فتح اختيار عضو الكنيست المتطرف، رئيس حزب “قوة يهودية”، إيتمار بن غفير، لتولي حقيبة الأمن الداخلي لدى الاحتلال مع صلاحيات موسعة الكثير من التساؤلات، حول دلالات وتأثير ذلك على الفلسطينيين في كافة الأراضي المحتلة.
وتسبب الاتفاق الذي توصل إلي المكلف بتشكيل الحكومة الإسرائيلية الجديدة، بنيامين نتنياهو، مع رئيس حزب “عوتسما يهوديت” (قوة يهودية)، ليلة الجمعة الماضي، بحالة من القلق الكبير لدى العديد من أبرز قادة الاحتلال، وفق ما نقله موقع “i24” الإسرائيلي.
صلاحيات
وجرى التوقيع على “ملحق مهام” باتفاق ائتلافي بين “الليكود” و”عوتسما يهوديت”، ووفقا للاتفاقية، فسيحصل حزب بن غفير على منصب وزير الأمن القومي (وزير الأمن الداخلي الموسع)، ووزير تطوير الجليل والنقب ووزير التراث، ونائب وزير الدولة، رئيس “لجنة الأمن الداخلي” ورئيس “لجنة صندوق إسرائيل بالتناوب”.
وبموجب الاتفاق فإنه سيتم إنشاء “حرس وطني” واسع النطاق يتمثل دوره في إعادة السلطة والسيطرة إلى الشوارع، وستشمل صلاحيات وزير الأمن الداخلي، من بين أمور أخرى: الشرطة الخضراء، وسلطة تطبيق الأراضي، و”حرس الحدود”.
وذكر الموقع، أنه “من الآن فصاعدا، سيُطلق على وزارة الأمن الداخلي اسم “وزارة الأمن القومي”، وسيرأسها بن غفير الذي سيكون أيضا وزيرا في الكابينت، وعضوا في اللجان الوزارية المختلفة، وسيتسلم حزب بن غفير رئاسة “لجنة الأمن الداخلي”، ورئاسة “لجنة صندوق الإسرائيليين” بالتناوب، ونائب وزير في وزارة الاقتصاد”.
اقرأ أيضا:
حازم سالم.. طفل حلم باللعب بأمان فمزقه صاروخ الاحتلال وتعليقا على الاتفاق، قال عضو الكنيست بن غفير: “اتخذنا خطوة كبيرة لتوقيع اتفاق ائتلافي كامل، لتشكيل حكومة يمينية كاملة”، مضيفا أن “هذا الاتفاق سيتيح لنا تحقيق وعودنا الانتخابية، من أجل أمن وتعزيز النقب والجليل، أدعو جميع الأحزاب اليمينية إلى تشكيل حكومة يمينية كاملة في أسرع وقت ممكن، يجب ألا يحكم يائير لابيد وبيني غانتس إسرائيل ليوم آخر”.
وعن دلالات منح بن غفير حقيبة “الأمن القومي” بصلاحيات موسعة، أوضح الخبير في الشؤون الإسرائيلية، أليف صباغ، أن “هذه الوزارة (الأمن الداخلي سابقا)، هي المسؤولة عن الأمن داخل مناطق الـ48 وعن الشرطة، وتمتلك علاقة مع الشاباك ومسؤولة عن القدس المحتلة”.
وأضاف في حديثه لـ”عربي21″: “كل ما يخص المسجد الأقصى المبارك واقتحامات المستوطنين، وأيضا كل ما يخص الشرطة وانتهاكاتها بحق الفلسطينيين في الداخل المحتل، سيكون ضمن صلاحيات الوزير (بن غفير)، إضافة لما يسمى بمكافحة العنف”.
مواقع ساخنة
وأكد صباغ، أنه “ستكون هناك جولات مواجهة كبيرة وخطيرة مع الوزير والشرطة، علما بأن مدير عام جهاز الشرطة في الماضي هو من كان يخطط سياسة الشرطة ويوجهها، أما بموجب الاتفاقية، فالوزير هو الذي سيرسم سياسة مدير عام الشرطة، وبن غفير سيحاول تنفيذ ما وعد المستوطنين به وما رسمه هو ومجموعته عشية الانتخابات؛ وهذه خطة أمنية-سياسية لا بد أن تتحول إلى مواجهات مع بن غفير”.
وقدر أنه ستكون “هناك ثلاثة مواقع ساخنة؛ الأول يتعلق بالقدس بكل ما فيها؛ المسجد الأقصى، سلوان والشيخ جراح وغيرها، وهنا نتنياهو سيمنحه صلاحيات مطلقة في هذا الجانب، وبن غفير هو من يرسم هذه السياسة”.
والموقع الثاني؛ المدن المختلطة؛ (عرب ويهود)، والتي “ستشهد عمليات استيطان كبرى على حساب العرب، ترافقها مواجهة مع العرب هناك، علما بأن هذه مدن فلسطينية تاريخية من مثل: يافا، اللد، الرملة، حيفا وعكا.. وسيتم الاستيلاء على شقق وبيوت اللاجئين الفلسطينيين والتي اعتبروها أملاك غائبين”.
ولفت الخبير، إلى أن الموقع الثالث هو النقب، وستكون “حجة بن غفير، هي مواجهة المافيات في النقب، وهو بالطبع يتهم العرب، مع التذكير بأن عددا كبيرا ممن ينتمون لهذه المافيات لديهم علاقات مع الشاباك ومع مهربي الأسلحة من داخل مخازن جيش الاحتلال، والكل يعلم وخاصة الجيش، أن 80 في المئة من الأسلحة التي بيد المسلحين الذين يقتلون العرب، هي أسلحة مأخوذة من الجيش على سبيل التجارة؛ يأخذها الجندي كي يبيعها”.
وتوقع أن “تكون هناك قوانين جديدة؛ ستحد من حرية التعبير والحركة وأيضا ستحد من إمكانيات وعمل أعضاء الكنيست العرب”، مرجحا “احتمالية طرد العرب من الكنيست ولكن التنفيذ ليس في المستقبل القريب، ولكن بلا شك على أجندة بن غفير، الذي لا يمتلك الآن كل الصلاحيات كي يفعل ذلك”.
الخطورة الأكبر
وذكر صباغ، أن “هذه الحكومة ستجري تغييرات جدية على بعض القوانين الأساسية، حتى تحد من صلاحيات المحكمة العليا لصالح الوزراء ورئيس الحكومة، مع ملاحظة أن هذه التغيرات لن تكون في مصلحة العرب ولا في مصلحة أي قوة ديمقراطية داخل أو خارج الحكومة”.
ونبه إلى أن “الأمر المهم الذي بدأنا نشاهده قبل وصول الحكومة؛ الأحكام العالية وغير المعتادة ضد الشباب العرب الذي تظاهروا في هبة الكرامة بالتزامن مع سيف القدس، حيث حكم على ثلاثة شبان من طمرة قبل يومين بمدد 5- 7 سنوات سجنا”، وقال: “نحن ننتظر أحكاما عالية ضد شبابنا لمنعهم من إمكانية المشاركة في أي عمل احتجاجي ضد السلطة الحاكمة”.
من جانبه، أوضح مدير مؤسسة ميزان لحقوق الإنسان، المحامي عمر خمايسي، المقيم في الداخل المحتل، أن الصلاحيات الموسعة الممنوحة لوزارة الأمن الداخلي الجديدة هي “سابقة، والأخطر أنها تسلم لشخص أدين عمليا في أعمال إرهابية وفي ملفات جنائية، وكان عضوا في منظمة إرهابية؛ وفقا للقانون الأمريكي والإسرائيلي”.
ولفت في حديثه لـ”عربي21″، إلى أن “هذا الشخص بهذه الخلفية، سيصبح هو المسؤول عن الشرطة وحرس الحدود وستوسع صلاحيته لتكون في الضفة الغربية، وهذا أمر خطير”.
وذكر خمايسي، أن “المتتبع لتصريحات بن غفير والأعمال والاستفزازات التي يقوم بها، يجد أننا نتحدث عن شخص يحمل أيديولوجية خطيرة جدا ومتطرفة”، منوها إلى أن “الخطورة الأكبر لهذا المنصب ستكون من نصيب العرب والفلسطينيين؛ في الداخل أو في الضفة الغربية، وهذا يعكس الأزمة التي يعيشها المجتمع الإسرائيلي ككل”.
وقال: “بن غفير لم يأت من العدم، بل جاء لأن هناك جمهورا إسرائيليا كبيرا يؤيده ومنحه هو وبتسلئيل سموتريتش (زعيم حزب الصهيونية الدينية) -وهما صاحبا تصريحات عنصرية ومتطرفة ومعادية للعرب- جزءا كبيرا من الأصوات الإسرائيلية، وهذا يوضح أننا أمام إسرائيل أكثر عنصرية وتذهب أكثر نحو التمييز والتفرقة القومية”.
ونبه المحامي إلى أن العرب في الداخل المحتل أمام “السيئ والأسوأ، أمام اليمين واليمين المتطرف مع اختفاء اليسار الإسرائيلي، وهنا يكون الضحيةَ الفلسطينيون، والمنظمات الحقوقية غير الحكومية التي تعنى بحقوق الإنسان والمؤسسات اليسارية، التي لا يوجد لها تمثيل في الحكومة أو الكنيست”، مؤكدا أن “الأيام القادمة ستكون حبلى بقرارات متطرفة من قبل شخص يعترف أنه متطرف”.
المصدر: عربي21
الرابط المختصر https://insanonline.net/?p=138737