باتت مداخل حي الزيتون في البلدة القديمة وجهة الصائمين والمغتربين في ليل شهر رمضان، حيث الفوانيس المضيئة وصوت المديح النبوي دليل الزائر للوصول إليها يوميا.
على جدار الحارة الملونة، نقشت عبارات ترحيبية بالشهر الكريم، وأحاديث نبوية ومواعظ إيمانية، عدا عن فوانيس طبعت عليها، والأطفال من حولها يلهون ويلتقطون الصور مع الزائرين.
صاحب الفكرة ابن الحارة محمد الصعيدي يقول إنه يحرص بشكل مستمر على تزيينها لإدخال البهجة على السكان والزوار، خاصة وأنه يستغل إطارات السيارات والأواني البلاستيكية لزراعة الورود فيها.
ويحكي الصعيدي (للرسالة نت) أن الشعوب العربية والإسلامية تحتفي بشهر رمضان على طريقتها لكن الجميع يتشابه بالفانوس، لذا يحرص على فعل ذلك مع لمساته الخاصة التي تميز حارته عن بقية الحارات، رغم أنه دوما يشجع من يبدي إعجابه بعمله أن يقلده سواء في مناطق غزة أو الضفة أو الداخل المحتل.
ويشعر بالفرح حين يرى الزوار يأتون من كل حدب وصوب إلى حارته، حتى المغتربين غالبا أول مشوار لهم يكون الحارة الملونة، مرجعا ذلك لأسباب كثيرة أولها أن الإنسان الفلسطيني كما يحب الشهادة يحب الجمال، وكذلك لأن الحارة الواقعة في البلدة القديمة تحوي جدرانا عتيقة، فيما تخرج من شقوق البيوت التي يتجاوز عمرها المائة عام وأكثر رائحة الماضي.
كما أن الحارة الملونة هي طريق المسيحيين لتأدية صلواتهم يومي الجمعة والأحد في كنيسة دير اللاتين، كما يمر منها المسلمون إلى صلواتهم في المسجد العمري والمساجد القديمة التي هي قبلة المسلمين وخاصة في شهر رمضان.
يقول علي السقا وهو يسكن قرب الحارة الملونة، أنه يحرص على اصطحاب صغاره ليلا لصلاة التراويح والمرور من الحارة الملونة، ففيها الكثير من النفحات الإيمانية التي تشجعهم على الصيام، فمثلا يطلبون منه أخذ فوانيسهم واللعب بها مع الأطفال بعد الانتهاء من الصلاة.
كما يحكي أنه يحرص على الصلاة في المسجد العمري وكذلك السيد هاشم، لأنه يستشعر من حجارتها القديمة وكأنه بالأقصى فيعوض حرمانه الصلاة هناك بالمساجد العتيقة في غزة.
وقاطعته الحديث والدته التي كانت بصحبته لتقول: “25 عاما أواظب على الصلاة ما بين السيد هاشم والعمري وأتذكر كثيرا حين كانت أذهب بصحبة عائلتي للصلاة في الأقصى والإبراهيمي”.
وتابعت: “بيوت العبادة ليس بقدمها أو حداثتها، لكن أشعر بالراحة في المساجد القديمة لأن كثيرا من الناس صلوا فيها”، مشيرة إلى أنها قدمت للحصول على تصريح من أجل الصلاة في الأقصى ولا تزال تنتظر دورها.
أما عن الحارة الملونة ذكرت أنها جميلة تحفز الصغار لاستقبال شهر رمضان، لاسيما وأن العلاقة المترابطة القديمة ما تزال قائمة بين الجيران، فهم لازالوا يحافظون على عادة تبادل أطباق الطعام في رمضان.
وفي الحارة القديمة أيضا لا يزال الصغار يلعبون الألعاب الشعبية كنط الحبل و”الحجلة” و”القلول”، و”الدحول” كما يردد الصغار أغاني شعبية قديمة حفظوها من أجداهم.
ويدفع الغزيين لزيارة الحارة الملونة في البلدة القديمة، حنينهم لزيارة البلدات القديمة في القدس ونابلس والخليل، فالحجارة ذاتها والطرق تشبهها، لذا يشبعون اشتياقهم بالمرور بكل ما هو قديم في المدينة المحاصرة.
المصدر: ألرسالة نت
الرابط المختصر https://insanonline.net/?p=140533