اعتراف إسرائيلي بالتمييز العنصري ضد فلسطينيي 48

رغم الأزمة الاقتصادية التي تمر بها دولة الاحتلال بشكل عام، فإن فلسطينيي الـ48 يظهرون الأكثر تأثرا بهذه الأزمة، وهو ما تكشفه الإحصائيات الإسرائيلية ذاتها، من حيث انخفاض معدلات التوظيف في صفوفهم، وتراجع الأجور مقارنة باليهود.

ورغم أن مستويات غلاء المعيشة باتت قضية مركزية في الحملة الانتخابية للأحزاب الإسرائيلية المتنافسة، فإن الخطاب الانتخابي العام يميل إلى التركيز على ما يواجهه اليهود فقط من مشاكل في السكن والمواصلات وأسعار المواد الغذائية، ويتجاهل حقيقة أن المصاعب الاقتصادية ليست موحدة، بل إنها أكثر شدة وقسوة لدى فلسطينيي الـ48.

نداف دغان المدير المشارك لقسم سياسة المساواة في جمعية أوفيك، كشف جملة من المعطيات الرقمية التي تظهر حجم معاناة فلسطينيي الـ48، ومنها أن “نصف العائلات الفلسطينية تعيش تحت خط الفقر، ويشمل ذلك 58٪ من الأطفال، فيما النسبة لا تتجاوز الـ21٪ من الأطفال اليهود، في حين أن نفقات 40٪ من الأسر الفلسطينية أكبر من دخلها، مقارنة بـ10٪ فقط من الأسر اليهودية، وفيما تساعد دولة الاحتلال العائلات اليهودية لتجاوز معدلات الفقر من خلال منح الحقوق الاجتماعية، فإنها لا تفعل ذلك مع فلسطينيي الـ48”.

وأضاف في مقال نشرته صحيفة يديعوت أحرونوت، وترجمته “عربي21” أن “ربع العائلات الفلسطينية فقط تتلقى مخصصات حكومية، فيما يبلغ معدل التوظيف بين النساء الفلسطينيات نصف معدل توظيف النساء اليهوديات، وبلغة الأرقام فإنها تظهر النسبة 42.5% مقابل 85.2%، وبالنسبة للأجور فإنهن يحصلن على 60% فقط من نظيراتهن اليهوديات، أما بالنسبة للرجال فالوضع خطير، حيث يبلغ معدل توظيفهم 73٪ مقارنة بـ90٪ بين اليهود، وأجورهم في المتوسط أقل بنسبة 45٪ من نظرائهم اليهود”.

وأشار إلى أنه “بين من لديهم نفس المستوى التعليمي، هناك تفاوتات كبيرة، فاليهود الحاصلون على البكالوريوس يكسبون 24٪ أكثر من الفلسطينيين الحاصلين على نفس الدرجة، وحتى لو كسبوا ما يكسبه اليهود، فإن وضعهم الاقتصادي لن يتحسن بشكل كبير دون معالجة تكاليف المعيشة، خاصة في مجال النقل، فالأسر الفلسطينية زادت نفقات المواصلات بـ2.5 ضعف بين 2004 و2017، بسبب الاعتماد على السيارة الخاصة كنتيجة لسياسة حكومية تمييزية تمنع وتؤخر تطوير البنية التحتية الملائمة وخدمات النقل العام في تجمعاتهم السكنية، وانتشار الطرق الضيقة وغياب الأرصفة ومحطات الحافلات والقطارات”.

وتكشف هذه الأرقام “الإسرائيلية” عن سياسة عنصرية ممنهجة ضد فلسطينيي الـ48، وتظهر بين حين وآخر ضدهم، في ظل وجود غطاء حكومي رسمي من قبل الوزارات والجهات الأمنية لهذا التمييز السلبي، رغبة منها في تجسيد شعار “الحفاظ على الطابع اليهودي” للدولة، ما يتسبب في وجود فجوة هائلة، تزداد عمقًا كل يوم، بين الواقع المعيشي للطرفين.. فالفلسطينيون يواجهون ظروفا سيئة، فيما اليهود يتمتعون بكل الامتيازات، وهذا التنافر يولد بشكل متكرر رغبة اليهود بطرح المزيد من المبادرات لإقصاء الفلسطينيين من المواقع التي يستحقونها.

مثل هذه الممارسات العنصرية ضد فلسطينيي الـ48 من شأنها “تسميم” الوضع السياسي في دولة الاحتلال أكثر فأكثر، ومع مرور الوقت فهي تنشئ مجتمعاً ثنائي القومية، يعبّد الطريق أمام تصنيفها بأنها دولة فصل عنصري، وتطبق نظام الأبارتهايد.