قلق إسرائيلي من دور أممي “فعّال” تجاه فلسطين..ومخاوف من عقوبات دولية

تبدي المحافل السياسية والدبلوماسية في دولة الاحتلال قلقا متزايدا من تنامي الدور الذي تلعبه الأمم المتحدة مؤخرا في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وآخرها مناقشة الجمعية العامة للطلب الفلسطيني بتوجيه محكمة العدل الدولية “ICJ” لفحص شرعية الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية، على أن يتم التصويت في نهاية الأسبوع المقبل.

وتتخوف الأوساط الإسرائيلية من قبول الاقتراح الفلسطيني وتقديم الرأي في غضون عام أو عامين.

 ويكمن مصدر الخشية الإسرائيلية تحديد أن دولة الاحتلال ترتكب جريمة الفصل العنصري، فقد تكون هناك عواقب وخيمة لدرجة تجميد العلاقات معها من جانب الدول الأخرى، وربما الوصول الى مرحلة فرض العقوبات.

 وذكر المراسل السياسي لصحيفة يديعوت أحرونوت، إيتمار آيخنر أن “الجمعية العامة للأمم المتحدة ستناقش اليوم الاثنين الاقتراح الفلسطيني المقدم للطلب من محكمة العدل الدولية في لاهاي تأليف رأي استشاري حول شرعية الاحتلال الإسرائيلي للأراضي المحتلة، بعد أن حصد الاقتراح الشهر الماضي في تصويت اللجنة الرابعة للجمعية العامة بأغلبية 98 مقابل 17، لكن الطلب لن يدخل حيز التنفيذ إلا بعد التصويت في الجمعية العامة، التي ستنعقد في 22-23 ديسمبر”.

 وأضاف في تقرير ترجمته “عربي21” أنه “قبيل التصويت، بدأت وزارة الخارجية الإسرائيلية محاولات لإقناع الدول بالمعارضة، أو الامتناع عن التصويت، لكن من الواضح أن الاقتراح سيمر في ضوء الأغلبية التلقائية التي يتمتع بها الفلسطينيون في الأمم المتحدة”.

وتابع بالقول إن “الافتراض الإسرائيلي يؤكد أنه كلما زاد عدد المعارضين والممتنعين عن التصويت، خاصة من الدول الغربية، فإن ذلك سيرسل رسالة إلى 15 قاضيًا في المحكمة في لاهاي، رغم أنه ليس من المتوقع أن يتعاون الاحتلال معها، بزعم أنه ليس لديها السلطة لمناقشة هذه القضية، مع العلم أنه سيتم نشر الفتوى القانونية في غضون عام إلى عامين”.

 وأشار المراسل العبري إلى أن “سبب تأجيل التصويت إلى نهاية الشهر الجاري يعود إلى وضع ميزانية لتمويل أعمال المحكمة بتكلفة 300 ألف دولار، نصفها لترجمة الوثائق المطلوبة للقرار، مع أن الجمعية العامة ستطلب رأيًا من محكمة لاهاي بشأن مسألتين تتعلقان بالاحتلال الإسرائيلي: أولاهما الآثار القانونية للانتهاكات المستمرة لحق الفلسطينيين في تقرير المصير نتيجة الاحتلال المستمر، وسياسة الاستيطان وضم شرقي القدس، وإجراءات تغيير التركيبة السكانية، وتطبيق نظام قانوني تمييزي، وثانيهما كيف تؤثر هذه السياسة على الوضع القانوني للاحتلال تجاه الأمم المتحدة، والدول الأعضاء فيها”.

 ونقل عن المحامي مايكل سيفارد المستشار القانوني لحركة “السلام الآن”، والخبير في القانون الدولي وحقوق الإنسان، أنه قال: “إذا قررت المحكمة أن إسرائيل ترتكب جرائم الفصل العنصري في الضفة الغربية، فسيكون لذلك عواقب وخيمة، والمدعي العام للمحكمة سيحقق في ذلك، وأما إذا قررت المحكمة أنه يجب على إسرائيل إخلاء الضفة الغربية، والسماح للفلسطينيين بحق تقرير المصير، فستكون هذه وثيقة أخرى ضدها”.

 وتتحدث المحافل القانونية الإسرائيلية عن وجود ثلاث نسخ محتملة لرأي المحكمة بشأن المسألة الأولى، أولها الاحتلال طويل الأمد وقانوني، وثانيها الاحتلال غير قانوني، لأنه يخلق ضمًا فعليًا، ويجب أن ينتهي، وثالثها أن إسرائيل تحافظ على الفصل العنصري، وهو جريمة ضد الإنسانية، أما بشأن المسألة الثانية فهناك ثلاث إجابات محتملة، أولاها عدم الاعتراف بنتائج فعل غير قانوني، وفي الواقع لا تعترف معظم دول العالم بضم شرقي القدس، وثانيها حظر المساعدة في العمل غير القانوني، وثالثها مطالبة دول العالم باستخدام الإجراءات القانونية والعقوبات من أجل إنهاء هذا العمل غير القانوني.

 وصحيح أن فرصة فرض العقوبات على دولة الاحتلال ضئيلة، لأن مثل هذه الخطوة تتطلب موافقة مجلس الأمن، حيث ستكون الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا قادرة على فرض حق النقض، لكن إذا كان هناك دعوة للضغط عليها لإنهاء احتلالها، فحينها يحق للدول أن تفرض عقوبات من تلقاء نفسها، بحيث يمكن لأي دولة وقف التجارة معها، مع العلم أن الحركة العالمية ضد نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا حصلت على أكبر دعم بعد رأي استشاري من لاهاي في قضية ناميبيا، التي كانت حتى 1990 خاضعة لانتداب جنوب أفريقيا

وفي الوقت ذاته، وخوفا من أن يتم تعريف الاحتلال بأنه يتعمد استهداف الأطفال الفلسطينيين، من المتوقع أن يلتقي رئيس أركان جيش الاحتلال أفيف كوخافي مع فيرجينيا غامبا مبعوثة الأمم المتحدة للأطفال ومناطق الحرب، التي تزور دولة الاحتلال، وستلتقي به وبكبار مسؤولي وزارة الخارجية والجيش والشرطة، عقب تحذيرها في تقرير سابق من قتل الأطفال الفلسطينيين، مما يدفع تل أبيب لتعليق أهمية كبيرة على الزيارة.

وفي الصدد، كشفت صحيفة يديعوت أحرونوت، أن “غامبا وصلت إسرائيل في أول زيارة لها لتفحص عن كثب ما إذا كان هناك مجال لوضع إسرائيل على “القائمة السوداء” للدول التي تستهدف الأطفال الفلسطينيين”.

وذكرت أن المسؤولة الأممية “ستعقد اليوم الإثنين اجتماعات مع مسؤولين من مستويات سياسية وعسكرية، وقد قرر الاحتلال أخذ تحذيرها الأخير على محمل الجد، وإيلاء أهمية كبيرة لزيارتها، بهدف إقناعها أن الجيش يتصرف وفقًا للقانون الدولي، ولا مجال لإدراجها في القائمة السوداء”.

 وأضافت في تقرير ترجمته “عربي21” أنه “استعدادًا للزيارة أعد الاحتلال تقارير مدعمة بمقاطع فيديو ستعرض على الوفد الأممي، الذي يقوم بهذه الزيارة على خلفية اتهامات قاسية من الفلسطينيين بأن الاحتلال قتل العديد من الأطفال والصبية في موجة العمليات الأخيرة، مما يبرر إدراجه في القائمة السوداء، وسبق أن تم إدراجه في تقارير الأمم المتحدة التي تضمنت إدانة شديدة لأوضاع الأطفال الفلسطينيين، واتهمته بإلحاق الأذى بالمؤسسات التعليمية الفلسطينية”.

وفي السياق ذاته، التقى عضو الكنيست أيمن عودة رئيس الجبهة الديمقراطية والعربية للتغيير بالأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، متهما الاحتلال بأنه لا يحمي فلسطينيي48، محذرا أن الحكومة القادمة تشكل تهديدًا لهم.

 وكشف عيناف حلبي مراسل صحيفة “يديعوت أحرونوت”، في تقرير ترجمته “عربي21” أن “عودة التقى بغوتيريش دون التنسيق مع أي جهة إسرائيلية رسمية، وقدم له معطيات حول عدد جرائم القتل بين فلسطينيي48، متهما إسرائيل بأنها لا توفر الحماية لهم”.

واعتبر حلبي أن سفير الاحتلال لدى الأمم المتحدة غلعاد إردان لا يمثلهم، وبالتالي فإننا نمثل أنفسنا، وسنواصل النضال من أجل القضاء على العنف في كل مكان وزمان