هلال خزفي..هدية رمضانية بأيدٍ فلسطينية

ساعات طويلة يقضيها الحرفي محمد النتشة (38 عامًا)، وفريق مصنعه، لإنتاج أكبر عدد ممكن من القطع الخزفية يدويًا على شكل هلال، لتأمين حاجات السوق مع حلول شهر رمضان هذا العام.

يقع مصنع النتشة في البلدة القديمة من مدينة الخليل جنوبي الضفة الغربية، وهو عبارة عن بيت قديم يعود عمره إلى مئات السنوات، كان في السابق مصنعًا لإنتاج الزجاج.

النتشة، وهو مدير مصنع يعود لعائلته التي امتهنت الحرفة منذ عقود طويلة، يقول للأناضول: “حاولت هذا العام ابتكار قطعة خزفية جديدة تتناسب مع شهر رمضان، فكانت المضيافة أو المطبقية (آنية لحفظ الحلويات) على شكل هلال مزينة بالرسومات الإسلامية والفن الإسلامي”.

منتج غير تقليدي

بينما يعمل على إنتاج تلك القطع الخزفية المصنّعة من الصلصال، والمعاد تشكيلها بطريقة فنية، يقول النتشة: “الفكرة كانت أن نقدم هذا العام منتجا مختلفا وفكرة جديدة غير متوفرة بالأسواق فكانت المطبقية”.

وتتكوّن المطبقية من قطعتين الأولى عبارة عن وعاء على شكل هلال والثانية غطاء بالشكل ذاته.

وأضاف: “في العادة، الناس يبحثون عن ما هو جديد، لذلك لاقت الفكرة رواجًا كبيرًا، والكميات التي تنتج تذهب للأسواق الداخلية بالضفة الغربية وجميعها تباع.

وبحسب النتشة، ينتج المصنع نحو 100 قطعة يوميًا متنوعة من الخزف والفخار، حيث يعمل وفريقه المكوّن من 4 حرفيين على إنتاج أكبر قدر ممكن من القطع.

وأوضح أن القطعة الواحدة بحاجة إلى 48 ساعة لتصبح جاهزة للاستخدام، لحاجتها للتنشيف والرسم والشواء في درجات حرارة مرتفعة.

ولا يمكن لحرفي واحد أن ينتج قطعة كاملة، يشرح النتشة، ذلك أن القطعة الواحدة تمرّ على فريق كامل، بدءًا من التشكيل وصولاً إلى التسويق.

فإلى جوار النتشة حرفيون، منهم من يعمل على تنظيف القطع من الشوائب، وآخرون يرسمون عليها أشكالًا وكتابات خاصة.

وعقب الزخرفة، تُزيّن القطع بطلاء حافظ للألوان الطبيعية، ثم تُصقل في فرن كهربائي بدرجة حرارة تصل إلى ألف مئوية، لمدة تقارب 8 ساعات، قبل أن تخرج في صورتها النهائية.

ويقول النتشة: “يمكن أن نلبّي طلب الزبائن بإضافة وكتابة ما يرغبون على القطع لتتناسب مع رغباتهم”.

هدية رمضانية

الإقبال على هذه القطعة الخزفية المستحدثة “غير متوقع”، يقول النتشة، “فغالبية الزبائن يشترون المنتج لتقديمه هدايا خلال شهر رمضان، لجودته وصناعته المحلية وسعره المناسب”.

فالقطعة الواحدة تباع بنحو 100شيكل (30 دولار)، وهي هدية “غير تقليدية”.

عصام مجدي، أحد زبائن مصنع النتشة، قال للأناضول إن “فكرة المطبقية على شكل هلال جديدة وغير تقليدية، وهي مناسبة جدًا أن تقدم هدية”.

وأشار إلى أنه يعتزم تقديمها هدية لشقيقته بمناسبة حلول رمضان “لقيمتها الجمالية التي تكبر قيمتها المادية”.

صناعة الفن

محمد الزعتري، الذي يعمل في مصنع النتشة منذ 9 سنوات، يقول إن “العمل يجري على قدم وساق لإنتاج القطع”.

وعن عمله يقول إن “صناعة الخزف مهنة متوارثة في مدينة الخليل، تحتاج إلى موهبة خاصة، وهي صناعة الفن”.

وأشار إلى أنه خلال سنوات عمله بات على دراية بحيثيات المهنة.

ورغم ساعات العمل الطويلة، إلا أن الزعتري يقول إن “العمل في الخزف متعة، وله مكانة خاصة عندما تنتج قطع غاية في الجمال تزين البيوت والمكاتب وتقدّم هدايا لقيمتها”.

وتشتهر الخليل بصناعات الخزف والفخار والزجاج وخشب الزيتون والصدف ودباغة الجلود وغيرها من الحِرف.

وكان مجلس الحِرف العالمي، قد أعلن يوم 6 سبتمبر/ أيلول 2016، الخليل مدينةً حِرفية عالمية.

كما تعدّ المدينة أكبر مدن الضفة الغربية من حيث عدد السكان والمساحة، حيث قُدّر عدد سكانها بقرابة 200 ألف نسمة، وتبلغ مساحتها 42 كلم مربع، وتعدّ بمثابة عاصمة اقتصادية.

المصدر: الأناضول