نازحو مخيمات مقديشو.. صيام وقلة طعام

تحت ظلال الأشجار، تجتمع الأسر داخل مخيم العدالة للنازحين، بالضاحية الجنوبية للعاصمة الصومالية مقديشو، هربا من حرارة الشمس في منازلهم المكونة من أغصان الشجر، في مشهد يعكس حياة النازحين في أكثر من مخيم في هذه الضاحية.

وتشتد معاناة هؤلاء النازحين خلال الشهر الفضيل، بسبب اختفاء بعض الحرف التي كانوا يمتهنونها لسد احتياجاتهم، إلى جانب تراجع ملحوظ للمساعدات الإنسانية والمبادرات المحلية.

ويأتي رمضان هذا العام في وقت حذرت فيه الأمم المتحدة من أن الجفاف في جنوبي البلاد، يتوقع من أن يتسبب بوفاة 135 شخصا يوميا خلال النصف الأول من العام الجاري، بينما يواجه أكثر من 43 ألف نازح المرحلة الأولى من الجوع.

اختفاء المهن

تشكل المهن الحرفية؛ من الطبخ وغسيل الملابس وبيع الشاي والنظافة، مصدر رزق كبير للنازحين في المخيمات بضواحي مقديشو، لكن هذه المهن اختفت في الشهر الفضيل، ما يؤثر سلبا على حياة هؤلاء النازحين.

تقول حواء حسن (أم لطفلين) للأناضول، إنها كانت تعمل حمالة في السوق، لإعالة حياة أسرتها، لكن هذه الحرفة تضاءلت فرصها نتيجة قلة نشاط السوق خلال شهر الفضيل ما جعلها غير قادرة على سد احتياجات طفليها.

ومضت قائلة “مع قدوم شهر الفضيل لم نتمكن من العمل في الخارج، حيث نبقى في المخيم دون أن نجد لقمة العيش”.

أما زينب معلم، تقول هي الأخرى للأناضول، إن أسرة المنزل الذي كانت تعمل فيه، أبلغتها الاستغناء عن خدماتها قبل يومين من شهر رمضان، حيث بقيت في منزلها بلا عمل منذ أسبوع.

وتابعت زينب، التي كانت تعمل في الطبخ، “كنت المعيلة الوحيدة لأسرتي المكونة من 7 أفراد”.

وأشارت إلى أن ظروفها ليست مستقرة في هذا الشهر الفضيل.

صيام بلا مساعدات

لم ينعم مخيم العدالة، كغيره من المخيمات بضواحي العاصمة، بأية مساعدات منذ 6 شهور على الأقل، فالظروف المعيشية فيه لا تختلف كثيرا عن المناطق التي فروا منها، بحسب رئيس المخيم.

يقول عثمان حسن، رئيس مخيم العدالة، للأناضول، إن “وضع المخيم يزداد سوءا بسبب حركة النزوح الجديدة، التي تصل إليه تباعا في كل أسبوع، مع انعدام المساعدات الإنسانية”.

وأضاف “نحن نوفر مساحة للسكن، وهم يقومون ببناء أكواخ بأنفسهم دون معيل”.

ولفت حسن، إلى أن “معظم الذين يصلون للمخيم يفتقرون أبسط مقومات الحياة، فلا هيئات إنسانية تقدم لهم العون وتساعدهم على الاستقرار، وهو ما خيب آمال هؤلاء النازحين الذي يتطلعون لحياة أفضل من المناطق التي فروا منها”.

نورية آدم، نازحة وصلت إلى مخيم العدالة، قبل شهر، تقول للأناضول، إن “المخيم يفتقر إلى كل شيء”.

وتابعت “وصلنا قبل أيام. اصطحبنا بعض أطفالنا وتركنا الآخرين، لشدة الجفاف في بلدة ديمة، بإقليم شبيلي السفلى”.

نورية، لفتت إلى أنه “ليس لدينا أي شيء؛ لا طعام ولا شراب، نطالب إخواننا أن يمدوا لنا يد العون والمساعدة، في شهر رمضان المبارك”.

وخلال رمضان، تزدهر المبادرات الإنسانية المحلية لتعوض غياب هيئات إنسانية دولية، سعيا لإدخال الفرحة لهؤلاء النازحين، لكن الظروف الاقتصادية الصعبة، وقلة المانحين المحليين، حالت دون ذلك، بحسب عبدي اسماعيل، عضو الجمعية الشعبية الخيرية (محلية).

التكافل سلاح النازحين

ورغم المعاناة التي يواجهها النازحون، إلا أن الجانب الإيجابي في هذه المأساة التكافل بين الأسر النازحة فيما بينهم لمواجهة الظروف المعيشية خلال رمضان.

فلم تمنع الظروف المعيشية الصعبة التي تعاني منها أسرة كلتومة محمد، لاستضافة أسرة جارتها مليونة، المكونة من 4 أفراد.

تقول كلتومة، للأناضول، “الوضع سيء للغاية في مخيم العدالة، لكن يبدو أن وضعنا أحسن بكثير من الأسرة المجاورة لنا، التي وصلت إلى المخيم قبل شهر تقريبا”.

وأضافت أن ما يوفره زوجها، الذي يعمل حمالا، لهم من طعام، تشاركه مع الأسرة المجاورة.

وقالت كلتومة، “هكذا نمضي أيامنا حتى تصل إلينا المساعدات الإنسانية”.

وبحسب رئيس المخيم عثمان، فإن “ثقافة التكافل ماتزال منتشرة في المخيمات، رغم تعذر وصول المساعدات الإنسانية إليهم”.

ولفت إلى أن “الأسر القديمة في المخيم تقف إلى جانب الأسرة النازحة الجديدة، وتقدم لهم مستلزمات السكن والغذاء، إن توفرت لهم”.

وتعاني البلاد من خمسة مواسم متتالية من شح الأمطار، وهي أطول فترة جفاف عرفتها من البلاد منذ عقود، مما أدى إلى حالة من الانعدام الحاد في الأمن الغذائي، يواجهها نحو 5 ملايين شخص، بحسب تقرير مشترك بين منظمة الصحة العالمية، ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)، ووزارة الصحة الصومالية.

وللحد من أزمة المجاعة المحدقة بـ7.6 ملايين صومالي، تحتاج الأمم المتحدة إلى أكثر من 2.6 مليار دولار، للوفاء بالاحتياجات الإنسانية ذات الأولوية خلال العام الجاري.

المصدر: الأناضول