معاقبة شركات المستوطنات تفجر أزمة بين الاحتلال وبلجيكا

أعربت أوساط دبلوماسية وسياسية في دولة الاحتلال، عن غضبها من توجه بلجيكا الجديد لإعداد قائمة عقوبات على الشركات العاملة في المستوطنات الإسرائيلية، عقب تقرير أصدرته لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في ما يتعلق بالشركات العاملة في المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة.

جاء ذلك على لسان وزير الاقتصاد البلجيكي “بيير إيف دارمانير” في البرلمان، مطالبا بضرورة تثقيف المستهلكين في بلاده حول مصدر المنتجات القادمة من الأراضي المحتلة، ما حدا بمسؤولين إسرائيليين لوصف هذه التصريحات بأنها لوزير يتبع حزبا مناهضا لإسرائيل، وسنعمل على إفشالها.

إيتمار آيخنر المراسل السياسي لصحيفة يديعوت أحرونوت، ذكر أن “الوزير البلجيكي دارمانير، ورداً على سؤال في لجنته البرلمانية، كشف أنه طلب من مكتبه تثقيف المستهلكين والموزعين في بلاده بمصدر المنتجات من الأراضي المحتلة من أجل توعيتهم بمسؤوليتهم الاجتماعية، ويأتي ذلك القرار بعد نحو عام من تطبيق قرار أوروبي بوسم المنتجات المصنعة في المستوطنات، من أجل التمييز بين دولة الاحتلال والمناطق الفلسطينية المحتلة”.

وأضاف أنه “كجزء من القرار في البلاد، فستقوم الجمارك البلجيكية بمداهمات الشحنات القادمة من إسرائيل للتحقق من أن هذه البضائع تم تصنيعها في المستوطنات أم لا، كما إنهم سيقومون بمداهمات للمتاجر التي تبيع منتجات المستوطنات، وسيدعمون القائمة السوداء لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة للشركات والكيانات العاملة في المستوطنات، ويطبقون البنود الإقليمية على أي اتفاق مع إسرائيل حتى لا ينطبق على المستوطنات”.

وأشار إلى أنه “طالما كانت بلجيكا واحدة من أكبر الدول في الاتحاد الأوروبي الداعية لتمييز المنتجات القادمة من المستوطنات، لكنها لم تنفذ ذلك بنفسها، وفي وقت حرب غزة 2021، قالت وزيرة الخارجية السابقة صوفي فيليمز إن بلجيكا ستعمّق سياسة التمايز بين إسرائيل والأراضي المحتلة التي أعلنها الاتحاد قبل عدة سنوات، وقد أيدت بلجيكا طلب الفلسطينيين الحصول على رأي بشأن شرعية “الاحتلال الإسرائيلي المستمر” من محكمة العدل الدولية في لاهاي”.

وأكد أنه “في حزيران/ يونيو، ألمح رئيس الوزراء البلجيكي ألكسندر دي كروا، أن بلاده تدرس إمكانية منع المنتجات من المستوطنات، لكن في اليوم التالي أوضح مكتبه أن الدولة لن تطلق مبادرة جديدة في هذا المجال، وستعمل فقط في حدود توجيهات الاتحاد الأوروبي، فيما رد المسؤولون السياسيون في تل أبيب بأننا لسنا أمام مبادرة بلجيكية مطروحة على جدول الأعمال، لكنها رد على سؤال وزير من حزب يساري مناهض لإسرائيل دفعه أعضاء في البرلمان من حزب يساري أكثر تطرفاً للزاوية، وسفارتنا في بروكسل تراقب الأمور عن كثب، وتمنع أي مبادرة قد تطرأ”.

يؤكد التوجه الذي كشفه الوزير البلجيكي أن مسار توتر العلاقات بين تل أبيب وبروكسل ليس وليد اللحظة، فقد وصل ذروته في سنوات سابقة حين دعت الأخيرة حين ترأست مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة كبير مستشاري الرابطة الدولية لحقوق الطفل في فلسطين، الذي ألقى خطابا أمام أعضاء مجلس الأمن بشأن جلسة حول حقوق الأطفال الفلسطينيين تحت واقع الاحتلال الإسرائيلي، ما أثار غضبا واسعا في إسرائيل.

في الوقت ذاته، تتهم دولة الاحتلال بلجيكا بأنها انتهجت في السنوات الأخيرة خطا هجوميا ضدها في الأمم المتحدة، تسبب في وصول التوتر إلى مستويات قياسية بينهما، حتى إنهما شهدتا تبادل اتهامات، وصلت ذروتها باستدعاء مساعد السفير البلجيكي في تل أبيب مرتين لوزارة الخارجية، مقابل استدعاء سفير الاحتلال في بلجيكا لوزارة خارجيتها.

وفي وقت لاحق، أصدرت بلجيكا قرارا يلزم الشركات المحلية بـ”وسم” بضائع المستوطنات الإسرائيلية المقامة على الأراضي الفلسطينية المحتلة، ويقضي الوسم بوضع علامات واضحة على المنتجات، تشير بوضوح إلى أنها منتجة في مستوطنات إسرائيلية، مقامة على الأراضي الفلسطينية المحتلة، ما شكل صفعة قوية لحكومة الاحتلال، ودفع بنائب وزير خارجيتها إيدان رول إلى إلغاء اجتماعه مع وزارة الخارجية وبرلمان بلجيكا، احتجاجا على القرار، زاعما أنه يقوي المتطرفين، ولا يعزز السلام في المنطقة، ويجعل من بلجيكا عاملاً لا يساهم في الاستقرار في الشرق الأوسط”.