تُفرغ الأحزاب الإسرائيلية المتطرفة جام غضبها من قرار منع شطب التجمع الوطني الديمقراطي من قوائم المرشحين لخوض الانتخابات، الذي اتخذته المحكمة العليا مؤخرًا، بحملة تحريض خطيرة ضده، وصلت لحد العلاقات الشخصية والأسرية والنيل من زوجات وأبناء المرشحين.
وتتصاعد حملة التحريض، منذ صدور القرار الذي جاء بعد قدرة التجمع، وهو أكبر الأحزاب الفلسطينية شعبية بالداخل الفلسطيني المحتل، على إثبات سياسية شطب لجنة الانتخابات له، ومخالفتها للقانون.
وتشبه الحملة التي يواجهها التجمع، تلك التي تعرضت لحالها الحركة الإسلامية الشمالية برئاسة شيخ الأقصى رائد صلاح، قبل صدور قرار حظرها عام 2015.
والتجمع الوطني الديمقراطي واحد من ثلاثة قوائم عربية ستخوض انتخابات الكنيست منفردة، بعد انشقاقها عن القائمة العربية المشتركة، التي خاضت تحت مظلتها كل الأحزاب انتخابات الكنيست، طول السنوات الماضية.
وتأسس التجمع الوطني عام 1995 إثر اتحاد عدة حركات سياسية هي: أبناء البلد، القائمة التقدمية للسلام، وحركات سياسية أخرى، وهو يدعم حل القضية الفلسطينية على أساس قرارات الأمم المتحدة المتعلقة بها.
زجها بالتطرف
ولم تبدأ حملة التحريض ضد التجمع مع قرب انتخابات الكنيست المقبلة المقررة مطلع نوفمبر القريب، فقد سبق وأن واجهت حملات واستهداف لنواب عنها، كان أبرزهم حنين زعبي وجمال زحالقة الذين تم اعتقالهم سابقًا وتعريضهم للمحاكمة، بالإضافة لتعرضهم للاعتداء بالضرب من قبل مستوطنين وقوات من شرطة الاحتلال.
وينشر رؤساء أحزاب الاحتلال التي ستخوض الانتخابات، مقالات مسمومة في الصحافة العبرية، تستهدف التجمع خاصة، والفلسطينيين بالداخل والضفة خاصة.
ومن المقالات، ما نشره رئيس الشاباك الأسبق يوفال ديسكين، في صحيفة “يديعوت أحرونوت”، والتي ربط فيها بين المتطرف إيتمار بين غفير والتجمع الوطني الديمقراطي، زاعمًا “أن كلا الطرفين هم محاصيل برية أيديولوجية، تمت شرعنتها للأسف الشديد وحظيت بتمثيل سياسي”.
ولم يوضح ديسكين وجه الشبه بين الفاشية والعنصرية التي يمثلها بن غفير، وبين التجمع الوطني الديمقراطي الفلسطيني، ما يعكس أنه يريد الزج به في مستنقع التطرف فقط.
استهداف عائلاتهم
وفي مقال في صحيفة “ماكور ريشون” العبرية، حرّض يشاي فريدمان على التجمع مستهدفًا مرشحه الرابع وليد قعدان، كونه صهر أمين عام الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين الشهيد أبو علي مصطفى، الذي اغتاله الاحتلال الإسرائيلي بداية انتفاضة القدس والأقصى.
وقال في تحريضه “إن أبناء قعدان وُلدوا عندما كان أبو علي مصطفى نائبًا لجورج حبش، أي في الفترة التي كان فيها قياديًا كبيرًا في المنظمة الإرهابية، وبعد تصفية أمين عام الجبهة الشعبية، توجه قعدان إلى بيت مصطفى في عرابة جنين وزار عائلة زوجته”.
واستغرب فريدمان-من باب التحريض عليهم- “أن أبناء عدان يعبرون عن محبتهم لجدهم الشهيد وينشرون صوره في صفحاتهم في الشبكات الاجتماعية”.
كما زج رؤساء أحزاب الاحتلال، بالعلاقات الشخصية والأسرية وزوجات وأبناء المرشحين، في حملات التحريض، عبر الدعوة إلى “وجوب فصلهم من الجامعات ومنعهم من التعليم”.
وتعقيبًا على استهدافه، قال قعدان في بيان صادر عنه: إنه “لا حدود ولا قاع لوقاحة الصحافة الإسرائيلية وصحافة المستوطنين، كل شيء عندهم مباح من أجل التحريض والعنصرية وسفك الدماء”.
وأضاف “لا يمكن أن أزج بعائلتي وعلاقاتي الشخصية في الحياة السياسية والحملات الانتخابية، يزعجني جدًا أن تتحمل عائلتي وزر وضاعة المستوطنين والعقلية الصهيونية، ولكن لا يثنيني عن تلبية نداء الواجب وإنجاح قائمة التجمع”.
كما يتعرض النائب سامي أبو شحادة لحملة تحريض خطيرة، استهدفت شخصه، وقد تقدم التجمع مؤخرًا بطلب مستعجل للجنة الانتخابات المركزية للكشف عن هوية الجهة التي تقف وراء إرسال وتمويل رسائل نصية محرضة، والتي تهدف لتشويه سمعة أبو شحادة.
بين تصاعد الشعبية والملاحقة
ويصف النائب عن التجمع سامي أبو شحادة لوكالة “صفا” حملات التحريض، بأنها تثبت رغبة ومخططات إسرائيلية لمحو القيادات الفلسطينية بالداخل، واستهداف حق الفلسطينيين باختيار من يمثلهم.
ويقول: “إن هذه الحملات هي محاولات لضرب تمثيل التجمع ومرشحيه، على أثر تصاعد قوته وشعبيته، والتي تقض مضاجع الاحتلال ممثلًا بأحزابه السياسية”.
وينوه إلى أن استهداف شخصه ومن بعدها النائب قعدان، هي محاولة أخرى لإسكات صوت التجمع ولضرب طرحه العادل والديمقراطي والتقدمي الذي يحرج عنصرية “إسرائيل” ويفضح سياسات التمييز العنصري والقمع والاضطهاد.
ويرى أبو شحادة أن وتيرة التحريض تزداد مع الارتفاع الذي يحققه التجمع قبيل الانتخابات والالتفاف الجماهيري حوله وحول قائمته البرلمانية وطرحه السياسي.
نتائج عكسية
ومن وجهة نظر أبو شحادة، فإن “إسرائيل” تعتقد بأنها بحظر الحركات واستهداف الأحزاب، يمكنها أن تمحو القضية الفلسطينية، كما فعلت مع حظر الحركة الإسلامية الشمالية، وما تفعله مع التجمع منذ سنوات.
ويستدرك “لكن هذه الممارسات تزيد من شعبية الحزب المستهدف، وتؤثر عكسيًا بالنسبة للمؤسسة الإسرائيلية في القضايا الوطنية، بمعنى أن الثوابت ثابتة وتزداد ثباتًا لدى الفلسطينيين بالداخل”.
وأعلنت المؤسسة الإسرائيلية الحركة الإسلامية كحركة خارجة عن القانون بقرار تم تنفيذه صبيحة 17/11/2015، وشمل حظر نحو 20 مؤسسة تصنفها المؤسسة الإسرائيلية على أنها أذرع وجمعيات للحركة الإسلامية.
وبالرغم من هذا القرار وملاحقة قيادات الحركة إلى اليوم، إلا أن شعبيتهم كممثلين، تزداد وسط فلسطينيي الداخل، ولهم تأثير كبير، خاصة فيما يتعلق بقضايا الصراع على الأرض والمسكن وقضايا المقدسات.
يُذكر أن بلدات الداخل تشهد مهرجانات حاشدة تؤيد التجمع، خاصة في أم الفحم وباقة الغربية وكفر مندا وجديدة المكر والناصرة وغيرها، وهو ما دفع للحملات الإسرائيلية ضده.
المصدر: صفا
الرابط المختصر https://insanonline.net/?p=137858