خلت الأوساط القانونية والقضائية في دولة الاحتلال في حالة استنفار وتشكيل فرق عمل قانونية، لمواجهة قرار الأمم المتحدة بمطالبة محكمة العدل الدولية برأي قانوني حول الجوانب المتعلقة بالاحتلال.
ويزيد في القلق الإسرائيلي من القرار الأممي المتخذ في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي أنه صدر بأغلبية كبيرة بموافقة 98 دولة مقابل 17 معارضة، وهناك احتمال كبير أن يتم تمرير رأي محكمة العدل الدولية.
وكانت دولة الاحتلال رفضت التعاون مع المحكمة الدولية عام 2004، عندما طلب إبداء رأي في موضوع جدار الفصل العنصري في الضفة الغربية المحتلة.
وزعمت المحامية ييفعا سيغال، خبيرة القانون الدولي والعلاقات الدولية أن الإجراء الأممي ينطلق من سياسة العداء لـ”إسرائيل”، لافتة إلى أن المحكمة اعتبرت الجدار العنصري “غير قانوني”، وقرر قضاتها مطالبة تل أبيب بالوقف الفوري لبنائه، وتعويض المتضررين الفلسطينيين.
ودأب الاحتلال بشكل منهجي على عدم المشاركة في إجراءات المؤسسات الدولية بزعم أنها “منحازة ضدها”، وهو ما سينطبق هذه المرة أيضا بحسب المحامية الإسرائيلية.
وقالت المحامية الإسرائيلية في ورقة بحثية نشرها معهد القدس للاستراتيجية والأمن، إن تل أبيب يجب ألا تتوهم أنها ستحصل على “محاكمة عادلة” بسبب ما وصفته بـ”التحيز ضدها”.
وأشارت إلى أن صياغة السؤال القانوني للمحكمة الدولية يبحث التبعات القانونية الناشئة عن انتهاك تل أبيب المستمر بحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير، واستمرار الاستيطان وضم الأراضي المحتلة منذ 1967 لفترات طويلة، بما في ذلك الإجراءات الهادفة لتغيير التكوين الديمغرافي، وطابع مدينة القدس المحتلة، واعتمادها لتشريعات وتدابير تمييزية ضد الفلسطينيين.
وأشارت إلى أن “نص القرار الأممي يعتمد النسخة الفلسطينية، ولذلك فإن رأي المحكمة المتوقع سيكون ضارا بإسرائيل، صحيح أنه ليس ملزما، لكن ينظر إليه أنه ذو وزن كبير على الساحة الدولية، ويتوقع أن يرد في عدد كبير من التقارير والإدانات الصادرة عن منظمات المجتمع المدني حول العالم؛ وقرارات مجلس حقوق الإنسان واليونسكو والهيئات الدولية الأخرى، وتواجده في مختلف برلمانات العالم، التي يعتبر نوابها من الأجيال الشابة التي نشأت وترعرعت على وعي بأن إسرائيل دولة إجرامية”.
وأكدت أن “الآراء القانونية هي أكثر أهمية من القرارات السياسية للأمم المتحدة، لأنها تعزز الموقف الأيديولوجي المعادي لإسرائيل، وتزيد من جهود نزع الشرعية عنها على مستوى السياسة الدولية، ويتم توجيهها لمبادرات المقاطعة التجارية والثقافية والأكاديمية، ويمكن استخدامها من مؤسسات أخرى لإلحاق الأذى بإسرائيل، ويؤثر على قرار المحكمة الجنائية الدولية (ICC) ، التي قد تفتح تحقيقًا ضد القادة الإسرائيليين قد يؤدي لأوامر اعتقال وعقوبات دولية”.
تشير هذه المخاوف الإسرائيلية إلى أن رأي المحكمة المتوقع سيخلق تحديات كبيرة لعلاقات الاحتلال مع دول العالم، حتى مع الصداقات الوثيقة، وسيتركز الضرر المتوقع في زيادة موقفه الإشكالي في المؤسسات الدولية، فيما تواصل تحسين علاقاته الثنائية مع العديد من الدول، ويوقع اتفاقيات تطبيع جديدة، ويواصل ترسيخ نفسها كقوة تكنولوجية واستخباراتية وعسكرية، لكن كل ذلك لا يعفيه من الاعتراف بمخاطر النشاط القانوني ضده.
ورغم ذلك، فإن الرأي السائد في دولة الاحتلال يشير إلى الاستمرار في عدم التعاون مع محكمة العدل الدولية، بحجة أنه ينقل موقفا حازما يرفض الاعتراف بشرعية الإجراءات ضدها، ويسمح لها بمهاجمتها، بسبب ما تدعيه الطبيعة السياسية المعادية لها، وفي الوقت ذاته العمل على تغيير أنماط التصويت في الأمم المتحدة، خاصة مع الدول التي تستفيد من التعاون في مجالات الاستخبارات والتكنولوجيا العسكرية والابتكار التكنولوجي.
الرابط المختصر https://insanonline.net/?p=139025