نيويورك تايمز: حكومة المتطرفين في إسرائيل ستزيد من قمع الفلسطينيين الذين سيدفعون ثمن خيارات الناخب الإسرائيلي

قالت ديانا بطو، المحامية والمستشارة السابقة لفريق المفاوضين التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية، إن الإسرائيلييين انتخبوا مرة ثانية بنيامين نتنياهو وأعادوه إلى السلطة، ما يعني أن الفلسطينيين هم من سيدفع الثمن.

ففي الوقت الذي يضع رئيس الوزراء المكلف نتنياهو الرتوش الأخيرة على الحكومة التي ستكون الأكثر تطرفا، تقول الكاتبة “بتّ أشعر أنا مع الفلسطينيين في الضفة والمناطق المحتلة بالرهبة مما ستجلبه السنوات المقبلة”، و”منذ الانتخابات الإسرائيلية، يصحو الفلسطينيون كل يوم بحسّ الخوف مما سيحدث الآن، وفي أغلب الأحيان على خبر جديد يثير قلقنا. وبات مناخ العنصرية حادا لدرجة أنني لا أتحدث أو أقرأ العربية في وسائل النقل العام. وتراجعت حقوق الفلسطينيين للوراء”.

وقالت إن الفلسطينيين يعيشون وسط فهم وهو أن غالبية الساسة الإسرائيليين لا يريدون نهاية الاحتلال العسكري للضفة الغربية وغزة، ولا المساواة بين كل المواطنين في إسرائيل، “لقد تم غرس شعور فينا بأننا متطفلون وأن وجودنا مؤقت إلى أن يحين الوقت ويتم التخلص منا”. وبحسب دراسة مركز “بيو” للاستطلاعات، والتي أجراها عام 2016، فنسبة 48% من اليهود الإسرائيليين توافق على أنه “يجب طرد العرب أو نقلهم من إسرائيل”.

وتقول الكاتبة: “أنظر حولي في المنطقة المختلطة في حيفا وأتساءل أي من جيراني صوّت لمرشحين متطرفين، والذين عبّروا عن نفس الآراء. أخبرني أصدقائي أنها مسألة وقت قبل أن نذهب، ولكي يضيفوا إهانة على الجرح، يلوم الإسرائيليون الفلسطينيين على صعود التطرف والعنصرية، بدلا من النظر إلى الكيفية التي أصبحت فيها العنصرية عادية في المجتمع الإسرائيلي، إنه لوم الضحية بدلا من المعتدي”.

وتعلق أن نتنياهو ومنذ انتخابه مؤخرا، يقوم بمنح المناصب المهمة في الحكومة للساسة المناهضين علنا للفلسطينيين. ويضم الائتلاف الحاكم المقبل، الحزب المتطرف والعنصري “أوتزما يهوديت” أو “القوة اليهودية”، وهو الحزب الذي لديه تاريخ في دعم العنف ضد الفلسطينيين. وأدين المستوطن إيتمار بن غفير الذي يقود القوة اليهودية بالتحريض على العنصرية ودعم جماعة إرهابية. وأثنى بن غفير بداية الشهر الجاري على الجندي الإسرائيلي الذي قتل شابا فلسطينيا أثناء تعاركهما في الضفة الغربية، وهي جريمة مسجلة بالفيديو”، وقال بن غفير للجندي: “عمل رائع، لقد حميت شرفنا جميعا وفعلت ما تم تكليفك به”، وحمّل وزير الأمن العام الحالي، بن غفير، مسؤولية التحريض على العنف في أيار/ مايو 2021. وسيصبح هذا المتطرف الآن وزيرا للأمن الوطني في إسرائيل، بحيث يكون مسؤولا عن الشرطة المحلية وشرطة الحدود في الضفة الغربية المحتلة، التي يعيش فيها 3 ملايين فلسطيني تقريبا.

وتعلق الكاتبة أنه وعلى مدى العقود الماضية، وتحديدا منذ بناء الجدار العنصري، بات الإسرائيليون منفصلين عن الحياة التي يعيشها الفلسطينيون تحت حكم الاحتلال العسكري، وما يعني أن تكون فلسطينيا داخل إسرائيل.

وتقول إن الحوارات مع الجيران الإسرائيليين حول النكبة أو الاحتلال في الضفة، دائما ما تقابل بالإنكار أو التبرير، ولهذا تعلموا عدم الحديث مع بعضهم البعض أبدا.

وفي الأول من كانون الأول/ ديسمبر الجاري، وقّع نتنياهو على تحالف مع بتسلئيل سموتريتش، مستوطن آخر، وزعيم حزب الصهيونية اليهودية، الذي يصف نفسه بالمعادي الفخور للمثليين. ومنحه نتنياهز وزارة المالية ودائرة في وزارة الدفاع. ورفض سموتريتش في عام 2015 اعتبار تفجير مستوطنٍ لبيت في الضفة الغربية حُرق فيه طفل فلسطيني عمره 18 شهرا ووالداه حتى الموت بأنه هجوم إرهابي. وقال في 2016 إنه مع الفصل في عنابر الولادة بالمستشفيات الإسرائيلية بين النساء اليهوديات والفلسطينيات. وفي العام الماضي قال سموتريتش إن ديفيد بن غوريون، أول رئيس وزراء إسرائيلي “لم يكمل المهمة” أي طرد الفلسطينيين من الأراضي المحتلة عام 1948. وروج لخطة إخضاع الفلسطينيين تعتبر من يقبلها منهم “أجانب مقيمين” ويخضع رافضوها للحكم العسكري الإسرائيلي.

وكمسؤول في وزارة الدفاع، ستكون له سلطة غير مسبوقة على سياسة الاستيطان في الضفة الغربية وتوسيعه، وسيكون قادرا على تعيين رؤساء الإدارة المدنية، وتحديد السياسات للضفة الغربية. ويركز حزبا القوة اليهودية والصهيونية اليهودية، بشكل حصري على الفلسطينيين، ويريدان شرعنة الاستيطان في الضفة الغربية.

وترى الكاتبة أن سياسة نتنياهو وتحالفه المتطرف، ستزيد من القمع للفلسطينيين في المستقبل القريب. وسِجل رئيس الوزراء المقبل وتحالفاته معروف في استخدام العنصرية والتحريض ضد الفلسطينيين وتحويل المواطنين منهم داخل إسرائيل لسكان من الدرجة الثانية، إلى جانب هدم بيوت الفلسطينيين في الضفة، وسياسة إطلاق النار والقصف الجماعي لغزة. وسيواصل نتنياهو بتحالفه الجديد مع بن غفير وسموتريتش وغيرهما من المتطرفين، السياسات نفسها، خاصة أنه كان المحرك للكثير منها. والقوة اليهودية واليهودية الصهيونية هما تمددان طبيعيان لهذه السياسة. وإنكار ذلك مثل دفن الرأس في الرمال.

وتأمل الكاتبة أن يركز صعود المتطرفين مثل بن غفير، اهتمامَ الأمريكيين على التطرف الإسرائيلي. فقد دعا دبلوماسيون وعاملون سابقون في الخارجية الأمريكية، إدارةَ بايدن إلى عدم التعامل مع العناصر المتطرفة من الحكومة الإسرائيلية. وعبّرت الجماعات اليهودية عن قلقها من هذا التحول. ومع ذلك، فلن تتغير السياسة الأمريكية نتيجة لهذه التحولات المظلمة.

وفي الوقت الذي دعا أنطوني بلينكن، لحقوق وحريات متساوية للإسرائيليين والفلسطينيين، إلا أن السؤال يبقى عن الضمانات التي تحقق هذه المتطلبات للفلسطينيين. ومع زيادة الميل في إسرائيل نحو اليمين، يواصل الغرب والولايات المتحدة تطبيع وشرعنة المتطرفين الذين كانوا يوما ما خارج المعادلة، من الجنرال سيئ السمعة أرييل شارون، الذي أصبح رئيسا للوزراء، إلى المستوطن المتطرف أفيغدور ليبرمان الذي أصبح وزيرا في حكومة نتنياهو عام 2009.

ففي وقت تعيينه، دعا ليبرمان لقسم ولاء للفلسطينيين داخل إسرائيل والمواطنين اليهود، وطالب بإعادة ترسيم الحدود بحيث يجرد الفلسطينيون من مواطنتهم داخل إسرائيل. ورغم انتقاده على هذه الدعوات، إلا أن المسؤولين الأوروبيين والأمريكيين عقدوا لقاءات معه.

وتختم الكاتبة بالقول: “لا يوجد أمل هذه المرة، فما كان خارج التفكير قبل سنوات عدة، أصبح حقيقة. وبات الفلسطينيون يدفعون ثمن خيارات الناخب الإسرائيلي”.