تحدث مركز بحثي إسرائيلي، عن ظاهرة المقاومة الفلسطينية في شمال الضفة الغربية والتي تمثلت في نموذج “عرين الأسود” في نابلس و”كتيبة جنين” في مخيم جنين، مؤكدا أنهما “يمثلان نموذجا للاقتداء” للشباب الفلسطيني الذي مل الاحتلال و”فساد” السلطة الفلسطينية.
وأوضح “مركز بحوث الأمن القومي” التابع لجامعة “تل أبيب” العبرية، في تقديره الاستراتيجي الذي أعده يونتان تسوريف، أن كلا من جيش الاحتلال الإسرائيلي وأجهزة أمن السلطة الفلسطينية، مارسا الضغط على “عرين الأسود” و”كتيبة جنين”، من أجل إضعافهما في محاولة لإنهاء هذه الظاهرة.
ونوه المركز، في تقديره الذي يأتي ضمن نشرة استراتيجية يصدرها بشكل شبه دوري بعنوان “نظرة عليا”، إلى أنه نتيجة الضغط والملاحقة وتصفية بعض قادة المقاومة في شمال الضفة، فقد قل حجم نشاط تلك المجموعات كـ”مركز للمقاومة”.
وأكد أن مجموعات المقاومة سابقة الذكر “تركت إرثا قتاليا ونموذجا يحاول الكثير من النشطاء، حاليا، كأفراد في أماكن مختلفة في الضفة الغربية الاقتداء به”.
ورأى أن من بين الأمور على المستوى الفلسطيني، التي دفعت “عرين الأسود” و”كتيبة جنين” للعمل ضد جيش الاحتلال والمستوطنين الذي يتحركون في الأراضي الفلسطينية دون عائق (قتل واعتقال وانتهاكات واقتحامات)، هو “الفساد” الذي ضرب السلطة الفلسطينية و”الضعف القيادي وانعدام الأفق السياسي أمام الفلسطينيين، مع فشل مسيرة “أنابوليس” (السلام)، وإزالة خيار المفاوضات عمليا والتسوية السياسية من قبل حكومات كيان إسرائيل”، لافتا إلى أن كل ما سبق شكل “مادة اشتعال متراكمة”.
وبين أن “حركة “فتح” ومنظمة التحرير ومعهما السلطة، وهؤلاء يمثلون قطبا واحدا، يواصلون الاعتماد على القواعد التي تقررت في اتفاقات أوسلو كالفكر الأساس، بما في ذلك السعي لمفاوضات سياسية، والتنسيق الأمني والعلاقات الاقتصادية مع كيان إسرائيل”.
وذكر المركز، أنه في ظل غياب الوحدة الفلسطينية، تصبح مجموعات المقاومة مثل “عرين الأسود” و”كتيبة جنين”، مما ليس لديها بنية تنظيمية، هدفا لجهاز أمن الاحتلال، موضحا أن “التأييد الشعبي لهذه المجموعات والتغطية الإعلامية الكبيرة لأعمالها (ضد الاحتلال)، وانشغال كيان إسرائيل المكثف بهذه الظاهرة، زاد من شهرتها في نظر العديد من الشباب وجعلتها نموذجا للاقتداء”.
ولفت إلى أنه من بين المقلدين لمقاومة “عرين الأسود”، الشهيد عدي التميمي، منفذ عملية حاجز شعفاط يوم 8 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، التي أدت لمقتل مجندة إسرائيلية، وفشلت قوات الاحتلال في الوصول إليه مدة 10 أيام، حتى قام بتنفيذ عملية إطلاق نار أخرى في مستوطنة “معاليه أدوميم” في الـ19 من ذات الشهر، واستشهد وهو يواصل إطلاق النار.
ونموذج آخر للاقتداء، هو الشهيد محمد الجعبري، منفذ عملية إطلاق النار في مستوطنة “كريات أربع” في الخليل يوم 29 تشرين الأول/ أكتوبر، والتي قتل فيها المستوطن رونين حنانيا.
وبحسب الدراسة الإسرائيلية، فإن ما قام به كل من التميمي والجعبري، هو “دليل على الاستعداد للتضحية”، كما أنه انكشف “سلوك مشابه لمنفذي عمليتي دهس آخرين، حيث إنهما واصلا العمل حتى بعد أن أصيبوا؛ دهس مزدوج”.
ونبه إلى أن “تواتر العمليات من هذا النوع، يأتي بالتزامن مع النقد الحاد الموجه للسلطة، ومحاولات رئيسها التمترس في الحكم؛ حيث تسبب قرارات عباس (محاولات قضم القضاء وحل نقابة الأطباء في الضفة)، بفجوة كبيرة بينه وبين الجمهور، بينما الهياج ضده يتزايد وكذا الترقب لرحيله”.
وفي الجانب الإسرائيلي، ذكرت الدراسة أن “هذه فترة انتقالية تتميز بشلل سياسي، وتعزز الفهم المتبلور منذ زمن بعيد في أوساط الفلسطينيين، أن إسرائيل لن تعترف بهم كشعب لديه حق في تقرير مصيره، وليس من مصلحتها الدفع قدما بحل الدولتين أو المعالجة الناجعة لعنف المستوطنين ضد الفلسطينيين وممتلكاتهم، وهكذا تساهم إسرائيل كثيرا في تسريع سياقات التفكك في الساحة الفلسطينية”.
وأكد المركز، أن “رجال “عرين الأسود”، يسعون لرفع القضية الفلسطينية ووضعها في مكان بارز على جدول الأعمال، ويؤكدون للسلطة أنهم ملوا دورها كعميلة مع الاحتلال الإسرائيلي، وأنه لا يحتمل مواصلة التنسيق الأمني مع كيان إسرائيل، إضافة إلى ضرورة وضع حد للفساد في مؤسسات السلطة وخلق حلول”.
وشدد على أهمية أن تعمل تل أبيب حاليا، على “إعادة تقويم سياستها، فهل الامتناع عن الحوار مع الجانب الفلسطيني أجدى أمنيا؟، وإلى أي مدى ردع محافل فلسطينية عن تنفيذ عمليات؟، هذه المراجعة يفترض أن تشير للحاجة إلى إعادة إطلاق علاقاتها مع الفلسطينيين، والإعلان عن عباس أو من سيحل محله ويسير في طريقه، كشريك والاستعداد للبدء في حوار معه لأجل إحلال الاستقرار”.
وأشار إلى أن الحكومة اليمينية القادمة برئاسة بنيامين نتنياهو، تريد من الفلسطينيين أن “يسلموا بالحكم الإسرائيلي، مع استمرار مشروع الاستيطان”.
وتساءل المركز: “كيف تمنع انفجارات مواجهات في أماكن مختلفة في المنطقة ذاتها في واقع تعيش فيه جماعتان سكانيتان معاديتان، في حين أن الغضب الوطني الفلسطيني يعتمل بشكل دائم؟، كيف يمنع انفجار واسع بين جماهير فلسطينية غير مسلحة؟”.
ولفت إلى ضرورة أن “الحكومة الجديدة، ستحاكم وفقا لمدى الهدوء الذي سيسود في المناطق، أما في الساحة الدولية، فستحاكم الحكومة وفقا لمعاملتها مع الفلسطينيين”.
الرابط المختصر https://insanonline.net/?p=138466