من بين الركام، يبحث الطفل الفلسطيني فادي الغول (5 سنوات) عن بقايا ألعابه التي تحطمت نتيجة تفجير الجيش الإسرائيلي لمنزل عائلته بمخيم جنين شمالي الضفة الغربية.
وفي رده عن سؤال بشأن والده، قال فادي للأناضول وهو يتجول مع جده في منزل عائلته الذي لم يعد صالحا للسكن: “والدي في السجن، أخذه اليهود (الجيش الإسرائيلي)”.
ورغم مرور أسبوع على العملية الإسرائيلية الواسعة في مخيم جنين، والتي راح ضحيتها 12 فلسطينيا وإصابة 140بجراح بينهم 30 بحالة خطيرة، ما تزال عائلة الغول تعيش بعيدة عن منزلها.
جد الطفل محمود الغول (60 عاما) قال للأناضول إن بيته “كان يسكنه 3 عائلات، أصبح جميعهم مشردين خارج المخيم عند أقاربهم”.
وعن ساعات من الخوف عاشتها عائلته أثناء القصف الإسرائيلي، قال الغول: “في اليوم الأول، داهمت قوة إسرائيلية منزلنا واعتقلت أبنائي الثلاثة أمام زوجاتهم وأطفالهم، بعد عملية تخريب وتفتيش دقيق لكل مقتنيات البيت”.
وأشار إلى أن عائلته “أجبرت على النزوح مع عشرات العائلات تحت القصف ونيران الاشتباكات، ليعود بعد 24 ساعة إلى المخيم ويتفاجأ بحالة منزله التي لا تسر”.
وقف الغول أمام مدخل الطابق الأرضي للمنزل حيث الدمار، وقال: “بعد النزوح عاد الجيش الإسرائيلي إلى البيت مرة أخرى وفجّر الأبواب ودمر أساساته وكسر كل شيء، فلم يعد هناك شيء صالح للاستخدام”.
وأضاف: “سرق الجيش الإسرائيلي نحو 250 ألف شيكل إسرائيلي كانت مخبأة في مكان سري بالمنزل”.
وأردف وهو يمسك بيده حصالة لأحد أحفاده: “أنظر، بضعة شواكل تم سرقتها أيضا من قبل الجيش الإسرائيلي”.
وأوضح الغول أن “الجيش الإسرائيلي أدخل الرعب في قلوب الأطفال والنساء دون سبب، إنهم يريدون قتل طفولتهم”.
وأشار أن الجيش الإسرائيلي دمر بيته سابقا في عام 2002 بشكل كامل، لكنه أعاد بناءه ليجد نفسه اليوم أمام المشهد نفسه من الدمار والخراب، بحسب قوله.
قتل للأزهار والطيور
ويمتاز بيت الغول، رغم مساحته الضيقة، بحديقة لا تزيد مساحتها عن 40 مترا مربعا، ومزرعة خلفية لطيور الزينة التي تعرضت للدمار أثناء القصف الإسرائيلي.
ويقول الغول إنه “رجل يحب الحياة ويصنع السعادة لنفسه وأسرته، لكن مقابل هذا الجمال يأتي الجيش الإسرائيلي ليدمر كل شيء بما في ذلك الزهور والعصافير”.
وأشار إلى أنه “فقد نحو 60 عصفورا، قتل بعضها نتيجة تطاير الزجاج والحجارة بفعل التفجيرات، وأخرى فرت من أقفاصها”.
النزوح بدلا عن الزفاف
بدورها، أشارت عزية الغول، (الجدة)، إلى أن عائلتها تعيش اليوم حالة نزوح، بدلا من أن التحضير لزفاف نجلها الأصغر.
وتضيف للأناضول: “كان من المفترض أن نفرح بزفاف نجلي مطلع سبتمبر/ أيلول المقبل، لكننا اليوم نعيش حالة نزوح وتشرد عقب تفجير المنزل وسرقة الأموال”.
ولفتت عزية، المعروفة باسم “أم جهاد”، إلى أن “المبلغ المسروق كان محصلة تعب زوجها وأبنائها، وخصص لتجهيز منزل نجلها وزفافه”.
وتفقدت أم جهاد شقتها وشقق أبنائها قائلة: “لا يوجد ما يمكن الاستفادة منه، دمروا كل شيء، فجروا الطابق الأرضي، لا يوجد أثاث يمكن الاستفادة منه”.
وأوضحت السيدة التي تعيش حالة من الفقد، أن “الجيش الإسرائيلي اعتقل 3 من أبنائها خلال اجتياح المخيم، وأفرج لاحقا عن اثنين منهم، بينما بقي الابن البكر معتقلا”.
دمار كبير
ويعد منزل عائلة الغول واحدا من عشرات المنازل في مخيم جنين التي طالها التدمير، حيث قال عطا أبو رميلة، أمين سر حركة “فتح” بمخيم جنين، إن “العملية الإسرائيلية دمرت 32 بيتا بشكل كامل، و140 بشكل جزئي، بينما تعرضت مئات المنازل لأضرار خفيفة وتكسير أثاثها”.
ولفت إلى أن “الجيش الإسرائيلي حقق نجاحا في تدمير البنية التحتية للمخيم والمنازل، لكن المقاومة انتصرت عليه بكل ما تعنيه الكلمة”.
وأشار أبو رميلة الذي يرأس لجنة إعادة الإعمار بالمخيم، إلى أن “العمل بدأ لإعادة الإعمار بتوجيهات من الرئاسة الفلسطينية والحكومة”، موضحا أن “الطواقم الفنية بدأت بالعمل بأقصى قدراتها لإعادة المخيم كما كان وأفضل”.
ويسكن المخيم الذي يتكون من نحو ألف عقار بين شقة وبيت مستقل، نحو 15 ألف نسمة، وفق مراسل الأناضول.
وفي 3 يوليو/ تموز الجاري، أطلقت إسرائيل عملية عسكرية استمرت نحو 48 ساعة في مدينة جنين ومخيمها، استخدمت فيها مروحيات وطائرات مسيرة وقوات برية بزعم “ملاحقة مسلحين”.
والأربعاء، زار الرئيس الفلسطيني محمود عباس، مخيم جنين ووصفه بأنه “أيقونة النضال والصمود والتحدي”.
وأضاف في كلمة خلال زيارة تفقدية لمعاينة آثار الدمار الذي خلفته العملية العسكرية الإسرائيلية، إن “مخيم جنين البطل صمد في وجه العدوان، وقدم التضحيات والجرحى وكل ما لديه في سبيل الوطن”.
وقال: “سنبدأ إعادة الإعمار فورا ليعود مخيم جنين كما كان سابقا وأفضل”.
وخاطب عباس الإسرائيليين قائلا: “ارحلوا عنا نحن هنا باقون”.
المصدر: الأناضول
الرابط المختصر https://insanonline.net/?p=142974