المال هو وقود أي عمل خيري مؤسسي يساهم في تنمية المجتمع، وبدونه قد يكون صعبا أن يمارس هذا العمل دوره على النحو المأمول، غير أن تدفق الأموال من المتبرعين إلى المشروعات الخيرية ليس أمرا سهلا، إنما يحتاج إلى جهد منظم من طالب التبرع، حيث يقوم بإقناع المتبرع بمشروعه لكي يموله سواء أكان هذا المتبرع فردا أو مؤسسة. كما أن عليه معرفه القوانين الحاكمة للتبرعات والتي تختلف من دولة لأخرى، إضافة لمعرفة معلومات دقيقة عن المتبرع وتوجهاته، خاصة في ظل ظروف التضييق الدولي على عملية التبرعات.
إن جمع التبرعات في العالم العربي والإسلامي سواء من خلال المؤسسات أو الأفراد أصبحت مهارة تحتاج إلى تعلم وفن؛ فلنستكشف معا بعضا من هذه المهارة لنساعد الراغبين في تنمية المجتمع. وذلك من خلال بحث هام أعده الباحث المصري فؤاد غلاب من مركز العطاء من أجل التنمية وفيه يلقي الضوء بصورة عملية على فن عملية التبرع وما هي الآليات والخصائص الواجب توافرها فيمن يقوم بهذه العملية.
4 خطوات هامة
يؤكد الباحث في بداية بحثه أنه قبل أن نفكر في بدء حملة تبرعات لأي مشروع يجب أولا أن نحدد الهدف من المشروع بحيث يكون واضحا أمامنا وأمام الجمهور المستهدف ويستطرد الباحث قائلا:
هناك أربع خطوات هامة قبل البدء في عملية جمع التبرعات.. أول هذه الخطوات هي اختيار المشروع، حيث يجب على المنظمة أن تختار مشروعا (تربية أيتام، دعم قرية معينة، مساعدة طلاب،…) يؤدي تنفيذه إلى تحقيق أهدافها وأغراضها، وأن يقدّم هذا المشروع خدمات تحتاجها الفئات المستفيدة من نشاطات المنظمة. فأي جهة ممولة تهتم بأن يكون المشروع الذي ستموله يرتبط بشكل وثيق بتوجهات المنظمة التي قدمته.
وللتأكد من ذلك، على المنظمة أن تبحث من خلال هيئتها الإدارية والعاملين فيها مدى ارتباط المشروع الذي تسعى إلى البحث عن تمويل له مع رسالتها ورؤيتها وأهدافها والفائدة التي تستفيد منها الفئات المستهدفة من تطبيق هذا المشروع.
أما الخطوة الثانية فهي تحديد المجالات التي سيتم إنفاق التبرعات فيها، حيث إنه من الأمور التي تسهل حصول المنظمة على الدعم المالي هو وضوحها في تحديد المجالات التي سيتم إنفاق المال فيها، بمعنى أن على المنظمة أن تحدد كافة الجوانب المتصلة بالمشروع والتي ستقوم بإنفاق المال بها، مثلاً سيكون هناك ثلاثة أنشطة في المشروع تحتاج إلى دعم أو أن تنفيذ المشروع يحتاج إلى شراء عدد من أجهزة الكمبيوتر وغير ذلك. وبشكل عام كلما كانت المنظمة دقيقة في التحديد كان موقفها أفضل في طلب الدعم.
فؤاد غلاب
ويضيف الباحث أن الخطوة الثالثة هي إعداد مقترح المشروع، فبعد الانتهاء من الخطوتين السابقتين سيكون قد تشكل لدى المنظمة رؤية واضحة حول المشروع والإجراءات والنشاطات التي تندرج في إطاره؛ وهو ما يسهل عملية إعداد مقترح بالمشروع يتضمن كافة النقاط التي تناولتها المنظمة في الخطوتين السابقتين.
وتكمن أهمية مقترح المشروع في أنه يعطي للجهة الداعمة صورة شاملة عن المشروع وعن إجراءاته والنشاطات التي يسعى لتنفيذها والنتائج المتوقعة منها.
أما الخطوة الأخيرة فهي البحث عن ممول، حيث يؤكد الباحث أنها بالفعل آخر مهمة تقوم بها المنظمة التي تسعى إلى دعم أحد مشاريعها؛ فكل الإجراءات السابقة هي نفسها التي ستقود إلى تحديد الممول (أو مجموعة من الممولين) الذي من الممكن أن يدعم المشروع.
فبعد الانتهاء من إعداد مقترح المشروع سيكون من السهل على المنظمة أن تبحث عن الممولين الذين يقع هذا المشروع ضمن اهتمامهم ومجالات تخصصهم، كما سيكون لدى المنظمة تصوُّر تقريبي حول حجم التمويل الذي تحتاجه، وبالتالي عليها أن تبحث عن جهات تمويلية تقدم دعما ماليا قريبا من الحجم المتوقع لموازنة المشروع. من هو المتبرع؟ يذهب بعض المتخصصين في مجال العمل الخيري إلى أن قطاعات المجتمع الأربعة، التي هي القطاع الأسري بما فيه الأفراد، والقطاع الخاص، والقطاع غير الربحي، والقطاع الحكومي، تشكل مصادر خصبة لتنمية الموارد المالية للجمعيات والمؤسسات الأهلية.
ويعد القطاع الأسري والأفراد المصدر الرئيس لأغلبية التبرعات في العالم العربي والإسلامي، حيث يميل الأفراد إلى التبرع غالبا بصفتهم كأعضاء أسرة.
وأبرز مصادر التمويل المرتبطة بالأفراد والأسر هي:
زكاة المال، وزكاة الفطر، والصدقات والتبرعات النقدية، والتبرعات العينية، والأوقاف، والوصايا. أما متى تطلب التبرع فبعض المنظمات تقدم طلبات التبرع في نهاية كل سنة، وبعضها الآخر يقدم هذه الطلبات على مدار السنة، ولا نستطيع الوصول إلى توقيت مثالي لتقديم طلبات التبرع، ولكن من المفضل ألا يتم طلب التبرع إلا إذا توفرت لديك صورة واضحة عن مشروع نشاط تخطط المنظمة لتنفيذه؛ فعلى ضوء ذلك بإمكانك وضع خطة لجمع التبرعات وتنفيذها. وسائل جمع التبرع نظرا لأن الأفراد هم الفئة الأكثر أهمية في مسألة التبرعات في العالمين العربي والإسلامي؛ لذا فإن الوصول لهم يحتاج إلى وسائل عدة أبرزها ما يلي:
23 وسيلة فاعلة لجمع التبرعات
ولا يدخل الباحث في متاهة التنظير لقضية التبرعات بل يحاول من خلال 23 خطوة عملية تقديم خلاصة الخبرات السابقة في مجال جمع التبرعات ويحدد الباحث خطواته فيما يلي:
1- الاتصالات الشخصية المباشرة، وهي التي تحدث وجها لوجه، وهي الأكثر فعالية؛ حيث إن هناك العديد من الأسئلة التي قد يطرحها المانح، والتي تجد لها إجابة في اللقاء مع المستفيد.
2- حملات طرق الباب Knock at the Door.، حيث يتم من خلال المتطوعين طرق أبواب المواطنين ودعوتهم للمشاركة في التبرع لغايات وأهداف معينة.
3- التبرع من خلال الحملات في الشوارع والأسواق، حيث يقومون بالوقوف عند إشارات السيارات ومفترق الطرق ويجمعون بحصالاتهم ما يجود به المتبرعون.
4- الخطابات الشخصية التي تأخذ الصفة الشخصية البحتة التي يجب إعدادها بدقة متناهية، وتجيب عن جميع الأسئلة التي يمكن أن يطرحها المانح.
5- الاتصالات التليفونية التي تنقل رسالة المؤسسة ببساطة ويسر وتأخذ صفة غير رسمية مع الجهة، سواء أكان فردا أم أسرة، ويتم فيها طلب الدعم والمساندة منهم.
6- المناسبات الخاصة: كالأعياد أو في رمضان، أو المناسبات التي أصبحت متعارفا عليها أو عيد الأم، أو يوم كبار السن وخلاف ذلك، حيث يتم إعداد ترتيب للاتصال بالمانحين.
7- الدعوة للتبرع بوساطة الإعلان بوسائل الإعلام المختلفة، ويتطلب ذلك اعتماد وسائل ذكية لافتة للانتباه في الإعلان بالإضافة إلى البساطة.
8- الدعوة للإسهام في تغطية نفقات الخدمة، كما هو الحال في الدعوة لكفالة اليتيم، أو تغطية تكاليف علاج مريض أو تغطية نفقات تعليم طالب جامعي، أو تكاليف رعاية طالب معاق. وليس هناك من حدود لمثل هذا الإسهام الذي يلاقي صدى في الوطن العربي، على أساس أنه أسلوب مباشر لتقديم الخدمة ومعرفة الغاية التي من أجلها يقدم الدعم.
9- الحفلات السنوية التي تقيمها المنظمات التطوعية التي يدعى إليها الميسورون والمقتدرون والمهتمون بعمل الخير. وتقام في العادة في إحدى القاعات الكبرى، حيث يجتمع الجميع ويقدمون تبرعا للجمعية بالإضافة إلى رسوم المشاركة.
وهناك حفلات أخرى، بالإضافة إلى الحفلات السنوية كأن يكون ذلك حفل إفطار تقشفيا، وقد تأتي الحفلة السنوية ضمن مفهوم موائد الخير الذي يتم فيه تبرع الأغنياء لإقامة موائد إفطار في رمضان للفقراء والمحتاجين.
10- مقترحات المشاريع خاصة عندما تقوم المنظمة التطوعية بتقديم المقترحات المتعلقة بطلب تبرع لإنشاء مشروع أو تكملته، أو تشغيل مشروع طبي أو تعليمي أو اجتماعي. وقد أصبح إعداد المشاريع وصياغتها من أهم الوسائل المعتمدة خاصة من المنظمات المانحة لتقديم الدعم أو مواصلته والمتعلقة بتنفيذ المشاريع الخيرية.
11- الاشتراكات ورسوم العضوية التي تعد ضمن الدخول التي تعتمدها المؤسسة التطوعية في تأمين دخل لإدامة أعمالها، وزيادة الاشتراكات ضرورة ماسة؛ حيث إن قاعدة العضوية المتسعة تسهم من خلال هذه العضوية في الوصول إلى العديد من المانحين والراغبين في الإسهام في دعم أعمال الخير.
12- الأسواق الخيرية والبازارات التي تقيمها المنظمات التطوعية بهدف تسويق منتجاتها كإحدى الوسائل المتاحة لجمع التبرعات.
13- المعارض الفنية، وهي لا تختلف عن الأسواق الخيرية والبازارات، ويسهم في العادة الفنانون برسوماتهم وأعمالهم الفنية بحيث يخصص العائد لأعمال المنظمة التطوعية.
14- بطاقات المناسبات؛ حيث تلجأ المنظمة التطوعية إلى طباعة بطاقات للمناسبات كالأعياد والمناسبات الوطنية وتقوم ببيعها بحيث تعود واردات هذا البيع على أعمال المنظمة.
15- دكاكين وأسواق الخير التي تلجأ إليها المنظمات التطوعية خاصة في المناسبات التي من أهمها شهر رمضان المبارك؛ فتقوم المنظمة بتسويق منتجاتها أو الاستفادة من الذين يشاركون في عرض بضائعهم في هذه الأسواق، وتكون الفوائد التي تحققها هذه الأسواق في الغالب كبيرة.
16- الاستقطاعات الشهرية؛ حيث يتم دعوة الراغبين في دعم المنظمة إلى تخصيص مبالغ معينة من رواتبهم يتم اقتطاعها شهريا من الراتب مباشرة، وتحويلها إلى المنظمة التطوعية.
17- الحملات البريدية التي يتم بوساطتها توجيه رسائل متضمنة قسائم يتم تعبئتها ويرفق بها الدعم الذي يقدمه الفرد في حالة رغبته في تقديم الدعم أو التبرع.
18- الحملات الإعلامية للدعوة إلى دعم المنظمة التطوعية، وذلك عبر وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة.
19- المزادات الخيرية؛ حيث يتم في أثناء الحفل السنوي، أو أي مناسبة تقوم بها المنظمة التطوعية، بيع بعض المجوهرات أو الملابس الوطنية أو الشعبية.
20- حصالة الخير وتوضع في الأسواق أو المدارس، وتستهدف جمع التبرعات من الراغبين في ذلك، وقد تم في الأردن توزيع آلاف الحصالات على الأطفال في المدارس ضمن مشروع القرش الخيري، الذي يدعو المواطنين إلى الإسهام يوميا بقرش واحد، على أساس أن القرش هو أصغر فئة في العملة.
21- ترويج الاسم، ويتم ذلك بالإنفاق مع المؤسسات التجارية أو الصناعية بحيث يتم الإشارة إلى المؤسسة التطوعية، وأن جزءا من مبيعات هذه المؤسسة سوف يخصص للعمل الخيري.
22- طابع الخير والكوبونات التي تقوم بطباعتها المنظمة التطوعية، وتعمل على تسويقها لصالحها.
23- المسيرات والمسابقات الرياضية على جميع المستويات أو أي نشاطات أخرى مشابهة، إن هذه الوسائل ليست هي كل الوسائل المتاحة لجمع التبرعات، بل تلجأ المنظمات التطوعية إلى الإبداع في تنظيم حملات وبأساليب مبتكرة ومن أبرز وسائل التبرع الآن شبكة الإنترنت، حيث ساعد انتشارها عبر قطاعات واسعة في المجتمع على وصولها إلى كل بيت واستغلال الجمعيات هذا الأمر للدعوة إلى التبرع من خلال بطاقات الائتمان.
الرابط المختصر https://insanonline.net/?p=68480