بمجرد إعلان “مؤتمر فلسطينيو أوروبا” (تجمع مستقل)، إطلاق مؤتمرهم بنسخته العشرين، في مدينة مالمو جنوب السويد، تحت شعار “75 عامًا.. وإنا لعائدون”، لم تتوقف أقطاب السلطة الفلسطينية وحركة “فتح” عن هجومها على المؤتمر، ممارسة “عملية تخوين، واغتيال لرموز وشخصيات فلسطينية موزونة ومقدرة”.
هجوم طرح العديد من التساؤلات وعلامات الاستفهام، لدى مراقبين تحدثوا لـ”قدس برس”، فلماذا تهاجم السلطة مؤتمرا ينادي ويعزز من قيم العودة في أقصى أوروبا؟، وما الذي تخشاه السلطة من مؤتمر يرفع عنوانا جامعا (العودة) ويعد من ثوابت الشعب الفلسطيني؟، ولماذا لا تعزز السلطة هذه الحالة الفلسطينية الفاعلة في أوروبا بدلا من تخوينها وتهميشها؟، وإذا كانت السلطة والمنظمة تعتبر المؤتمر “تهديدا وجوديا”، فما هو الدور المنوط بها؟.
ويعزو المراقبون، أبعاد وسياقات هذا الهجوم وما يحمله من دلالات خطيرة، إلى أسباب عدة، من أبرزها “تزايد الشكوك من حيث التحدي التاريخي الذي تواجهه منظمة التحرير الفلسطينية، لمدى تمثيلها الحصري للشعب الفلسطيني، في ظل انسداد الأفق أمامها، وتنامي زعزعة وحدانية تمثيلها للفلسطينيين”.
واعتبروا أن “خشية السلطة والمنظمة من مؤتمر يرفع شعار العودة، ومهاجمته بكل حدّة وعدوانية، ينطلق من تخوفها في استيعاب أن يفكر أحد من الفصائل أو القوى والكيانات الفلسطينية في التشكيك بموقعها السياسي، وأن مجرد التفكير بذلك، يمثل خطرا وجوديا عليها”.
ويرى المراقبون، أن السبب الثاني، “يتمثل بما تشهده الأراضي الفلسطينية المحتلة من مظاهر متزايدة بشأن تدهور شعبية السلطة الفلسطينية وانحدار الأداء الميداني لحركة فتح، ربما يمنح مخاوفها من هذا المؤتمر مبررات مشروعة من وجهة نظرها، مع العلم أن رئيسها أبو مازن (محمود عباس) يعلم جيدا أنه دون الغطاء الإسرائيلي والدعم الأمريكي، فإن كرسي الحكم سيهتز تحت أقدامه”.
وأما السبب الثالث: “حالة الجمود السياسي بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وغياب تحقيق إنجاز سياسي للفلسطينيين من خلال مسار التسوية الذي تقوده، زاد من الشعور بالإخفاق والفشل لدى قيادة رام الله، ففي هذه الحالة ستجد منظمة التحرير صعوبة في مواصلة الادعاء بتمثيلها الحصري للشعب الفلسطيني، مما سيزيد نقمتها وغضبها من باقي التيارات الفلسطينية التي تسعى لملء الفراغ الذي تسببت به القيادة المتنفذة لمنظمة التحرير”.
وأما السبب الرابع، والأخير، لهجوم السلطة على مؤتمر العودة، وفق المراقبين، “يعود في جوهره إلى شعور السلطة، بأن التشكيك بتمثيلها للشعب الفلسطيني عاد من جديد، بعدما ظنت أنه تم الاعتراف بها إطارا وطنيا من قبل كل الفصائل الفلسطينية”.
ويرى المراقبون أن “السلطة تحاول دوما الهروب للإمام، وقد تزامن الهجوم على مؤتمر العودة، مع آخر استطلاعات الرأي، الذي أظهر تدهورا في شعبيتها، وانحدارا في جماهيريتها بين الفلسطينيين، فضلا عن اندلاع مظاهرات بين حين وآخر ضد السلطة الفلسطينية وممارساتها القمعية، مما اعتبر في مجموعه تطورا خطيرا غير مسبوق من وجهة نظرها”.
ومن وجهة نظر المراقبين، “حتى لو لم تنجح هذه الشعارات في إسقاط محمود عباس (رئيس السلطة) فعليا، فإنها تعبر عن ديناميكية جديدة في الساحة الفلسطينية الداخلية، وهي كفيلة باهتزاز مكانة منظمة التحرير، وتصعب من خطواتها لتحقيق إنجازات سياسية، وهنا يمكن فهم السبب الحقيقي للهجوم غير المشروع على مؤتمر مالمو”.
وقال رئيس مؤتمر “فلسطينيو أوروبا” أمين أبو راشد، في بيان صحفي، إن “فعاليات المؤتمر من المقرر أن تنطلق صباح يوم 27 أيار/مايو المقبل، بحضور مجموعة واسعة من البرلمانيين والسياسيين والناشطين السويديين والأوروبيين، وشخصيات فاعلة من مختلف دول العالم”.
وأشار إلى أن المؤتمر سيتضمن إقامة مهرجانات وورش عمل بلغات أوروبية مختلفة، الهدف منها “تسليط الضوء على جميع مفاصل القضية الفلسطينية”، لافتا إلى أن نحو 34 لجنة متخصصة تعمل من أجل إنجاح فعاليات المؤتمر بمختلف جوانبه الفنية واللوجستية.
المصدر: قدس برس
الرابط المختصر https://insanonline.net/?p=141168