تبددت آمال اللاجئ الفلسطيني عامر درويش المقيم في لبنان، بتسجيل مجموعة من الابتكارات التي توصل إليها على نطاق دولي؛ لعدة إشكالات أبرزها كونه لاجئ، في حين حرم من المشاركة بمسابقات ومؤتمرات علمية لعدم تمكنه من السفر لحمله وثيقة سفر مؤقتة.
ودرويش هو واحد من ملايين اللاجئين الفلسطينيين الموزعين في أرجاء العالم ولا يزالون يعانون الحرمان من حقهم في السفر الطبيعي؛ لحيازتهم وثائق سفر مؤقتة باسم البلدان التي لجؤوا إليها، وهي وثائق لا ترقى لجوازات السفر الرسمية التي تفتح أمامهم آفاق السفر والتحرك بسهولة أكبر.
وأكد درويش لـ”المركز الفلسطيني للإعلام” أن عدم حصول اللاجئ الفلسطيني على هوية وطنية وامتلاكه وثيقة سفر مؤقتة يضع أمامه الكثير من العراقيل.
وأوضح أن محاولته تسجيل براءة اختراع على مستوى دولي في المنظمة العالمية للملكية الفكرية (الويبو) اصطدمت بشرط ضرورة أن يكون عند المتقدم وطن وبصفتي لاجئ صنفت كشخص بلا وطن، والشرط الثاني أن يكون الوطن ضمن منظمة الويبو.
وبيّن أن محاولته أيضًا لتسجيل براءات اختراع في بعض الدول العربية والإسلامية اصطدمت بشرط الحصول على إقامة في تلك البلدان، ولكن بسبب وثيقة السفر المؤقتة لم يكن بالإمكان الحصول على هذه الإقامة.
وأشار إلى أن امتلاكه وثيقة سفر مؤقتة حرمه عدة مرات من المشاركة في تجمعات مهندسين ومؤتمرات علمية، لتعذر حصوله على فيزا سفر على الوثيقة.
وشدد على ضرورة إيجاد حلول لهذه الإشكالات، متسائلاً كيف يمكن للصهاينة المحتلين لأرضنا أن يتفاخروا ببراءات الاختراع ويتمكنوا من تسجليها، في حين نحن أصحاب الأرض اللاجئين نصنف أننا بلا وطن؟ يضيف يجب إيجاد حل لهذا الأمر من ناحية قانونية.
وتتعدد وثائق السفر التي يملكها اللاجئون الفلسطينيون بحسب البلدان العربية التي هجروا إليها، ولكنها جميعها باتت عائقًا يحرمهم من حرية السفر والحركة.
مشكلة مركبة ومعقدة
ويؤكد علي هويدي، مدير عام الهيئة 302 للدفاع عن حقوق اللاجئين، أن الوثيقة مشكلة مركبة ومعقدة ومرتبطة بالدولة المضيفة.
وقال هويدي لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: حق من حقوق الإنسان أن يتمكن الإنسان من التنقل والسفر وأن يعود لبلده متى شاء وكل ذلك غير ممكن أن يتحقق بشكل طبيعي حال حيازته على وثيقة سفر مؤقتة.
وأشار إلى أن لبنان تصدر وثيقة سفر صالحة لـ 5 سنوات، وليس من السهولة الحصول على أي فيزا يسافر عليها اللاجئ سواء الدول الأجنبية أو العربية على هذه الوثيقة.
وبيّن أن ذلك يدفع اللاجئ لمغادرة البلد (عن طريق الهجرة غير النظامية) ولو أدى ذلك إلى تعرض عائلته للخطر سواء الخطف، أو القتل، أو الاستغلال، أو الغرق.
وضع مؤقت استمر 75 عامًا
ورغم أن قضية منح اللاجئين الفلسطينيين وثائق سفر، طرحت عقب النكبة، عام 1948 بعدما هجّر مئات آلاف اللاجئين إلى الدول العربية المحيطة؛ إلاّ أنها بقيت إلى اليوم دون حل جدّي.
وتحت دعوى أن وضع اللاجئين مؤقت، وأن منحهم الجنسية يقوض الجهود الرامية إلى تحقيق عودتهم، ومنحهم تعويضات؛ حرموا من الحصول على جواز سفر من الدول التي هاجروا إليها.
ومع تفاعل هذه المشكلة بين أوساط اللاجئين، والعبء الإضافي، الذي شكلته على كاهل الدول العربية المضيفة، طالب مجلس الجامعة العربية بتاريخ 14 أيلول (سبتمبر) 1952 بإصدار جواز سفر موحد للاجئين تسهيلا لسفرهم وتحركاتهم، شرط ألاّ يشكل هذا الإجراء قبولاً بالوضع السياسي، آنذاك، أو انتقاصاً من حقوق اللاجئين في فلسطين. وبقي هذا القرار حبراً على ورق ولم تنفذه أي من الدول العربية، بحسب دراسة سابقة أجراها نعيم قاسم.
وبعد هذا التاريخ بعام ونصف، تقريباً، صدر عن الجامعة العربية في 27/1/1954 قرار آخر يدعو كل الحكومات المضيفة للاجئين الفلسطينيين إلى منحهم وثائق سفر مؤقتة، كلاً بمفرده، شريطة ألا يكون اللاجئ قد حصل على جنسية بلد آخر.
وفي 14/10/1955 صدر قرار آخر عن الجامعة العربية طالب بمنح وثائق سفر للاجئين الفلسطينيين المقيمين خارج العالم العربي. كما أصدرت قراراً يمنع الدول العربية من السماح بالجمع بين جنسيتين عربيتين، وأنه لا تمنح الجنسية العربية للاجئ الفلسطيني حفاظاً على هويته. لذا لم تعط سوريا ولبنان والعراق الجنسية للاجئين الفلسطينيين لتلافي توطينهم وإغلاق ملف قضية اللاجئين بالتالي.
ووفق دراسة نعيم قاسم، هناك وثائق سفر مصرية، ولبنانية، وسورية، وعراقية، ويمنية، وجميعها تحمل الصفة المؤقتة تخول حاملاها السفر المحدود، وبعضها كان يمتاز عن الآخر قليلاً، ولكنها جميعها لم تكن قادرة على تحقيق رغبات اللاجئين الفلسطينيين في حرية السفر بسهولة.
عوائق السفر
ويؤكد سامي حمود مدير منظمة “ثابت” لحق العودة، أن قضية وثيقة السفر للاجئين الفلسطينيين في لبنان (وهو أمر ينطبق على حملة باقي الوثائق) لا تزال تشكل عائقا لهم في التنقل والسفر خارج البلد؛ إن كان طلبا لفرصة عمل أو تعليم.
وأوضح حمود في حديثه لـ”المركز الفلسطيني للإعلام” أن ذلك يعود لأكثر من سبب منها طبيعة الوثيقة التي بقيت لسنوات طويلة تصدر بطريقة غير تقنية وغير معمول بها في كل دول العالم، مما تسببت بمشاكل كثيرة للمسافرين اللاجئين أثناء مرورهم في المطارات كونها معمولة بخط اليد.
وأشار إلى أن كثيرا من الدول لا تعطي تأشيرة دخول للاجئين الفلسطينيين من لبنان لأسباب سياسية فهي تضطهد حق اللاجئ الفلسطيني في حرية التنقل والسفر.
وأضاف أن النظرة العنصرية للاجئ الفلسطيني في لبنان من بعض الشخصيات والتيارات السياسية، كانت تحرّض عليه تحت ذريعة رفض التوطين، والضغط عليهم حتى يهاجروا بأي طريقة حتى لو كانت غير شرعية وتعرضهم لخطر الموت عبر القوارب.
وقال: المطلوب من الدولة اللبنانية والدول العربية والإسلامية على وجه الخصوص معاملة اللاجئ الفلسطيني كأي مواطن عربي وإسلامي وله حق الحصول على تأشيرة وحق التنقل والسفر لأي دولة قاصدا العمل أو التعليم أو العلاج.
وقبل سنوات بدأت السلطة الفلسطينية بإصدار جواز سفر خاص باللاجئين الفلسطينيين (أي بلا رقم وطني) وهو يعطى لمن لا يملكون بطاقة الهوية في الضفة الغربية أو القدس من المقيمين في سوريا ولبنان والعراق وغيرها من دول الشتات، وتصدره السفارات الفلسطينية في هذه الدول، ولكن هذا الجواز لا يخول المسافرين بالحركة في غالبية الدول، كما أن حمله يمكن أن يهدد اللاجئ بسحب وثيقة السفر المؤقتة منه.
وتبقى أزمة وثيقة السفر واحدة من الإشكالات التي لا تزال ترافق اللاجئين الفلسطينيين بعد عقود من النكبة وتعيق سفرهم وحقهم في التنقل كباقي البشر في العالم، فإلى متى تستمر هذه المعاناة؟
المصدر: المركز الفلسطيني للإعلام
الرابط المختصر https://insanonline.net/?p=142862