الإسرائيلي سموتريتش.. وزير بدرجة “مستوطن متطرف”

يكاد لا يمر يوم دون صدور بيان عن عاصمة عربية أو إسلامية أو دولية يدين تصريحات أو أفعال تصدر عن وزير المالية الإسرائيلي يتسلئيل سموتريتش (43 عاماً).
وباستثناء اعتذار خجول عن دعوته إلى “محو” بلدة حوارة الفلسطينية شمالي الضفة الغربية المحتلة، فإن مئات بيانات الإدانة لم تغير من مواقف سموتريتش.

فحين قاطعته الإدارة الأمريكية، زار واشنطن للقاء أنصار لليمين الإسرائيلي في الولايات المتحدة، وكذلك فعلَ في العاصمة الفرنسية باريس، بعد أن قاطعه مسؤولو البلاد.

وسموتريتش من مواليد 27 فبراير/ شباط 1980 في مستوطنة هيسبين بمرتفعات الجولان السورية المحتلة، بحسب صفحة على موقع الكنيست الإسرائيلي.
واستناداً إلى تلك الصفحة، فإنه يتحدث العبرية فقط، وحاصل على شهادة بكالوريوس الحقوق، ورخصة لمزاولة مهنة المحاماة.
وخلال خدمته القصيرة في الجيش الإسرائيلي، عمل كسكرتير في قسم العمليات بهيئة الأركان العامة.
مطلع 2015، انتُخب للمرة الأولى لعضوية الكنيست عن حزب “البيت اليهودي” اليميني المتطرف.
ومنذ ذلك الحين جرى انتخابه لعضوية الكنيست متنقلاً بين أحزاب “البيت اليهودي” و”الاتحاد الوطني” و”يمينا” و”الصهيونية الدينية”، وهي جميعاً أحزاب يمينية متطرفة.
وبتحالف حزبه “الصهيونية” مع حزب “القوة اليهودية” اليميني المتطرف، برئاسة وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، تمكّن تحالفهما، في انتخابات نوفمبر/تشرين الثاني 2022، من أن يكون القوة الثالثة في البرلمان.
ولأن زعيم حزب “الليكود” اليميني بنيامين نتنياهو بحاجة إليهما لتشكيل حكومته، فقد حصل كل من سموتريتش وبن غفير على صلاحيات موسعة وغير مسبوقة في الحكومة التي نالت ثقة الكنيست، في 29 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، وتوصف بأنها “الأكثر يمينية في تاريخ إسرائيل”، لا سيما على صعيد سياساتها المتطرفة والمعادية للشعب الفلسطيني.

فبن غفير حصل على صلاحيات مطلقة على جهاز الشرطة، أما سموتريتش فإنه يتولى منصباً مستحدثاً وهو وزير إضافي في وزارة الدفاع، بالإضافة إلى منصب وزير المالية.
ولم تكن هذه هي المرة الأولى التي يتولى فيها سموتريتس حقيبة وزارية، إذ تولى حقيبة المواصلات، بين يونيو/حزيران 2019 ومايو/أيار 2020.
وأساساً، برز سموتريتش بنشاطه الداعم للاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وهو يقيم في مستوطنة كدوميم شمالي الضفة الغربية، ونشأ في مستوطنة بيت إيل (وسط).
فقد أقام وأدار حركة “ريغافيم” الاستيطانية، عام 2006، وهي تنشط في دعم الاستيطان، والتحريض على هدم المنازل الفلسطينية في الضفة الغربية ومنطقة النقب جنوبي إسرائيل، بزعم عدم حصولها على تراخيص بناء.
وتزعم الحركة، على موقعها الإلكتروني، أنها “تعمل على منع الاستيلاء غير القانوني على أراضي الدولة، وحماية سيادة القانون في الأمور المتعلقة بسياسة استخدام الأراضي في دولة إسرائيل”.
وتضيف أن أنشطتها “موجهة نحو إنجاز مهمة واحدة: إعادة الرؤية الصهيونية إلى دورها الأساسي في عملية السياسة الإسرائيلية”.
أيضاً كان سموتريتش مديراً للمدرسة الدينية العليا في مستوطنة كدوميم، ومن قادة حركة التمرد على إخلاء المستوطنات الإسرائيلية في قطاع غزة، ما قاد إلى اعتقاله أثناء عملية الإخلاء في أغسطس/آب 2005.
وعملية الاعتقال جاءت بعد العثور في منزله على 700 لتر من الوقود تم الاشتباه بالتخطيط لاستخدامها في أعمال تخريبية، وبعد ثلاثة أسابيع جرى الإفراج عنه دون توجيه لائحة اتهام إليه.
وفي مقابلة له مع صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية، في 3 ديسمبر/كانون الأول 2016، قال سموتريتش: “يهودا والسامرة (الضفة الغربية) ليست منطقة محتلة.. لأننا لم نستول عليها من أي صاحب معترف بسيطرته على الأرض. كان الاحتلال الأردني غير قانوني بشكل صارخ، ولم يعترف به القانون الدولي أو الأمم المتحدة”.
وتابع: “الحقيقة هي أننا كنا هنا منذ 3500 عام. لم نولد بالأمس.. تم طردنا من هنا بالقوة، وبعد 2000 عام، وفي إطار أكثر عملية عدالة في العالم خلال مئات السنين الماضية، عدنا إلى وطننا.. أريد تطبيق السيادة الإسرائيلية على كل يهودا والسامرة”.
وبشأن المعارضة الفلسطينية لمثل هذا الطرح، أجاب بأن “من يقبلون بحكم الدولة اليهودية يمكنهم البقاء، أما الذين لا يقبلون، فسوف نقاتلهم ونهزمهم”.

ولدى سؤاله عن ما يعنيه بالقتال، قال سموتريتش: “بالجيش وبالأسلحة. ماذا يعني كيف؟! هذا ما فعلناه عام 1948.. قاتلنا وانتصرنا”، في إشارة إلى إقامة دولة إسرائيل عام 1948 على أراضٍ فلسطينية احتلتها عصابات صهيونية مسلحة ارتكبت مجازر بحق الشعب الفلسطيني.
ومضى قائلاً: “إذا أظهرنا يداً من حديد، فلن يكون هناك أطفال يرمون الحجارة. من يرمي الحجارة لن يكون هنا.. إما أن أطلق عليه النار أو أسجنه أو أطرده”.
في حينه كان سموتريتش عضواً جديداً في الكنيست ولم تلق مواقفه اهتماماً دولياً، لكن بعد تكراره لتصريحات مشابهة وهو وزير في الحكومة الحالية فإنه بات يفجّر ردود أفعال دولية غاضبة.
وهذا ما حصل في 1 مارس/ آذار الجاري، حين دعا إلى “محو” بلدة حوارة الفلسطينية، وعندما قال بباريس في 19 من الشهر نفسه إنه “لا يوجد شيء اسمه الشعب الفلسطيني”.
دعوته إلى محو حوارة جاءت عقب هجمات شنّها مئات المستوطنين، في 26 فبراير/ شباط الماضي، على البلدة، مما أدى إلى مقتل فلسطيني وإحراق وتدمير عشرات المنازل والسيارات الفلسطينية.
وأعقبت تلك الهجمات مقتل إسرائيليين في إطلاق نار على سيارة كانا يستقلانها بالقرب من البلدة، بعد أيام من قتل الجيش الإسرائيلي 11 فلسطينيا في اقتحامه مدينة نابلس شمالي الضفة الغربية في 22 فبرابر/ شباط الماضي.

وفي أكتوبر/ تشرين الأول 2021، قال سموتريتش لنواب عرب في الكنيست: “من الخطأ أن (رئيس الوزراء الأسبق ديفيد) بن غوريون لم يكمل المهمة ولم يطردكم في 1948”.
ولا يخفي سموتريتش دعمه للاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، على الرغم من الانتقادات الدولية التي تحذر من أن أنشطة البناء الاستيطاني غير المشروعة تقوض فرص حل الصراع وفقاً لمبدأ حل الدولتين (فلسطينية وإسرائيلية).
والثلاثاء، احتفى سموتريتش بإقرار الكنيست إلغاء حظر عودة مستوطنين إلى 4 مستوطنات إسرائيلية شمالي الضفة الغربية تم إخلاؤها عام 2005، وغرّد قائلا: “بدأنا بتصحيح تاريخي”.

المصدر: الأناضول