كيف يسرق الاحتلال أراضي سلوان لبناء قبور وهمية؟

تعتبر زراعة القبور الوهمية أحد الأساليب التي تتبعها سلطات الاحتلال (الإسرائيلي) للسيطرة على الأراضي الوقفية، بالإضافة لأراضي الفلسطينيين في مدينة القدس المحتلة لاسيما في حي سلوان وتحديدا المنطقة الواقعة بين وادي حلوة والربابة وهضبة سلوان.

وتُكثّف سلطتا حماية الطبيعة والآثار (الإسرائيليتان) نشاطهما في زراعة قبور وهمية شرقي القدس تارة، ويخفت نشاطهما تارة أخرى، لكن قلق المقدسيين الذين يسكنون بمحاذاة هذه القبور يتنامى في ظل خشيتهم من ترحيلهم بعد هدم منازلهم بحجة إنشائها على مقابر يهودية قديمة.

ونال حي وادي الربابة ببلدة سلوان -جنوب المسجد الأقصى- حصة كبيرة من زرع القبور الوهمية على امتداد المنحدر الذي تبلغ مساحته أربعين دونما، وزُرع حتى الآن أكثر من ألف قبر وهمي.

ولا بد من الإشارة إلى أنه بعد العام 1967 واحتلال القدس، استولت سلطات الاحتلال على عشرات الدونمات الإضافية من الأراضي، وحولتها إلى مقابر ومدافن يهودية حديثة، وأخرى مستحدثة لم تكن من قبل، ولم تكن تحوي شواهد أو بقايا عظام موتى، وذلك لخدمة الاستيطان والتهويد.
وعلى مدار سنوات ماضية، نفذ الاحتلال عمليات تزييف كبيرة للتاريخ والآثار والجغرافيا والمسمّيات العربية الإسلامية بالقدس، في سبيل شرعنة القبور اليهودية الوهمية واصطناع منطقة يهودية مقدسة.

ويُشرف على تخطيط وتنفيذ زرع القبور الوهمية كل من بلدية الاحتلال، وما يسمى بـ” سلطة تطوير القدس”، ووزارة البناء والإسكان، وو”سلطة الآثار”، و”جمعية إلعاد” الاستيطانية، و”سلطة الطبيعة والحدائق القومية”، و”جمعيات وشركات الدفن اليهودية”.

كما أن الأراضي التي تزرع فيها القبور الوهمية تم مصادرتها بعد احتلال القدس واعتبرت ضمن أملاك الغائبين.

وتعتبر القبور الوهمية فارغة لكن تكتب عليه أسماءً معينة جمعياتٌ استيطانيةٌ ومؤسسات الاحتلال، كما جرى في الشهور الأربعة الأخيرة حين عادوا لنثر القبور في المنطقة الأحدث لهم والمطلة على المسجد الأقصى.

وعلى مدار السنوات الماضية حُولت ملكيتها لجمعيات استيطانية ولسلطات حكومية ومحلية، ومنطقة القبور الجديدة في سلوان عبارة عن موقف لمركبات السكان منعوا من استخدامها لتبدأ تلك المؤسسات زراعة القبور فيها.

ومع بناء الحجر الأول اعترض السكان مطالبين بإظهار ترخيص البناء، فتم وقف العمل لفترة مؤقتة ثم استكملت جمعيات الاحتلال أعمالها وانتقلت للأرض الملاصقة وتم تسويتها وزراعة القبور فيها دون الحصول على التصاريح بدعوى أنها كانت مقابر لليهود ويتم الآن إعادة تأهيلها.

يذكر أنه تمت حراثة الأرض وتسويتها ووضع التربة الحمراء الدخيلة على بلدة سلوان وبناء قبور مثبتة بالباطون أو وضع حجارة ضخمة بشكل موزع على مساحات متفرقة من الأرض وكتابة أسماء باللغة العبرية على بعض الحجارة ووجود يافطتين بالعربي والعبري تحمل اسم المقبرة وبهذا الشكل يتم الاستيلاء على الأرض دون عناء.

وتعتبر المقابر الوهمية بعد ذلك مكانا مقدسا لا مجال للنقاش فيه ولا حاجة للتراخيص ولا دخول جدال الملكية، وفي المقابل السلطات ذاتها التي تبني قبورا وهمية تهدم قبورا حقيقة لمسلمين بعد نبشها وبناء حدائق فوق رفاتهم.

***مقابر استثمارية

ومن الأراضي التي زرعت بالقبور الوهمية في وادي الربابة كانت مقبرة إسلامية منذ عقود طويلة، لكن سلطات الاحتلال هاجمتها لسرقتها ونقلت إليها الأحجار والإسمنت والحديد لعمل مقبرة لهم ضمن مسلسل الاعتداء على أراضي الوقف الإسلامية الذي يهدف لطمس الهوية العربية الإسلامية للمدينة.

يقول حسن خاطر المختص في الشأن المقدسي إن ما تسعى إليه الجمعيات الاستيطانية بدعم من سلطات الاحتلال واضح، وهو محاولة طمس الهوية العربية والإسلامية عن القدس، حيث أن الجزء الشرقي من المسجد الأقصى يطل على أكبر مقبرة يهودية سرقت أرضها من المقدسيين وتضم مقابر فارغة وأخرى تحوي رفات يهود من حول العالم.

ويوضح خاطر “للرسالة نت” أن المقابر التي يستولي عليها الاحتلال يضع فيها قبورا وهمية ليجعل لكيانه قيمة تاريخية، بالإضافة إلى أن تلك المقابر الوهمية يوصي شخصيات يهودية حول العالم بالدفن فيها على اعتبار أنهم رجال دين، من أجل أن يستغلها الاحتلال للمتاجرة فيها.

ولفت إلى أن هناك سببا آخر لزراعة القبور الوهمية وهي السيطرة على مساحات كبيرة من الوقف الإسلامي في القدس، وإبقاؤها جاهزة للتجارة وبيعها لشخصيات من حول العالم، مؤكدا أن الهدف من وجودها سياسي وتهويدي كونها تساهم في إيجاد مشهد عام للمدينة المقدسة.

وعن كيفية زراعة القبور الوهمية في أراضي الوقف الإسلامي، ذكر خاطر أنها تكون عبر إحداث حفرة بعمق 35 سم وقطرها 40 سم يثبت بها قضبان حديدية، ثم يصب الإسمنت ويوضع حجر فوقه، ويرش حول القبر تراب أحمر قديم لتظهر وكأنها قبور منذ مئات السنين.

وتتعمد سلطات الاحتلال نقش نجمة داود على كل حجر يُثّبت في مدخل كل مقبرة وإن كانت وهمية، على الرغم من وجود وثائق بدائرة الأوقاف الإسلامية بالقدس تدلل على وقفية هذه الأراضي.

المصدر: الرسالة نت