المدرب الفلسطيني محمود جندية يسعى بكل طاقته لتدريب جيل متعلق بكرة القدم، في وسط يعج بالضغوط النفسية جراء العيش بمخيم للاجئين، وبجوار جدار فصل “عنصري” يشكل حاجز للحرية.
جندية يدرب فريقا من الأشبال بمركز شباب مخيم عايدة للاجئين قرب مدينة بيت لحم جنوب الضفة الغربية في ملعب شكل متنفسا للحياة رغم كونه يقع بجوار جدار الفصل الإسرائيلي، ومراقبة عسكرية عبر أبراج تحيط بالملعب.
يركل جندية الكرة نحو مجموعة من المتدربين، ويحثهم بعبارات تحفيزية، يراقبهم بعين والعين الأخرى ترقب أبراجا عسكرية وبوابة بجدار الفصل الإسرائيلي.
لا يخفي جندية مخاوفه من احتمالية اقتحام الجيش الإسرائيلي الملعب، أو إغراق المتدربين بقنابل الغاز المسيل للدموع.
“مرات عديدة حدث ذلك، والذريعة الإسرائيلية دوما حاضرة، وهي تعرض النقاط العسكرية للرشق بالحجارة أو قنابل المولوتوف (الحارقة)”، وفق حديث جندية للأناضول.
وفي 2017، كشف تقرير لصحيفة “ميدل إيست آي” البريطانية عن تحول مخيم عايدة إلى أكبر مجتمع تعرض للغاز المسيل للدموع بالعالم، بحسب دراسة أجرتها جامعة كاليفورنيا بيركلي.
وأقيم مخيم عايدة عام 1948، وتبلغ مساحته الحالية 115 دونما (الدونم يعادل ألف متر مربع)، ويسكنه نحو 3179 لاجئ، بحسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني.
للجدار أثر سلبي
يقول جندية، وهو مدرب في أكاديمية عايدة التي تضم نحو 200 لاعب بين زهرات وأشبال وبراعم وناشئين، إن “الهدف احتواء أبناء المخيم من الاتجاه السلبي، عبر إخضاعهم لتمارين لياقة بدنية وتمارين كرة قدم”.
وأشار إلى أن العمل بدأ في العام 2020، وأنه حقق تقدما كبيرا في عمله، غير أن الضغوطات الإسرائيلية تشكل التحدي الرئيسي.
وتابع جندية: “لوجود جدار الفصل الإسرائيلي في محيط الملعب أثر سلبي، لا يوجد راحة نفسية خلال التمارين، وكثيرا ما يقتحم الجيش الملعب ويطلق قنابل الغاز المسيل للدموع”.
وأضاف: “إذا ما ركل متدرب الكرة بعيدا نحو الجدار لا يمكن استعادتها”، وأردف: “بالرغم من أن الملعب متنفس، إلا أن وجود الاحتلال معيق للحرية ويشكل عاملا سلبيا”.
ويخدم الملعب التابع لأكاديمية مخيم عايدة أنشطة رياضية في محافظة بيت لحم.
المخاوف لا تترك المتدربين
الشاب ورد رامي، أحد المنتسبين إلى أكاديمية مخيم عايدة، يقول للأناضول إن “الأكاديمية توفر فرصة لتفريغ الضغوطات عبر تلقي التدريبات الرياضية”.
وأشار إلى أنه طالما حلم بالالتحاق بأكاديمية كرة قدم، لكنه يقول إن “مخاوف لا تتركهم بفعل وجود الجدار الإسرائيلي والقوات التي ترقبهم من أبراج عسكرية”.
وأضاف: “إذا ما ركلت الكرة نحو الجدار لا يمكن استعادتها، وإذا ما حاول أحد ذلك يمكن أن يطلق النار عليه بكل بساطة”.
وقال رامي: “الجدار يمثل أكبر عائق للحرية، كرة القدم لغة عالمية وتعبر عن الحرية وهذا ما لا يفهمه الاحتلال”.
صاحب أسوأ مشاهدة
ويصف مهند أبو سرور، منسق البرامج في أكاديمية مخيم عايدة، الملعب بأنه “صاحب أسوأ مشاهدة، حيث جدار الفصل الإسرائيلي، والأبراج العسكرية”.
ويوضح أبو سرور أن مخيم عايدة محاصر من ثلاث جهات بجدار الفصل الإسرائيلي، المعزز بـ 7 أبراج عسكرية، اثنان منها في محيط الملعب.
وقال إن الملعب جزء من أرض تعود لدير كريزمان وبفعل الجدار فصل نحو دونمين إثنين عن أراضي الدير المجاور للمخيم، وتم التوافق مع بلدية بيت لحم والدير والجهات المختصة بإنشاء الملعب على تلك الأرض.
وبين سرور أن الجهات الإسرائيلية “أوقفت العمل في الملعب عدة مرات، غير أنه تم بالنهاية الانتهاء منه ليشكل متنفسا لسكان المخيم”.
ولفت إلى أن “من أهداف إقامة الأكاديمية خلق جيل يمارس الرياضة للتخلص من التأثيرات السامة التي يتأثر بها الأطفال جراء استنشاق الغاز المسيل للدموع”.
وأشار منسق البرامج في الأكاديمية إلى أن الجيش الإسرائيلي وبشكل يومي “يطلق قنابل الغاز تجاه المخيم”.
وبين أن سكان المخيم “حرموا على مدار السنوات الماضية من وجود متنفس للعب وممارسة الرياضة”.
المصدر: الاناضول
الرابط المختصر https://insanonline.net/?p=140618