إسقاطات حكومة نتنياهو السادسة على الفلسطينيين في طرفي الخط الأخضر   

من المتوقع أن يعلن رسمياً عن قيام حكومة نتنياهو السادسة، في نهاية هذا الأسبوع، قبيل انتهاء العام 2022، وسط تقديرات أنها ستعمق يهودية إسرائيل، وتقلص مساحات الحقوق والحريات، حتى على أوساط يهودية، لكنها ستكون أكثر خطراً من سابقاتها على الفلسطينيين في طرفي الخط الأخضر.

ويوضح “مدى الكرمل” أن حكومات نتنياهو السابقة، منذ العام 2009، تعاملت مع المواطنين العرب الفلسطينيين في إسرائيل بعدائيّة معلَنة، وسنّت قوانين عنصريّة تجاههم، منها قانون القوميّة، وقانون النكبة، وقانون لجان القبول للبلدات اليهوديّة، وغيرها العديد، فضلًا عن تطبيق سياسات ظالمة وعنصريّة.

منبهاً إلى أنه، بخلاف حكومات نتنياهو السابقة، ستتشّكل الحكومة الجديدة من أحزاب يمينيّة صِرفة ترتكز على اليمين الدينيّ المتطرّف والأحزاب الحريديّة، دون أن تستند إلى أيّ حزب من خارج معسكر نتنياهو. ويرى أنّه بالإضافة إلى السياسات العنصريّة البنيويّة تجاه المجتمع العربيّ، سيكون التحالف الجديد أخطر من الحكومات السابقة، وسيعمل على نحوٍ مباشر وجليّ على تقليص الهامش الديمقراطيّ، الضيّق أصلًا، وعلى زيادة جرعات العنصريّة تجاه المجتمع العربيّ، نحو: تزايُد عدائيّة وقمع جهاز الشرطة للمواطنين العرب، تقييد الحرّيّات العامّة والفرديّة، تقييد جهاز القضاء، صَهْيَنة أعمق لجهاز وبرامج التعليم..

وسيعمل على تعزيز الهُويّة اليهوديّة والقوميّة لإسرائيل، وتضييق إمكانيّات وأدوات العمل السياسيّ ونضال الفلسطينيّين في إسرائيل. فيما يخصّ القضيّة الفلسطينيّة والاحتلال، يعتبر “مدى الكرمل” أنّ الحكومة الجديدة قد تنتقل من مقاربة تقليص الصراع وإدارته إلى محاولة حسم الصراع وفرض الأمر الواقع على الشعب الفلسطينيّ، عن طريق السعي إلى ضمّ المناطق “ج” وتوسيع الاستيطان.

الشرطة والأمن القوميّ تحت إدارة بن غفـير

وينبه لتزايد انتقادات أحزاب اليمين لأداء جهاز الشرطة وتعامُله مع المواطنين العرب، ولا سيّما بعد هبّة الكرامة، في أيّار من العام الماضي، والتراخي في تعامله مع “انفلات الحكم”، حسب ادّعاء قيادات الأحزاب اليمينيّة. ويقول إن أحزاب اليمين المتطرّف ترى كلّ عمليّة احتجاج سياسيّ عربيّة نوعًا من أنواع التهديد الوجوديّ على إسرائيل وعلى هَيْمَنة المجتمع اليهوديّ، وأنّ الدولة فقدت السيطرة على مناطق عربيّة عديدة، ولا سيّما في منطقة النقب. مذكراً بأن حزب “الصهيونيّة الدينيّة” وحزب “القوّة اليهوديّة” وضعا هذا الموضوع في صدارة حملتيهما الانتخابيّة، وأعلن بن غفـير أنّه سيطالب بوزارة الأمن الداخليّ إن دخل التحالفَ الحكوميّ بعد الانتخابات.

توسيع صلاحيات الوزير

وَفقًا لاتّفاق التحالف بين حزب الليكود وحزب “القوة اليهودية”، سيتولّى بن غفير منصب وزير الأمن القوميّ، مع تعديلات واسعة في صلاحيَات الوزير تُـمكِّنُهُ من التدخّل وبلورة سياسات الشرطة وفي القيادة العمليّاتيّة للشرطة والتحقيقات، والتحكُّم في ميزانيّة الشرطة. إلى جانب ذلك، حصل بن غفـير على التحكّم في وحدات حرس الحدود في الضفّة الغربيّة. علاوة على ذلك، سيكون بن غفير عضوًا في المجلس الوزاريّ المصغَّر للشؤون السياسيّة والأمنيّة (“الكابِنِيت”)، وحصل حزبه على رئاسة لجنة الأمن الداخليّ في الكنيست.

وعلى غرار أوراق عمل وتقييمات أخرى، يقول “مدى الكرمل”  إنّ تولّي بن غفـير لوزارة الأمن القوميّ يعني، في ما يعني، سيطرته على صناعة القرار الأمنيّ تجاه المجتمع العربيّ، وترجمة عقيدته العنصريّة العدائيّة تجاه المجتمع العربيّ إلى سياسات، بما في ذلك زيادة عنصريّة وعدائيّة الشرطة، القائمتان أصلًا، تجاه المجتمع العربيّ، وزيادة العنف والتنكيل بالمجتمع العربيّ، وزيادة الملاحَقة السياسيّة بقناع أمنيّ شرطيّ، ولا سيّما في القضايا السياسيّة ونضال المجتمع العربيّ، وتجاه المجتمع العربيّ البدويّ في النقب، بحيث سيتحوّل أيّ احتجاج سياسيّ إلى قضيّة أمنيّة، وسيصبح التعامل معها على أنّها تهديد لأمن إسرائيل. وينبه أيضاً إلى أن خطورة التغيُّر المتوقَّع في تعامل أجهزة الأمن والشرطة تجاه المواطنين العرب تتزايد كذلك نتيجة التغيُّراتِ المتوقَّعةِ في جهاز القضاء الإسرائيليّ، وإحكامِ سيطرة اليمين المتطرّف على تعيين القضاة وتقييد صلاحيَاتهم، والتعديلاتِ المتوقَّعةِ في جهاز النيابة العامّة والمستشار القضائيّ للحكومة.

تقييد جهاز القضاء

يشار إلى أن أحزاب اليمين المتطرّف والأحزاب المتديّنة والأورثوذوكسية ( الحريديّم) وحزب الليكود خاصّة، تطالب بتقييد ولجم جهاز القضاء، تحت الادّعاء أنّ جهاز القضاء، المتمثّل في المحكمة العليا، يشكّل عائقًا أمام السلطتَيْن التشريعيّة والتنفيذيّة في تنفيذ سياساتهما، وفي ترجمة رغبات الناخبين، وأنّ الجهاز القضائيّ منحاز إلى اليسار في إسرائيل. من بين الأمثلة التي تَسُوقها أحزاب اليمين على ذلك تدخُّلُ المحكمة العليا في قانون التجنيد، الذي ألغى الإعفاء الممنوح لطلبة المدارس الدينيّة من الخدمة العسكريّة الإلزاميّة، وقوانينُ وسياساتٌ تتعلّق بالاستيطان وشَرْعَنة البؤر الاستيطانيّة، وقوانينُ في مجال الحقوق الفرديّة، وقد رأت أحزاب اليمين المتطرّف المحكمة العليا عائقًا أمام تنفيذ سياساتها وترجمة هيمنتها. وخلال الحملة الانتخابيّة الأخيرة، تحوّل موضوع تقييد دَوْر وصلاحيَات الجهاز القضائيّ والمحكمة العليا إلى موضوع أساسيّ لدى أحزاب اليمين، وكذلك في حملة حزب الليكود.

توقعات مدى الكرمل

ويتوقَّع أن تعمل الحكومة الجديدة على:

        -تغيير طريقة تعيين القضاة، من خلال إلغاء لجنة تعيين القضاة، ونقل صلاحيَات التعيين إلى الكنيست؛ ما يعني أن يكون تعيين القضاة سياسيًّا فتتغير تشكيلة القضاة في المحكمة العليا، بحيث تكون ذاتَ أغلبيّة يمينيّة محافِظة.

        -فرض قيود على تدخُّل المحكمة العليا في عمليّة سَنّ القوانين ووضع السياسات الحكوميّة، بواسطة سَنّ قانون “فقرة التغلُّب” التي تمكِّنُ الكنيست من الالتفاف على قرارات المحكمة العليا، إن تدخّلت هذه الأخيرة وألغت قوانين سُنّت في الكنيست.

        -تغيير مبنى جهاز النيابة العامّة والمستشار القضائيّ للحكومة، ابتغاءَ تقييد جهاز المستشار القضائيّ للحكومة والنيابة العامّة، بحيث يَكون في الإمكان السيطرة عليه والتأثير على قراراته.

 كما يتوقع “مدى الكرمل” سَنّ قوانين توفِّر حصانة لنتنياهو من المحاكمة وتغييرات وتعيينات شخصيّة في جهاز القضاء لفرض هَيْمَنة اليمين على جهاز القضاء.

طبيعة المحكمة العليا

وعن طبيعة المحكمة العليا وتبعات التأثير عليها، يقول “مدى الكرمل”: “صحيح أنّ جهاز القضاء، ومن ضمنه المحكمة العليا والنيابة العامّة، لم يمنع في السابق العنصريّة والتمييز تجاه المجتمع العربيّ، وعمل في إطار المشروع الصهيونيّ وحدوده، كما شاهدنا، على سبيل المثال لا الحصر، في قرارات الحكم الأخيرة الجائرة تجاه الشبّان العرب المتّهَمين بقضايا “الإخلال بالنظام العامّ” وَ “الاعتداءات” في هبّة الكرامة، ولم يشفع جهاز القضاء للدفاع عن حقوق المجتمع العربيّ. لكن تغييراً جوهريّاً في جهاز القضاء عامّة، والمحكمة العليا خاصّة، من شأنه أن يتيح المجال أمام تنفيذ سياسات أكثر عدائيّةً وعنصريّةً تجاه المجتمع العربيّ، وقضْم الحقوق، وسَنّ قوانين تُقيِّد العملَ السياسيّ ومطالب المجتمع العربيّ السياسيّة”.

تعزيز الهُويّة “القوميّة اليهوديّة”

يشار إلى أنه، وَفقًا لاتّفاق التحالف مع حزب الصهيونيّة الدينيّة، يحصل الأخير على حقيبة الماليّة، التي سيتولّاها بِتْسَلْئيل سموتريتش، بالتناوب مع أرييه درعي رئيس حزب شاس، وحقيبة استيعاب الهجرة، وحقيبة الاستيطان التي تَحَوَّلَ اسمها إلى حقيبة “المهمّات القوميّة”، وستضاف إليها وَحدة “الثقافة اليهوديّة” التي ستنتقل من وزارة التربية والتعليم، ووَحدة “الهُويّة اليهوديّة” التي ستُنقل من وزارة الأديان، وستكلَّف بهذه الوزارة عضوةُ الكنيست من حزب الصهيونيّة الدينيّة أوريت ستروك، التي تنكر وجود شعب فلسطينيّ، وستكون مسؤولة أيضًا عن مشروع “الخدمة المدنيّة”. أما رئيس حزب الصهيونيّة الدينيّة سْموتريتش فقد وضّح أن أهداف الوحدات الحكوميّة الجديدة هو تعزيز الانتماء والهُويّة اليهوديّة والقوميّة وفقًا لمفاهيم تيّار الصهيونيّة الدينيّة. ويوضح “مدى الكرمل” أن هذا يعني توسيع وتعميق تأثير وسيطرة هذا التيّار على المجتمع والدولة في إسرائيل، بحيث لم يعد يقتصر على المستوطنين وطلبة المعاهد الدينيّة.

الظلامية اليهودية

كذلك وقّع حزب الليكود اتّفاق تحالف مع حزب “نوعَم” ذي التوجُّهات المتطرّفة  الظلامية، لا تجاه العرب فحسْب، وإنّما كذلك تجاه المثليّين، والـمُعادي للقِيَم الليبراليّة وحرّيّة الأفراد، وسيحصل عضو الكنيست الوحيد عن الحزب، آفـي مَعُوز، على منصب نائب وزير في مكتب رئيس الوزراء، وسيكون مسؤولًا عن سلطة “الهُويّة القوميّة- اليهوديّة”، التي أُسِّست خصّيصًا حسب طلب حزب “نوعَم”؛  وهو ما يعني، وفقًا لتصريحات مَعوز، أنّ السلطة الحكوميّة الجديدة ستكون مسؤولة عن تعميم الانتماء القوميّ اليهوديّ، وتعزيز الهُويّة اليهوديّة، الفرديّة والجماعية، في إسرائيل. وسيكون مَعُوز مسؤولًا كذلك عن البرامج اللا منهجيّة في جهاز التعليم، وهو ما يعني ترويضَ وصَهْيَنةَ تلك البرامج في جهاز التعليم العربيّ وإخضاعَها لشروط اليمين الدينيّ الصهيونيّ. وبذا، ثمّة خطر حقيقيّ في أن يُفْضِيَ الأمر إلى صَهْيَنةِ وعي الطلبة في جهاز التعليم العربيّ، وقمعِ الهُويّة والانتماء والثقافة العربيّة.

تهويد الجليل والنقب

يذكر أن حزب “القوة اليهودية” برئاسة بن غفـير سيحصل، وفقًا لاتّفاقيّات التحالف، على وزارة “تطوير النقب والجليل”، مع تخصيص ميزانيّات كبيرة لهذه الوزارة، وكذلك ستُنقَل سلطة “تطوير الزراعة” إلى هذه الوزارة من وزارة الزراعة. معنى هذا، برأي “مدى الكرمل” أيضاً، أنّه سيكون حزب بن غفـير مسؤولًا كذلك عن مشاريع تهويد النقب والجليل، ووضع الخطط الإستراتيجيّة لهذه المناطق ذات الكثافة السكّانيّة العربيّة، وسيتحكّم بالكثير من قضايا التخطيط والتطوير في البلدات والمدن العربيّة.  إلى هذا تنضاف سيطرته على جهاز الشرطة. معنى ذاك أنّه سيكون لِـبِنْ غفـير وحزبه قدرة على التأثير ووضع السياسات المدنيّة والأمنيّة تجاه المجتمع العربيّ والبلدات العربيّة، وهذا يعني مزيدًا من التضييق ومنع التطوير وحرمان البلدات العربيّة من توسيع مناطق النفوذ، إلى جانب الملاحَقة السياسيّة بغطاء شُرَطيّ أمنيّ.

تعميق الاستيطان والاحتلال

وينبه “مدى الكرمل” إلى أنه من الصعب فكّ الارتباط بين ممارساتِ الاحتلال في الضفّة الغربيّة وغزّة، وحالةِ المجتمع الفلسطينيّ في الداخل، ويقول إنه قد بات واضحًا، ولا سيّما بعد هبّة الكرامة في أيّار عام 2021، وقبلها في كلّ حرب إسرائيليّة على غزّة، أنّ الفصل الوهميّ للخطّ الأخضر لا يمنع تضامن الفلسطينيّين في إسرائيل مع أبناء شعبهم، حين يتعرّضون لعدوان وقتل ودمار من آلة الحرب الإسرائيليّة. من هنا، لا يمكن فصل إسقاطات الحكومة الإسرائيليّة المتبلورة في الأراضي الفلسطينيّة المحتلّة عن إسقاطات الحكومة الجديدة على الفلسطينيّين في إسرائيل، بحيث يمكن لأيّ تصعيد أن ينتقل إلى الداخل وتعود مَشاهد الاحتجاج والتصدّي للعدائيّة الإسرائيليّة إلى البلدات العربيّة. وما نتج من هجومٍ من قِبل مستوطنين على المجتمع العربيّ في مدن الساحل والبلدات المختلطة، وقمعِ الشرطة، والأحكامِ الجائرة في الأسابيع الأخيرة ضدّ شبّان عرب شاركوا في احتجاجات هبّة الكرامة، وملاحقةِ آخرين، وتراخي جهاز الشرطة والقضاء مع متّهَمين يهود، ما هو إلّا مقدِّمة لِما قد يَحْدث مستقبَلًا.

وزير الاحتلال

وتوضح اتّفاقيّات التحالف أنّ محور الاحتلال وسياسات الاستيطان والتنكيل ضدّ أبناء الشعب الفلسطينيّ في الأراضي المحتلّة، ستكون الأسخَن والأخطَر، ولا سيّما أنّها توكّل رئيس حزب الصهيونيّة الدينيّة سْموتريتش بهذا الملفّ. وَفقًا للاتّفاق بين الليكود وحزب الصهيونيّة الدينيّة، سيحصل سْموتريتش على منصب وزير في وزارة الأمن، إلى جانب وزير الأمن، وسيغيَّر قانون أساس الحكومة خصّيصًا لهذا الغرض، وسيكون مسؤولًا عن تعيين منسّق أعمال الحكومة في الأراضي المحتلّة ورئيس “الإدارة المدنيّة” للاحتلال. هذان المنصبان ينطويان على أهمّيّة بالغة في كلّ ما يتعلّق بالضفّة الغربيّة، وبحسب الاتّفاق، يصدّق الوزير من الصهيونيّة الدينيّة في وزارة الأمن على ردود النيابة العامّة على أيّ الْتماس يقدَّم إلى المحكمة العليا بخصوص الاستيطان، وبالتنسيق مع وزير الأمن، وبموافقة رئيس الحكومة.

ولقد سبق أن عنونت صحيفة “هآرتس” مقال افتتاحيّتها الصادر في 6/12/2022 بالكلمتين “وزير الاحتلال” لوصف الصلاحيَات التي مُنِحَها سموتريتش، بحيث سيكون هنالك تغيير جوهريّ في سياسات إسرائيل في مناطق الضفّة الغربيّة لتوسيع الاستيطان والاحتلال وتقييد البناء الفلسطينيّ ومحاولة حسم الصراع وفرض الأمر الواقع، وسيكون في مستطاع سموطريتش أن يدفع قُدُمًا بتنفيذ قرارات كانت عالقة في السابق، أو كانت المحكمة العليا قد منعت تنفيذها، في ما يخصّ الاعتراف بالبؤر الاستيطانيّة العشوائيّة (المسمّاة إسرائيليًّا بؤرًا غير شرعيّة)، أو ربط تلك البؤر بالكهرباء وتشييد البنى التحتيّة فيها. وستُنقَل دائرة الاستيطان والكلّيّات التحضيريّة إلى الجيش، و”الخدمة الوطنيّة” إلى حقيبة “الـمَهَمّات القوميّة” التي ستُوكَل إلى أوريت ستروك (من حزب الصهيونيّة الدينيّة).

 ويرجح “مدى الكرمل” أن الحكومة الإسرائيليّة الجديدة ستوكّل المستوطنين بإدارة شؤون الاحتلال، ووضع السياسات تجاه المستوطَنات والمستوطِنين، وتجاه الشعب الفلسطينيّ الواقع تحت الاحتلال.

خاتمة

ويخلص “مدى الكرمل” للتنبيه إلى أن مضامين التحالف الجديد ستترجَم سريعًا إلى سياسات وسَنّ قوانين ونهج على أرض الواقع معادٍ للفلسطينيين على طرفي الخط الأخضر. وفعلًا بدأ التحالف الجديد، قبل تشكيل الحكومة، بسنّ قوانين تؤدّي إلى إضعاف وتفريغ المنظومة الديمقراطيّة، منها “قانون درعي” الذي يُمكّن المواطن الـمُدان بقضايا جنائيّة من إشغال منصب وزير، وقانون سموطريتش الذي يُمكّن من تعيين وزير إضافيّ في وزارة الأمن مع صلاحيَات خاصّة، وتعديل قانون الشرطة وَفقًا لطلب بن غفـير لمنحه صلاحيَات سيطرة على القائد العامّ للشرطة، والتدخُّل في سياسات الشرطة وميزانيّتها.

كذلك سيعمل التحالف الجديد على تهويد الحيّز العامّ والسياسات العامّة وَفقًا لمطالب الأحزاب الحريديّة، وعلى تقييد الحرّيّات الفرديّة وَفقًا لمطالب حزب “نُوعَم”، وعلى صَهْينة السياسات العامّة وَفقًا للمشروع القوميّ الدينيّ للأحزاب الصهيونيّة الدينيّة.

ويضيف “مدى الكرمل”: “ما تبقّى من تيّارات ليبراليّة وديموقراطيّة في المجتمع الإسرائيليّ سيعاني بطبيعة الحال من هذا التحوّل، لكن سيكون المواطنون العرب والشعب الفلسطينيّ الواقع تحت الاحتلال هم الطرف الأكثر تضرُّرًا. التحالف الجديد سيَكون التجربةَ الأولى لتفرُّد التيّارات اليمينيّة الدينيّة المتطرّفة في الحكم، وبسْط سيطرة هذه التيّارات على السلطة التشريعيّة والتنفيذيّة. هذا واقع جديد يتطلّب من المجتمع العربيّ الفلسطينيّ رؤيةً جديدةً وأدواتٍ ومشاريعَ جديدةً”.

يشار إلى أن هناك تقديرات لجهات أخرى تحمّل تحالف “الجبهة/ التغيير” جزءاً من مسؤولية عودة نتنياهو معززاً بقوى فاشية، بعدما شارك في إسقاط حكومة لبيد- بينيت، الأقل خطراً، رغم يمينيتها وجرائمها، منبهة لوجود ما هو سيء وما هو أسوأ.

المصدر: القدس العربي