ترمسعيّا..الأرض الخضراء على فوهة نار وإجرام المستوطنين

“ترمسعيّا”.. بلدة فلسطينية جميلة ورائقة.. تملؤها الخضرة ومظاهر الحياة الريفية الهادئة.. تتبع محافظة رام الله والبيرة، وتبعد عن مدينة رام الله 23 كيلو متر تقريبًا إلى الشمال الشرقي، وتقع في المنتصف بينها وبين مدينة نابلس على الخط الرئيسي الواصل بين المدينتين.

مجزرة إرهابية بشعة

لم تشفع لها خضرتها وجمالها وهدوءها أمام إجرام 400 من المستوطنين الذين توحشوا ضد أهلها وبيوتها ومركباتهم اليوم، ونفذوا مجزرة إرهابية بشعة، فقتلوا شابًّا وأحرقوا أكثر من 30 بيتا وما يزيد عن 100 مركبة، ودمروا الكثير من ممتلكات المواطنين وأراضيهم الزراعية.

ليست هي المجزرة الأولى، فهذه القرية الريفية التي يعيش كثير من سكانها في المهجر، ويترددون عليها بين الفينة والأخرى زائرين، يستهدفها مستوطنو مستوطنتي عادي عاد وشيلو المقامتين على أراضيها بشكل مباشر بالتجريف والقلع والمصادرة، وينفذون جرائم متتالية فيها بين الحين والآخر.

بعض سكان القرية، يحملون الجنسية الأمريكية، كانوا قد وصلوا للتو من الولايات المتحدة في زيارة لأقاربهم، كانوا يتلهفون لمعانقة أحبابهم وأصدقائهم بعد 12 عامًا من الغربة، لكن العقلية الإجرامية للمستوطنين أبت إلا استقبالهم بهذه الهمجية العدوانية، فحرقوا مركبتهم والبيت الذي نزلوا فيه، ونجوا بأعجوبة بعد أن فروا من خلال أحد النوافذ الخلفية.

القرية تتساءل عن بنادق السلطة

“ترمسعيّا” التي تحاول بكل ما يملك أهلها من إرادة، الصمود في وجه المحتل وقطعان المستوطنين، تتساءل عن دور السلطة وبنادقها في حماية المواطنين في القرية أمام هذه الوحشية الصهيونية.

وعبر أهالي القرية عن غضبهم وسخطهم لغياب أجهزة أمن السلطة أمام هجمات المستوطنين، وحمل أهالي البلدة السلطة وحكومتها، مسئولية ما يتعرضون له من اعتداءات من قبل المستوطنين.

وطالب أحد المواطنين، السلطة بتسليحهم أو حمايتهم من هجمات المستوطنين، مذكراً بوجود سبعين ألف مسلح يتبعون للأجهزة الأمنية في الضفة. ووجه الأهالي رسالة لرئيس السلطة محمود عباس، بأنه إذا لم يكن على قدر المسؤولية لحماية المواطنين فعليه التنحي من منصبه، لأشخاص أكثر كفاءة.

صامدون كالجبال

أهالي “ترمسعيّا”، هم جزء أصيل من هذا الوطن، يعشقون ترابه، ومستعدون للتضحية بكل شيء من أجل الثبات على أرضهم، ما زالوا صامدين كالجبال الرواسي، ويواجهون جرائم المستوطنين بصدورهم العارية، لكنهم يتوقون للحظة الخلاص التي تعيد لبلدتهم نسماتها الهادئة وروح الحياة الجميلة في أحضان الطبيعة الساحرة، بلا احتلال، وبلا مستوطنين.

تبلغ مساحة هذه البلدة الصامدة ثمانية عشرة ألف دونم، وترتفع 720 مترا عن سطح البحر، وتحيط بها من الشرق قرى المغير، جالود، أبو فلاح، ومن الغرب سنجل، ومن الجنوب المزرعة الشرقية، ومن الشمال قريوت.

عدد سكانها الإجمالي حاليا حوالي 12000 نسمة، منهم حوالي 8000 يعيشون في المهجر، ويتوزعون بين الولايات المتحدة الأمريكية وبنما والأردن والبرازيل والإمارات.

ترمسعيّا تنهض بنفسها

تشتهر ترمسعيا بالسهول الخضراء والجبال كما أنه يوجد بها نبع ماء يعرف بنبع ترمسعيا، وكانت قديما مجلسا قرويا وكان كل سكان البلدة يعملون في الزراعة وخصوصا في زراعة الزيتون.

في القرية مسجد جامع تأسس عام 1926م ويضم مزار يدعى مزار الشيخ صالح، ويوجد في القرية عيادة طبية واحدة ومركز لرعاية الأمومة والطفولة، وتتوفر فيها الخدمات الهاتفية، ويوجد فيها العديد من المواقع الأثرية والخرب وأضرحة ضخمة من العهد الروماني.

وفي القرية أيضًا جمعية التنمية للريف تأسست عام 1984م، وتشرف على العديد من الأنشطة منها محو الأمية، وروضة للأطفال، والتأهيل المهني والأنشطة الصحية والرياضية، صادرت سلطات الاحتلال جزءاً من أراضي القرية وأقامت عليها مستوطنة شيلو.

تضم القرية: خربة أبو ملول وخربة كفر ستونا وخربة عموريا وخربة الرشيد، وحديثا، أنشأت فيها العديد من الخدمات منها مدارس ومستشفى متطور والعديد من الخدمات والبنى التحتية، وقد أصبحت بلدية في عام 1997.

في عام 2005 أجريت فيها أول انتخابات بلدية. وفي عام 2009 تم افتتاح مقر البلدية الجديد الذي يتكون من ثلاثة طبقات على الطراز المعماري الحديث.