الاعتكاف بالأقصى..أجر لا يخلو من منغصات إسرائيلية

في سبيل التماس الأجر والثواب، يحرص الفلسطينيون في شهر رمضان على الاعتكاف بالمسجد الأقصى، لكن وصولهم إليه غالبا ما يصطدم بصعوبات تحول الأمر مستحيلا.

فالسلطات الإسرائيلية هي التي تحدد أعمار الفلسطينيين الذكور من سكان الضفة الغربية الذين يسمح لهم بالوصول إلى المسجد الأقصى للصلاة والاعتكاف فيه.

وفي هذا العام لم تفرض السلطات الإسرائيلية قيودا على وصول الفلسطينيات من سكان الضفة إلى المسجد، لكنها منعت من الذكور من 12- 55 عاما وجميع سكان قطاع غزة.

ويمثل شهر رمضان فرصة لأجيال جديدة من الفلسطينيين للقدوم إلى الأقصى والصلاة فيه تحت عنوان “التسهيلات الإسرائيلية”، لكن هذا العام لم تكن هناك تسهيلات لمن هم دون سن 55 عاما باستثناء الذكور من سكان الضفة الغربية فوق 45 عاما والحاصلين على تصاريح.

ودخول الفلسطينيين من سكان الضفة الغربية وقطاع غزة إلى القدس مرتبط بالحصول على تصريح دخول إسرائيلي يمنح عادة للعمال ورجال الأعمال والحالات الإنسانية.

غير أن مئات من الشبان يجدون طريقهم إلى المسجد الأقصى بالالتفاف على الحواجز العسكرية التي تقيمها إسرائيل ما بين الضفة الغربية والقدس الشرقية، وتزداد فرصهم في الأيام العشر الأواخر من رمضان بشكل عام وليلة القدر بشكل خاص.

وقالت دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس في بيان أرسلت نسخة منه للأناضول إن أكثر من 280 ألف مصل أحيوا ليلة القدر هذا العام في المسجد الأقصى.

وكان توافد المعتكفون إلى المسجد الأقصى من مختلف أنحاء الضفة الغربية قد بدأ في ساعات فجر الإثنين واستمر حتى فجر يوم الثلاثاء.

شد الرحال

محمد حجازي الواوي، من مدينة حلحول جنوب الضفة الغربية، يقول للأناضول: “جئت للاعتكاف في الأقصى لأن الله سبحانه وتعالى قال: سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله”.

وأضاف: “المسجد الأقصى مبارك بإذن الله وفيه الحسنات مضاعفة فالصلاة فيه بـ 500 صلاة (..) وهو من أطهر الأماكن وهو ثالث الحرمين وتشد الرحال إليه”.

واستدرك: “نحن نشد الرحال إلى المسجد رغم ما نواجه من صعوبات ومعيقات”، مشيرا أن “المعيقات الإسرائيلية كثيرة جدا وهناك تشديد وليس من السهولة الوصول إلى هذا المكان الطاهر”.

وأضاف الواوي: “ولكن لقدسية هذا المكان ولعظم الأجر في هذا المكان الطاهر وفي هذا الزمان المبارك، فقد جمعنا بركة الزمان والمكان”.

وتابع: “الاعتكاف في هذا المسجد له قيمته وعظمته لعظم الحسنات في هذا المكان”.

وكانت ساحات ومصليات المسجد قد اكتظت بالمصلين خلال إحياء ليلة القدر في وقت اعتكف فيه آلاف المصلين بالمسجد في الأيام العشر الأواخر.

ولاحظ مراسل الأناضول أن المعتكفين هم من الضفة الغربية والداخل الفلسطيني وأيضا مسلمين من الخارج وبخاصة بريطانيا وأوروبا وجنوب إفريقيا وتركيا.

وقال الواوي: “الكل يسعى للوصول إلى المكان ويسعى إليه بشوق رغم ما يواجهونه من صعوبة ومشقة، ولكن بفضل الله تمكنت من الحضور وأنوي الاعتكاف وربنا يتقبل منا”.

منع الاعتكاف

وكانت الشرطة الإسرائيلية منعت الاعتكاف قبل الأيام العشر الأواخر من رمضان، ومنتصف الشهر اقتحمت قواتها المسجد الأقصى واعتدت بالضرب المبرح على المعتكفين بالمسجد واعتقلت نحو 450 تواجدوا فيه.

ومطلع الشهر اقتحمت الشرطة الإسرائيلية المصلي القبلي وأخرجت المعتكفين فيه.

ويقول المسلمون، إن من حقهم الاعتكاف في المسجد طوال أيام شهر رمضان، ولكن الشرطة الإسرائيلية ترفض السماح لهم بذلك.

وتربط الشرطة الإسرائيلية ما بين منع الاعتكاف وبين اقتحام مستوطنين إسرائيليين للمسجد الأقصى.

وتزامن الثلث الثاني من شهر رمضان هذا العام مع عيد الفصح اليهودي الذي تزداد فيه عادة الاقتحامات الإسرائيلية للمسجد.

وبحسب معطيات دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس فإن نحو 3600 مستوطن اقتحموا المسجد الأقصى خلال 5 أيام من عيد الفصح اليهودي هذا العام.

وسبق للشرطة الإسرائيلية أن زعمت في بيانات لها أن “الهدف من الاعتكاف هو محاولة عرقلة” الاقتحامات الإسرائيلية للمسجد.

والأسبوع الماضي قررت الحكومة الإسرائيلية تعليق الاقتحامات للمسجد الأقصى حتى نهاية رمضان، وهو ما أفسح الطريق أمام اعتكافات بدون اقتحامات للمسجد.

مناشدة ورباط

أم مجدي جابر، من مدينة نابلس شمال الضفة الغربية، قالت للأناضول: “خرجنا من نابلس الساعة الثالثة فجرا ووصلنا إلى الحاجز الإسرائيلي”.

وأضافت: “هذا مسرى الرسول صلى الله عليه وسلم، ونحن نتمسك به حتى لا يبقي الاحتلال الإسرائيلي على استيلاءه على المسجد”.

وأردفت: “أتمنى من كل ملوك العرب والمسلمين أن يأتوا للدفاع عن الأقصى، لأننا نعاني من الاحتلال والظلم والاضطهاد، الشباب والبنات يعانيون ودمنا مستنزف كل يوم”.

ومع ذلك فقد أضافت أم مجدي: “هذه أرض الرباط ولن يهزمنا أحد فيها”.

الاعتكاف

في إحدى ساحات المسجد القريبة من المصلى القبلي، نصب مصلون نحو 20 خيمة صغيرة ينامون فيها أثناء اعتكافهم بالمسجد.

وتتم الاعتكافات في المصلى القبلي والمصلى المرواني والمسجد الأقصى القديم، وتشمل برامجها صلوات قيام الليل وتلاوة القرآن ودروس دينية.

ولاحظ مراسل الأناضول أن ثمة برامج خاصة أيضا للنساء المعتكفات بما فيها الدروس الدينية.

وتوفر دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس وجمعيات خيرية محلية وخارجية وجبات الإفطار والسحور للمعتكفين بالمسجد الأقصى خاصة القادمين من خارج مدينة القدس.

ويحتاط المعتكفون من اقتحامات الشرطة الإسرائيلية لساحات المسجد الأقصى في ساعات الليل.

المصدر: الأناضول