فلسطينيو كندا..الدور المنشود يصطدم بسطوة اللوبيات

الفلسطينيون أينما حلوا هم سفراء لوطنهم، ضيوف في غير بلادهم، أجبرتهم النكبة وما سبقها وما تلاها من أحداث على الهجرة، ومن هذه البلاد كندا، تلك البلاد الواقعة وراء البحار، وما تعتري إقامتهم فيها من تعقيدات كبيرة، إلا أنهم بكل تأكيد بانتظار قطار العودة قريبًا.

ولعل اللافت في قضية الوجود الفلسطيني في كندا هو سياسات الدولة وانحيازها للكيان الصهيوني، وموقف مناقض يتعلق باستعداده لاستقبال اللاجئين الفلسطينيين، وهو ما فسر بأنه محاولة لتوطين اللاجئين، وحرمانهم من حق العودة.

مراحل الهجرة

ووفق إطلاع مراسلنا فتعود بدايات الهجرة الفلسطينية إلى النصف الثاني من ستينيات القرن العشرين، وبالتحديد إلى ما بعد حرب حزيران 1967م، حيث وصل العشرات من فلسطينيي 48 إلى كندا، وكانت غالبيتهم من مسيحيي مدينة الناصرة وقضائها، حيث كانت “إسرائيل” (بحسب شهادة بعض المهاجرين) تشجع الحكومة الكندية على استقبالهم كجزء من خطة إفراغ المدن الفلسطينية العربية من سكانها الأصليين، وكذلك شهدت كندا هجرة عدد من الطلبة الذين أنهوا دراساتهم في بعض الدول الأوروبية، ولم يتمكنوا من العودة إلى الضفة الغربية أو قطاع غزة، إضافة إلى بعض الأكاديميين الفلسطينيين.

كما وشهدت سنوات السبعينيات هجرة عائلات بكاملها من مناطق 48 لأسباب سياسية واقتصادية. وحتى بداية الثمانينيات لم يتجاوز عدد الفلسطينيين في كندا خمسة آلاف مهاجر.

أما في الثمانينيات فقد بدأت تتسع موجة الهجرة الفلسطينية من لبنان إلى كندا خاصة بعد الاجتياح الإسرائيلي للبنان ومجزرة صبرا وشاتيلا، وراحت أعداد من فلسطينيي لبنان تصل إلى كندا.

وكانت الموجة الأكبر، بعد الاجتياح العراقي للكويت؛ حيث تم طرد وتهجير عشرات الألوف من فلسطينيي الكويت والخليج، وساهم في ذلك تعديل قوانين الإقامة في الدول الخليجية التي تفرض خروج الأبناء الذكور ممن تجاوزوا الثامنة عشرة من الفلسطينيين المقيمين مع ذويهم.

وشهدت تلك الفترة هجرة ما يقارب عشرة آلاف فلسطيني من مختلف دول الخليج. ونظراً لحجم المدخرات المالية لفلسطينيي الخليج، ومؤهلاتهم العلمية “مهندسون، محاسبون، أطباء، إلخ”، فقد كانت الموافقة على طلباتهم تتم بشكل سريع.

وبعد اتفاق أوسلو، خاصة بعد الانتفاضة الثانية، وتدهور الوضع الاقتصادي وفقدان الأمل بعملية السلام، شهدت كندا موجة لجوء كبيرة من شبان الضفة الغربية، ووصل عددهم إلى ما بين أربعين ألفاً وخمسين ألف مهاجر.

تقدر منظمة التحرير الفلسطينية بإحصائيات صدرت عنها عام 2022 أن عدد أبناء الجالية الفلسطينية في كندًا تبلغ 30 ألف، يتمركزون في مسي سكا، ومقاطعة اونتاريو، وكيوبيك، وبريتش كولومبيا، واستطاعوا الاندماج في مناصب مهمة، كرؤساء جامعات، وأطباء، وأصحاب شركات، وهو ما يدلل على اندماجهم التام في المجتمع الكندي.

في إطار الأفراد

دراسة أعدتها بوابة اللاجئين، أكدت أن الحكومة الكندية تتعامل مع الفلسطينيين في بلادها في إطار الأفراد في حيز غير مسيس منفصلين عن قضيتهم، إلا أن هناك فلسطنييين يغردون خارج هذه السردية.

وعلى الرغم من أن أبناء الجالية الفلسطينية في كندا يتمتعون بوظائف مهمة، ولديهم مساهماتهم داخل المجتمع المضيف، إلا أن الثقل السياسي لديهم لا يزال ضعيفًا، ولا يتناسب مع ما يأمله الفلسطينيون من جاليتهم في كندا في ظل دعم الحكومة هناك لسياسات الاحتلال.

ورغم أن تاريخ العلاقات الرسمية بين فلسطين وكندا معقد، وبدأ مع اعتراف منظمة التحرير بـ”إسرائيل”، إلا أنه ووفق الدراسة، تعد كندا من الدول المنحازة تاريخًا للاحتلال الإسرائيلي، والعلاقات مع كندا بدأت في أعقاب اتفاق أوسوا وافتتاح مكتب الممثلية الكندية في رام الله، وجرى افتتاح مكتب ممثلية فلسطينية في العاصمة أوتاوا، تحت اسم المفوضية الفلسطينية العامة.

ورغم التعقيدات إلا أن جيلًا من الفلسطينيين بدأ في العمل في بيئة يعمل فيها اللوبي اليهودي بقوة كبيرة، إضافة لسياسات حكومية داعمة للكيان الصهيوني.

وفي قلب هذه المجموعات كانت مجموعات مقاطعة “إسرائيل” المحور الأساسي في هذا النشاط.

حركات المقاطعة

مصادر من مجموعات مقاطعة “إسرائيل” بكندا أكدت لـ”المركز الفلسطيني للإعلام” أن عملهم في البلاد قد يكون الأخطر على الإطلاق، في ظل سطوة اللوبي الصهيوني، وانحياز كبير لأوتاوا للكيان الصهيوني.

وقالت المصادر إنهم ورغم التعقيدات المهولة التي تعتري أعمالهم، إلا أنهم يواصلون سعيهم لفرض مقاطعة للاحتلال قدر الإمكان، في المحافل الشعبية في كندا، ونقل جرائم الاحتلال الصهيوني وما يحدث في الضفة والقدس وقطاع غزة من إجرام صهيوني.

المصدر: المركز الفلسطيني للإعلام