قال ناشطان فلسطينيّان في لبنان، اليوم الثلاثاء، إن أزمات لبنان المتلاحقة، والواقع الإنساني المعقّد في البلاد، بات يشكل تهديداً وخطراً حقيقياً على مستقبل الطلاب الفلسطينيين، وعلى وجه الخصوص الطلاب الجامعيين.
وقال رئيس “إتحاد الشباب الديمقراطي الفلسطيني- أشُد” (إطار طلابي مقره بيروت) يوسف أحمد، إن “أزمة التعليم الجامعي تعود لسنوات طويلة، وسببها الرئيسي هو عدم اعتماد مرحلة التعليم الجامعي للفلسطينيين ضمن البرنامج التعليمي لوكالة أونروا، وهذا ما فرض على اللاجئين هموماً كبيرة لجهة تحملهم مسؤولية تعليم أبنائهم في الجامعات”.
وأضاف أحمد لـ”قدس برس” أن “مساعدات أونروا اقتصرت على تقديم بعض المنح للطلبة المتفوقين بدعم من بعض الدول المانحة، لكن هذه المنح توقفت أيضاً منذ سنوات”.
وقدّر عدد الطلبة الجامعيين الفلسطينيين في لبنان بنحو ثمانية آلاف طالب وطالبة “قسم كبير منهم يلتحق في كليات الجامعة اللبنانية الرسمية، والقسم الآخر يتوزع على الجامعات الأهلية، خاصةً الذين يرغبون بالدراسة في كليات علمية، بسبب القيود على قبول الطلبة الفلسطينيين في تلك الكليات بالجامعة الرسمية”.
وتابع “لعشرات السنين كان يعتمد الطلبة في تعليمهم على القروض التي يوفّرها صندوق الطالب الفلسطيني، وهو مؤسسة مستقلة، توفّر القروض للطلبة ضمن شروط متعددة مرتبطة بالمعدلات والتخصصات والجامعات”.
وأوضح أنه “منذ سنوات وبعد نداءات وتحركات، أُنشىء (صندوق الرئيس محمود عباس)، ويقوم الصندوق بتقديم مساعدات جزئية للطلبة الجامعيين، لكن ايضاً ضمن شروط عديدة لها علاقة بالمعدلات والتخصصات والجامعات، وبالتالي هناك فئة كبيرة من الطلبة الجامعيين لا يستفيدون من هذه المساعدات والتقديمات”.
واعتبر أن “الأزمة الكبرى بدأت مع انهيار الوضع الاقتصادي في لبنان قبل 3 أعوام، وبدء ارتفاع تكاليف التعليم الجامعي، واعتماد الدولار بالعديد من الجامعات للأقساط، إما بشكل كلي أو جزئي، وهنا بدأت الكارثة، يُضاف إليها ارتفاع تكاليف النقل والمواصلات، في ظل انهيار اقتصادي كبير، أفقد العائلات قدرتها على تأمين مستلزمات التعليم لأبنائها”.
وقال أحمد لـ”قدس برس” إنه “خلال العام الدراسي الحالي 2023، تأتينا عشرات المناشدات من الطلبة الذين تتراكم عليهم الدفعات في الجامعات، وهم غير قادرين على تسديدها، والعديد من الجامعات تحرم الطلبة الغير مسددين لكامل دفعاتهم من متابعة دراستهم أو التقدم للامتحانات”.
وأضاف “نحن أمام أزمة وكارثة كبرى تهدد مستقبل التعليم الجامعي لطلابنا، ولأجل ذلك نعمل بكل جهودنا بالتواصل مع الجامعات، لتسهيل أمور الطلبة لناحية الحصول على حسومات معيّنة على الأقساط”.
وأشار إلى أنه “حتى المنح التي يُعلن عنها في بعض الدول بالخارج، فإن غالبية الطلاب الفلسطينيين تُحجم عن التقدم إليها، لأن المصاريف وتكاليف العيش في الخارج أيضا لا تستطيع العائلات توفيرها لأبنائها”.
وعلى الصعيد ذاته، قال مدير العلاقات والمشاريع في “الرابطة الإسلامية لطلبة فلسطين” في لبنان (إطار طلابي مقره صيدا)، عدنان أبو خميس، إن “الطلبة الفلسطينيين في لبنان يعانون الأمرّين، نظرا للسياسات والقوانين في البلاد، ونظراً لتردي الأوضاع والظروف المعيشية، وطول أمدها على واقع معيشتهم في لبنان”.
وأوضح أبو خميس لـ”قدس برس” أنه “أمام الطالب الجامعي مسارين، المسار الأول وجهته الجامعة اللبنانية الرسمية، والثاني وجهته الجامعات الخاصة”.
واعتبر أن “الطلبة الجامعيين الفلسطينيين الذين يبدأون دراستهم في الجامعة اللبنانية الرسمية، يبقى مصير تحصيلهم الدراسي مرتبط ومرهون بالوضع اللبناني الداخلي، والذي تشهد فيه الجامعة اللبنانية اضطرابات للمعلمين، وتوقيف للفصول الدراسية، نظرا لاستمرار إنهيار الإقتصاد اللبناني بوتيرة غير مسبوقة وفي كافة المجالات”.
وأوضح أن “المؤسسات الأهلية، تواصل مساعيها وجهودها للوقوف مع الطلبة الجامعيين الفلسطينيين، لكنها لا تلبي المطلوب، مؤكدا أن الملف يحتاج إلى جهد دولي ومؤسساتي عالمي، وهناك حاجة كبيرة لدعم هذا الملف”.
ولفت إلى أن “العديد من الجامعات الخاصة الصديقة التي كانت تقدم حسومات مميزة للطلاب الفلسطينيين، بدأت في تقليص خدماتها نظرا لعوامل عديدة، أبرزها دخول البلاد دوامة الانهيار الاقتصادي، وخاصة مع استمرار انهيار العملة اللبنانية، وبالتالي فإن المعلمين الجامعيين لم يعد باستطاعتهم تحمّل أعباء الأزمة، ما أدى إلى اضطرار إدارة الجامعات التخفيف من المساعدات الطلابية”.
الرابط المختصر https://insanonline.net/?p=140187