ابتدعت الحركة الصهيونية والاحتلال عدة أساليب وطرق من أجل الحصول على حصة لها بالمسجد الأقصى، وتحقيق طموحاتها بتقسيمه، كخطوة أولى نحو الهيكل المزعوم.
حفروا أنفاقا، بحثوا عن آثار، زعموا وجود معبد يهودي قديم، وفي كل مرة تخرج المعالم التاريخية القديمة لتكذّب روايتهم.
ثم استعانوا بفتاوى حاخامية وكتبوا نصوصا دينية تلمودية كاذبة لتعطيهم حقا فيما ليس لهم حق فيه، وذلك لربطهم بالأقصى والبلدة القديمة، وفي كل رمضان بالذات تزداد الهجمة الشرسة، والتي تقابلها هبّة مقدسية شرسة أخرى تحبط كل محاولات الاحتلال طوال العام، ثم يعود المقدسي ليبدأ قصة نضال جديد منطلقا من رمضان جديد.
وفوق كل هذا اختلقوا مناسبات دينية يهودية ليس لها أساس من الصحة، وبين كل هذا وذاك أبعدوا، ضربوا وسحلوا فتيات مرابطات، واعتقلوا وصادروا الحق في الصلوات، وكل ذلك لم يعد عليهم بأي إنجاز يحاولون تحقيقه منذ سبعين عاما.
الإبعاد وسيلة
منذ بداية رمضان المبارك بدأت قوات الاحتلال (الإسرائيلي) في القدس المحتلة تنفيذ حملة اعتقالات وإبعاد مكثفة عن المسجد الأقصى المبارك، طالت عشرات المرابطين والمرابطات، كإجراءات استباقية اتخذتها، ضمن الاستعدادات لإحياء ما يسمى “عيد الفصح” العبري.
وتزداد ممارسات الاحتلال بحق الأقصى ومرابطيه مع اقتراب موسم الأعياد اليهودية، وتكون أكثر ضراوة، بغية تأمين اقتحامات المستوطنين المتطرفين للمسجد، ومحاولاتهم “ذبح القرابين” في باحاته.
رئيس لجنة أهالي الأسرى المقدسيين أمجد أبو عصب يقول في مقابلة مع (وكالة صفا) إن سلطات الاحتلال دائمًا ما تستبق أعيادها بتنفيذ مزيد من الاعتقالات والإبعاد عن المسجد الأقصى بحق المقدسيين والمرابطين.
ويوضح أبو عصب أن سلطات الاحتلال هيأت الأجواء مُسبقًا، من خلال التحريض على أبناء شعبنا والمقدسيين الذين يترددون على المسجد الأقصى، والتحريض على شهر رمضان المبارك، بهدف تفريغ القدس والأقصى من رواده والمصلين.
ويضيف أن الاحتلال يسابق الزمن من أجل تهويد المكان المقدس، وفرض وقائع جديدة عليه، مؤكدًا أن الشهر الفضيل يُكرس وجود أبناء شعبنا داخل المدينة المقدسة، ويزيد تمسكهم بالأقصى، مما يُفشل المخطط (الإسرائيلي).
ومنذ بداية رمضان، طال الإبعاد والاعتقال شبابا وفتيات مقدسيين ممن حملوا على أكتافهم همة الدفاع عن الأقصى بالرباط فيه والاعتكاف داخله طيلة الشهر الفضيل، أبرزهم: عايدة الصيداوي، زينة عمرو، صالح الفاخوري، نظام أبو رموز، سماح محاميد، وغيرهم.
وقبل أيام أيضا أبعدت سلطات الاحتلال 6 مقدسيين بينهم 5 فتيات عن المسجد الأقصى لمدة أسبوع، بعد الاعتداء عليهن بالضرب عند باب الرحمة، والشابات هن: شفاء أبو غالية، وآية أبو ناب، وآية معتوق، ومرام النتشة، وميار النتشة.
ورغم سلسلة الاعتقال والإبعاد إلا أن مختصين يؤكدون أن الرباط والاعتكاف قد أفشل خطط الاحتلال وسعيه لذبح القرابين داخل الأقصى.
وكتب الدكتور عبد الله معروف المختص بدراسات بيت المقدس على صفحته في فيس بوك: “رغم إعلان حكومة الاحتلال وقف باب الاقتحامات في المسجد الأقصى في العشر الأواخر؛ وإعلانها المسبق أنها تريد أن “تسمح” بالاعتكاف في العشر الأواخر، أغلقت بابي المطهرة والسلسلة أمام المعتكفين الخارجين إلى دورات المياه أو لقضاء بعض حوائجهم؛ وحاولت حجزهم خارج الأقصى لتؤكد للمرة الألف أن مشكلتها هي مع الحضور الإسلامي بذاته؛ ومع الاعتكاف كشعيرة ومع الأقصى كمسجد.
المعتكفون الذين كانوا الليلة الماضية بالآلاف، احتشد عدد كبير منهم على باب السلسلة؛ لتضطر قوات الاحتلال تحت الضغط والتهديد بالمواجهة إلى فتحه وإلى إدخال المعتكفين رغم أنفها؛ كما فُرض عليها الاعتكاف رغم أنفها لثلاث ليالٍ سبقت العشر الأواخر” كما يشير معروف.
وقد كتب معروف في مقال سابق له: “لتحقيق مشروع بن غفير، كان ينبغي على (إسرائيل) التخلص من الغطاء البشري الحامي للمسجد الأقصى المبارك وهم المصلون والمعتكفون والمرابطون، ولذلك شرعنت (إسرائيل) منذ عام 2015 عدة قوانين لتصنيف تعبير “الرباط” باعتباره دعوة للعنف، وإغلاق المؤسسات التي كانت ترعى هذا الغطاء البشري.
لتصل في هذا العام إلى محاولة تكريس واقع جديد في المسجد الأقصى عنوانه أن من يدير المسجد لم يعد دائرة الأوقاف الإسلامية، وإنما أصبح جهاز (الشرطة الإسرائيلية)، باعتبار المسجد الأقصى مقدسا مشتركا، وبالتالي يتم تحديد دور الأوقاف الإسلامية في القدس ليصبح مجرد إدارة الوجود الإسلامي في الأقصى، لا إدارة شؤون الأقصى نفسه.
المختص بقضايا الاستيطان فخري أبو دياب تابع يوميات المرابطين عن كثب من خلال رباطه في الأقصى منذ بداية رمضان، لافتا إلى أن المعتكفين والمرابطين أحبطوا فعليا مشروع المتطرفين بقيادة بن غفير، وفي كل مرة الاعتكاف هو الذي يفشل مخططات الاحتلال، ويفرض معادلته هو على الصورة.
ويتساءل أبو دياب: “لماذا يتعمد الاحتلال تسريب صور له عن نواياه بالاقتحام وذبح القرابين؟! لأنه ببساطة لديه مخاوف من ردات فعل المقدسيين، وهو يعرف أن الأقصى قادر في كل مرة على توحيد الساحات والجبهات أيضا”.
يرى أبو دياب أن الاعتكاف كان الوسيلة الأجدر والأقوى لإفشال مخطط الاحتلال داخل الأقصى، وأضاف:” لقد رصدت جماعات الهيكل الكثير من الأموال في سبيل إنجاح فكرة ذبح القرابين، ومحاولات منع الاعتكاف بالمسجد الأقصى قبل العشر الأواخر، لكن كل المحاولات تحطمت أمام إرادة المقدسيين المعتكفين، والمصرين رغم محاولات اعتقالهم وإبعادهم وكان الثبات كل عام على أبواب الأقصى”.
المصدر: الرسالة نت
الرابط المختصر https://insanonline.net/?p=140874