خيارات إسرائيلية لمواجهة “عرين الأسود” الفلسطينية

منذ ظهور مجموعة “عرين الأسد” الفلسطينية، ينفذ الجيش الإسرائيلي عمليات عسكرية محدودة شمالي الضفة الغربية المحتلة، في محاولات مكثفة للقضاء عليها قبل أن تتوسع أنشطتها.

ويرى خبراء ومراقبون فلسطينيون أن إسرائيل تستخدم تكتيكات عديدة للتعامل مع المجموعة المسلحة، والتي تعد ظاهرة جديدة في الضفة الغربية، من حيث العمل المنظم، والسرية، وعدم الانتماء لفصيل سياسي بعينه.

ومن بين أبرز هذه التكتيكات، حسب الخبراء، محاولة اختراق الجماعة المسلحة لكشف مخططاتها وإحباطها قبل تنفيذها، وكذلك معرفة عناصرها وقادتها وتنفيذ عمليات اغتيال ضدهم كما كانت تفعل خلال سنوات الانتفاضتين الأولى (1987- 1993) والثانية (2000-2005).

وفجر الأحد، أعلنت مجموعة “عرين الأسود” الفلسطينية المسلحة، عن اغتيال أحد عناصرها في مدينة نابلس (شمال) عبر تفجر عبوة.

وقالت “عرين الأسود”، في بيان: “ترجل في تمام الساعة الواحدة والنصف من فجر (الأحد) فارسا مغوارا وأحد أشرس مُقاتلي مجموعة عرين الأسود الشهيد البطل تامر الكيلاني، حيث وضع الاحتلال الغادر عبوة تي أن تي لاصقة له”.

وأضافت: “نعدكم بكشف تفاصيل عملية الاغتيال، والرد على الاحتلال برد قاس، وندعو أبناء شعبنا ومن يستطيع الوصول إلى نابلس للمشاركة في التشييع اليوم”.

وبالرغم من عدم إعلان إسرائيل مسؤوليتها عن العملية، غير أن وسائل اعلام عبرية ألمحت إلى أن أجهزة الأمن الإسرائيلية تقف خلفية العملية، ووصفت “الكيلاني” بأحد أبرز قادة المجموعة والمسؤول عن تنفذ عمليات ضد أهداف إسرائيلية.

من هم عرين الأسود؟

ظهرت مجموعة “عرين الأسود” علنًا في عرضٍ عسكريّ مطلع سبتمبر/أيلول الماضي في البلدة القديمة بنابلس، وينتمي أفرادها لمختلف الفصائل الفلسطينية.

وقال مصدر فلسطيني مقرب من المجموعة المسلحة للأناضول، إن “عددهم يصل نحو 30 مسلحا، وينتمون لكافة الفصائل الفلسطينية، ووحدهم السلاح الموجه نحو الاحتلال الإسرائيلي، ويتخذون من البلدة القديمة في نابلس مقرا لهم”.

وأضاف المصدر، مفضلاً عدم الكشف عن هويته، أن “المجموعة ترفض أي مساومة لحلها من قبل الأجهزة الأمنية الفلسطينية، وترى بأنها وجدت لكي تقاتل”.

ونفذ مسلحو المجموعة عدة عمليات إطلاق نار ضد أهداف إسرائيلية، أبرزها في الـ 12 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، حين نفذت 5 عمليات إطلاق نار ضد أهداف إسرائيلية أسفرت عن مقتل جندي وإصابة آخرين.

ويعتمد عناصر المجموعة على المباغتة بتنفيذ عمليات إطلاق نار ضد أهداف إسرائيلية وخاصة على الحواجز العسكرية.

ولا يعرف مصادر تمويل الجماعة المسلحة، غير أن مصادر صحفية فلسطينية محلية تقول بأن “كتائب القسام” الجناح العسكري المسلح لحركة “حماس” تدعم المجموعة بالمال والسلاح، وهو ما لم تؤكده أو تنفيه الجماعة.

ورسميا قتلت إسرائيل 4 عناصر من الجماعة المسلحة، آخرهم تامر الكيلاني، وسبقهم مقتل عدد من المطلوبين أبرزهم إبراهيم النابلسي، والذي يعد الصديق المقرب للمجموعة قبل الإعلان رسميا عنها.

كيف تتعامل إسرائيل معها؟

أستاذ العلوم السياسية في الجامعة العربية الأمريكية، أيمن يوسف، قال: “على ما يبدو فإن إسرائيل تعود لسياسة الاغتيالات وبقوة، وهذه العملية (اغتيال الكيلاني) لها خصوصية محورية حيث تم تفجير عبوة وهي حادثة شبيه إلى عمليات اغتيال مشابه لقادة المقاومة في انتفاضة 2000”.

وأضاف يوسف في حديثه لمراسل الأناضول: “إسرائيل بدأت العمل على محاولة إحداث اختراقات أمنية واستخبارية وجمع المعلومات عن المجموعة لتنفيذ اغتيالات”.

وتابع: “إسرائيل ترى في عرين الأسود جماعة مسلحة معادية لا يستهان بها، كما أي تنظيم فلسطيني معاد لها، ولذلك هناك تعاون واضح لأكثر من جهة أمنية وعسكرية إسرائيلية للوصول إلى أفراد المجموعة واغتيالهم”.

وحذر الخبير الفلسطيني من خطورة المرحلة القادمة، وقال “ربما أن السلاح الجديد الذي ستتخذه إسرائيل هو الاغتيال عن بعد حيث أنها غير قادرة على تنفيذ عملية عسكرية واسعة عبر الدبابات لأسباب جيوسياسية في نابلس تحديدا، لذلك ستنتهج نهج الاغتيالات وبأشكال مختلفة وقد يكون هناك مفاجآت”.

عملية الاغتيال مفاجئة

من جانبه، رأى أحمد رفيق عوض، مدير مركز “القدس” للدراسات، التابع لجامعة القدس الفلسطينية، أن “عملية الاغتيال بهذا الشكل شكلت مفاجأة للمقاومة الفلسطينية في نابلس”.

وأضاف عوض: “كان من المتوقع أن تعود إسرائيل لعملية الاغتيالات عبر الطائرات المسيرة مثلا لكن أسلوب العملية في نابلس كان مفاجئا، فقد تم زرع عبوة متفجرة في أزقة المدينة، وهي ذات الطريقة التي يستخدمها الموساد لقتل مطلوبين له خارج فلسطين”.

وتابع: “عملية الاغتيال معقدة وتم التخطيط لها بدقة”.

وأشار عوض، في حديثه لمراسل الأناضول، إلى أن إسرائيل تنتهج سياسة تشديد الحصار على نابلس، لكنها لن تكتفي بذلك بل ستعمل على تنفيذ عمليات اقتحام محدودة، واغتيالات ومحاولة لتنفير الحاضنة الاجتماعية للجماعة.

واستبعد أن تذهب إسرائيل إلى عملية واسعة، غير أنه قال إن” التصعيد سيد الموقف بعد عملية الاغتيال، حيث تخلق مثل هذه العمليات شعوراً معاكساً، يدفع نخو الرد والانتقام”

إسرائيل لن تترك العرين

المختص بالشأن الإسرائيلي، محمد أبو علان، قال إنه “بالرغم من أن إسرائيل لم تعلن رسميا مسؤوليتها عن العملية، إلا أن ما يقرأ بين السطور في الإعلام الإسرائيلي يشير بوضوح إلى ذلك”.

وأضاف أبو علان في حديثه للأناضول، أن “كل التصريحات الإسرائيلية السابقة للعملية تشير إلى أنها تعمل بكل الطرق للتخلص من جماعة عرين الأسود”.

وتابع “إسرائيل فرضت حصارا على نابلس ولم تترك الجماعة المسلحة تعمل وتخطط وتجمع السلاح دون فعل ضدها”.

وذكر أن “إسرائيل سعت لاستدراج الجماعة، ومحاولة استنزاف مدينة نابلس عبر الحصار الذي بدأ وقد يستمر إلى أجل غير مسمى”.

ورأى أنه “إذا ما نفذت الجماعة عمليات أخرى تخلف خسائر في صفوف الجيش الإسرائيلي أو المستوطنين من المؤكد فإن قوات الاحتلال ستنفذ عملية عسكرية قد تكون مركزة وخاطفة”.

واعتبر أن “كل المؤشرات تقود إلى أن إسرائيل لن تترك الجماعة المسلحة”.

المصدر: الأناضول