مخطط لإنشاء مُجمعين استيطانيين بالمالحة وعين كارم المهجرتين

لم تكتف سلطات الاحتلال الإسرائيلي بتهجير الفلسطينيين من قراهم عام 1948، بل لا تزال تُلاحق أي أثر عربي فلسطيني يُدلل على هوية وعروبة القرى والبلدات المهجرة، خاصة تلك الواقعة جنوب غربي القدس المحتلة.

وتسعى سلطات الاحتلال إلى فرض مزيد من السيطرة على الأرض الفلسطينية، وطمس ومحو كل الآثار العربية الفلسطينية في قرى القدس المهجرة، وتغيير معالمها التاريخية العريقة، واستبدالها بأخرى يهودية مزورة، لا تمت للحقيقة بأي صلة.

ولم تسلم تلك القرى المقدسية من المشاريع الاستيطانية، إذ صادقت بلدية الاحتلال ولجانها المختلفة خلال العام 2022، على عشرات المشاريع لتنفيذها على الأرض، بما فيها إنشاء أبراج الشاهقة يصل ارتفاع بعضها إلى 40 طابقًا.

وآخر هذه المشاريع، مصادقة بلدية الاحتلال، الأحد الماضي، على مخطط لإنشاء مجمعين استيطانيين في حي “كريات مناحيم” الاستيطاني المُقام على أراضي قريتي المالحة وعين كارم المهجرتين جنوب غربي المدينة.

ويقترح المخطط هدم 11 مبنى استيطانيًا قديمًا، واستبداله بقرابة 800 وحدة جديدة بواقع 4 أبراج قرب القطار الخفيف، وبين المساحات الخضراء التي هُجّر المقدسيون منها في قريتي المالحة وعين كارم.

وبحسب المخطط، فإن “المجمع السكني الأول سيضم برجًا من 34 طابقًا على مساحة 4.5 دونمًا، بواقع 183 وحدة استيطانية”.

و”المالحة” تقع على سفح تلة جبلية مرتفعة يحدها من الشرق بيت صفافا، والقطمون، وقريتا عين كارم والجورة غربًا، وأراضي لفتا ودير ياسين شمالًا، وأراضي بيت جالا وشرفات جنوبًا.

وامتدت مباني القدس نحو قرية المالحة التي أصبحت ضاحية للقدس، ويمر خط سكة حديد “القدس – يافا” من أراضي المالحة الجنوبية.

وتتميز القرية المقدسية بالمباني السكنية القديمة ذات البناء العربي التقليدي، ومعظمها مباني قديمة جدًا، تعتمد على وحدة سكنية واحدة مبنية على قطع أراضي زراعية وواسعة.

وأما “عين كارم”، تعتبر أكبر القرى المقدسية التي هُجر سكانها عام 1948، وبقيت منازلها ومبانيها الأثرية والتاريخية الحجرية الجميلة شاهدة على عروبتها وهويتها الفلسطينية.

ورغم ما واجهته القرية خلال أحداث النكبة من تهجير قسري لسكانها، إلا أنها تكاد تكون القرية الفلسطينية الوحيدة في محيط القدس التي حافظت على أبنيتها ومنازلها الأثرية، وبقيت شامخة، تحكي عن تاريخ فلسطيني قديم.

تهويد وطمس

الباحث في شؤون القدس فخري أبو دياب يقول إن سلطات الاحتلال بدأت العمل على استكمال تهويد قريتي المالحة وعين كارم، وطمس ما بقي من القريتين من آثار ومعالم عربية فلسطينية تدلل على هويتها وتاريخها وحضارتها العريقة.

ويوضح أبو دياب، في حديث لوكالة “صفا”، أن الاحتلال يستهدف القرى المقدسية المهجرة بعشرات المشاريع الاستيطانية والأبراج الشاهقة، بعدما صادر كل الأراضي الفلسطينية فيها، لأنه يريد محو أي مظاهر عربية في الجزء الغربي من القدس.

ويضيف أن المخطط الإسرائيلي لإنشاء مجمعين استيطانيين على أراضي المالحة وعين كارم، يضم مراكز تجارية وترفيهية وفندق، ومراكز للأمومة والطفولة، وأبراج عالية يصل ارتفاعها إلى 25 طابقًا.

ويهدف الاحتلال من خلال هذا المخطط-وفقًا لأبو دياب- إلى زيادة عدد المستوطنين في مدينة القدس، واستقدام يهود جدد من العالم لتوطينهم داخل المدينة، وكذلك تغيير النمط الحضاري والمعماري للمدينة، والقرى المقدسية المهجرة، والتي ما تزال تضم بعض الشواهد الدالة على عروبتها وحضارتها.

ويؤكد أن الاحتلال يُلاحق كل أثر عربي في القرى المهجرة من أجل طمسه وصبغه ببصمات يهودية، تدلل على “وجود حضارة وتاريخ لليهود في القدس وفلسطين التاريخية”.

هجمة متصاعدة

ويشير أبو دياب إلى أن كل المخططات الاحتلالية تستهدف ربط الأحياء الاستيطانية والمستوطنات في القدس ببعضها البعض، وفصل الأحياء الفلسطينية عن بعضها وتجزئتها.

في مقابل هذه المخططات، تُصعد بلدية الاحتلال من سياسة هدم البيوت في المدينة المحتلة، والتطهير العرقي بحق المقدسيين، مستخدمة كل وسائل الضغط لأجل دفعهم للرحيل والسكن خارج المدينة.

ويبين الباحث في شؤون القدس أن المدينة المقدسة تتعرض لهجمة إسرائيلية شرسة، تصاعدت وتيرتها مع بدء العام 2023 الجاري، من حيث هدم المنازل، وتعزيز الاستيطان، وتغيير الوجه الحضاري في محيط المسجد الأقصى، وتوسعة الأنفاق، والاستيلاء على الأراضي.

ويلفت إلى أن الكثير من المشاريع الاستيطانية والتهويدية تنتظر المصادقة والتنفيذ في القدس ومحيط الأقصى، لمحاصرتهما وتغيير مشهدهما.

المصدر: صفا