“نتنفس حرية”..معرض فني في غزة يجسد معاناة الأسرى الفلسطينيين



عبر أشكال فنية متعددة قدم معرض نتنفس حرية في غزة، نموذج محاكاة واقعي عن حياةِ الأسرى في سجون الاحتلال وما فيها من ألمٍ، وأملٍ، ومعاناةٍ ومراغمة، ليبقي الذاكرة الفلسطينية حيّة ومتفاعلة مع أبطال يترقبون الحرية.

وفي حفل الافتتاح، أكدت الحركة الوطنية الأسيرة في سجون الاحتلال، أنّ معرض “نتنفس حرية”، الذي افتتح الاثنين الماضي، في مدينة غزة بمشاركة الكل الفلسطيني ومؤسسات الأسرى، هو إثباتُ الحضورِ الفعليِ للغائبين خلفَ القضبانِ، في الشارعِ الفلسطيني؛ فَهُمْ من ضحَّى، وصبرَ وصمدَ، ودفعَ الثمنَ سنواتِ العمرِ والبعدِ عن الأهلِ بما جاوزَ الأربعينَ عامًا.

ويسعى المعرض الذي أقيم في قاعة الشاليهات الكبرى غرب غزة لتسليط الضوء على قضية الأسرى ومعاناتهم وتحدّيهم للسجان وجبروته، من خلال عدة أقسام وأشكال فنية.

فالمعرض الذي تستمر فعالياته حتى نهاية الشهر الجاري يضمّ زوايا وأقساماً متنوعة تتحدث عن تفاصيل الحياة اليومية للأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي وتفاصيل المعاناة اليومية لهم.

زاوية فنية

في إحدى زوايا المعرض، علقت لوحات فنية لعدد من الفنانين الفلسطينيين تحاكي معاناة الأسرى، من الاعتقال إلى التحقيق والتعذيب الإسرائيلي.

فهنا لوحة يكسر فيها الأسير قيد السجان، وأخرى يتطلع إلى فضاء الحرية، وغيرها يحلق بجناحيه كاسرًا قيود الزمان والمكان.


وبدا حضور لافت للسلاسل والقيود والأسلاك الشائكة في اللوحات الفنية كتعبير عن واقع ما يعايشه الأسرى.

مجسمات تحاكي الأسر

كما تضمن المعرض مجسمات تحاكي الأسر والاعتقال ومعاناة الأسير، وإرادته وغالبيتها جسدت حالة الألم والبطولة والتحدي.

واشتمل المعرض على زاوية للتراث احتوت على مقتنيات الأسرى، ومنتجات صنعت بأيديهم.

على جدار بالمعرض علق فستان لطفلة صغيرة، وثوب صلاة، يحكي قصة وجع حاكها الأسير الفلسطيني ماجد أبو القمبز.

فالأسير أبو القمبز حاك الثوب والفستان لطفلته وهي بعمر 6 سنوات مستخدمًا كسوة فراش، ليصنع منها في السجن خيوط الشوق والحُب ويهديها ثوبًا جميلاُ لكي يفرح طفلته التي أصبحت اليوم فتاة في عمر الـ 16 عامًا.

أما الزاوية الإعلامية، فتضمّ عروضاً مرئية، ورسوماً متحركة، وإنتاجات مصورة إبداعية إلى جانب الندوات الإلكترونية.

واشتمل المعرض على زوايا تعرف بعمداء الأسرى، وأبطال نفق الحرية.

رسائل الأسرى

وعلى إحدى الجدران، علقت رسائل كتبها الأسرى بأيديهم ووجهوا لذويهم أو للمجتمع عبروا فيها عما يعيشونه وعما يتطلعون إليه من حرية وإسناد.

واحتوى المعرض على زاوية مصورة تتحدث عن تفاصيل حياة الأسرى الفلسطينيين داخل السجون الإسرائيلية من خلال مقطع فيديو صُوِّر وسُرِّب من داخل السجون، حيث سُمح لرواد المعرض بالمشاهدة، ومُنعوا من تصويره حرصاً على سلامة الأسرى.

كما تضمن المعرض على مساحة للاستماع لأمهات الأسرى ورسائلهن حول معاناة أبنائهم وتوقهن للحظة الحرية.

الإنتاج الفكري للأسرى

وفي قسم خاص، عرضت العديد من الكتب التي تعكس جانبا من الإنتاج الفكري والأدبي للأسرى، وحظيت باهتمام خاص من مئات الزوار الذين أموا المعرض.

وشهد المعرض عدداً من الفعاليات التراثية الفلسطينية، كان أبرزها الدبكة والأغاني الخاصة بالأسرى، إلى جانب فعاليات أخرى، كالأعمال المسرحية التي تتحدث عن تفاصيل ما يقوم به الاحتلال ومصلحة السجون الإسرائيلية بحق الأسرى.

ويجمع المعرض النوعي في زواياه أبعادَ قضيةِ الأسرى كافةً من معاناتِهم، وحياتِهم، وإنجازاتِهم، وتطلعاتِهم في أيامٍ معدوداتٍ تبرزُ وتقدّمُ ما عايشَه مئاتُ الآلافِ من شعبِنا في سجونِ الاحتلالِ، وفق الحركة الأسيرة.

وامتاز المعرض بأنه جمع الكلِ الوطني جمعاً صادقاً فعليًّا وضمنَ برنامجٍ عمليٍ لقضيةٍ جوهريةٍ وهي قضيةُ الأسرى، عبرَ مشاركةِ كلِ المؤسساتِ الفلسطينيةِ العامةِ في مجالِ الأسرى.

والدة الأسير ضياء الأغا (عميد الأسرى في قطاع غزة)، أكدت أن مثل هذه الفعاليات يجب أن تشكل رسالة للمنظمات الحقوقية والأممية للتحرك من أجل الضغط على الاحتلال الإسرائيلي لوقف الانتهاكات بحق الأسرى وتحسين حياتهم داخل السجون.

وعبرت عن أمنيتها أن تشهد المدة المقبلة إنجازاً لصفقة تبادل أسرى جديدة، بعدّها الأمل الوحيد الباقي للأسرى الذين حُكم عليهم مدى الحياة، ولا سيما مع تعثر المسار السياسي وعدم التزام الاحتلال تنفيذ الاتفاقيات التي جرى التوصل إليها سابقاً بشأن أسرى ما قبل اتفاقية أوسلو.

عهد الحرية

وفي كلمته خلال افتتاح المعرض أكد عضو قيادة حركة “حماس” في قطاع غزة زكريا معمر، أن “المقاومة الفلسطينية تعمل وستعمل لتحرير الأسرى الأبطال مهما كان الثمن”.

وقال معمر: “نصطف جميعًا خلف قضية أسرانا الأبطال حتى تحريرهم من سجون الاحتلال الإسرائيلي”.

وأضاف “عهدنا للأسرى الأبطال أننا نعمل من أجل تحريرهم وكسر قيدهم”.

وشدد معمر على أن قضية الأسرى يجب أن تبقى حاضرة في كل وقت، مطالبا بفضح ممارسات الاحتلال بحقهم.

وتوافد المئات لزيارة المعرض والتجول في جوانبه بما فيها طلبة وأسرى محررون، وقيادات مجتمعية ورسمية.

الحرية هل المطلب والفريضة

ويسعى المعرض وفق القائمين عليه لتبليغُ رسالةِ الأسرى الأولى والأخيرةِ والوحيدةِ، أنَّ الحريةَ هي المطلبُ والفريضة، ولا بدَّ من ترجمةِ نتائجِ الفعاليات إلى برامجِ تحريرِهم.

المصدر: المركز الفلسطيني للإعلام