عبد الله العكازي أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:
فإن التكافل الاجتماعي لازم من لوازم الأخوة، بل هو أبرز لوازمها، وهو شعور الجميع بمسئولية بعضهم عن بعض، وهو قانون من قوانين الاجتماع الراقي، وعنصر من عناصر الحياة الطيبة يتوقف عليه
كمال السعادة في حياة الأمم، وبقاؤها عزيزة كريمة قائمة بواجبها، نحو مد يد المعونة في حاجة المجتمع، وإغاثة الملهوف، وتفريج كربة المكروب، وتأمين الخائف، وإشباع الجائع، والمساهمة العملية في
إقامة المصالح العامة؛ ولذلك نجد القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة يحثان على الصدقة.
يقول تعالى: {خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها}، ويقول تعالى: “ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون”. وروى الطبراني
حديث: “من أدى زكاة ماله فقد ذهب عنه شره”. وفي حديث آخر: “أقيموا الصلاة، وآتوا الزكاة، وحجوا واعتمروا واستقيموا يستقم بكم”.
وروى ابن ماجة حديث: “يا أيها الناس توبوا إلى الله قبل أن تموتوا، وبادروا بالأعمال الصالحة قبل أن تشغلوا، وصلوا الذي بينكم وبين ربكم بكثرة ذكركم له، وكثرة الصدقة في السر والعلانية
ترزقوا وتنصروا وتجبروا”.
أما الحديث الذي ذكره السائل فقد رواه أبو داود في مراسيله عن الحسن قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ونصه هو: “حصنوا أموالكم بالزكاة، وداووا أمراضكم بالصدقة،
واستقبلوا أمواج البلاء بالدعاء والتضرع”. وقد روي عن جماعة من الصحابة متصلاً، وهو ظاهر في معناه.
ويدل على أن المتصدق المتقي لربه بإخلاص يكون مشمولاً برعاية الله ورحمته، مصداقًا لما ذكرناه الآن في الآية الأولى، ولقوله تعالى: {وَمَن يَّتَّقِ اللهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا . وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ
يَحْتَسِبُ}. فالصدقة تطهر المال، وترفع الأذى عن المزكي.
والله أعلم.
الرابط المختصر https://insanonline.net/?p=68469