يقول الفلسطيني محمد زين أبو صبيح (40 عاما) أنه “لا يخشى شيئا ويمكنه أن يضحي بنفسه شهيدا دفاعا عن تراب أرضه”.
وفي الأيام القليلة الماضية، تداول مستخدمون لمواقع التواصل الاجتماعي مقطعا مصورا يُظهر أبو صبيح وهو يتصدى في 10 أغسطس/ آب الجاري لمستوطنين مسلحين اقتحما قطعة أرض يملكها في منطقة مسافر بني نعيم في محافظة الخليل جنوبي الضفة المحتلة.
مشاهد مثيرة وثقتها عدسة الهاتف الجوال للفلسطيني بينما حاول المستوطنان السيطرة على مركبته والعبث بها وبمحتوياتها ونسخة من القرآن الكريم.
ويظهر أبو صبيح وصديقه بلال أبو ميالة وهو يصرخ في وجه المستوطنين متحديا: “هيا أطلق النار على صدري “، ويكمل “الآن تأتي الشرطة ونرى”.
ملابسات المواجهة يوضحها بقوله: “قبل يومين من الحادثة سرق مستوطنون أدوات خاصة لبناء عرشا مخصصة لأشجار العنب من داخل الأرض، ثم أمسكت باثنين منهم داخل أرضي المشيكة بجدار وأسلاك”.
ويضيف: “أغلقت الطريق عليهم ومنعتهم من المغادرة لحين حضور الشرطة الإسرائيلية، حيث اتهمتهم بسرقة كل ما كان في الأرض”.
وعلى إثر ذلك وقعت المجادلة مع المستوطنين المسلحين.
ويشير إلى أن “كل منهم كان يحمل بندقية ومسدسا، وتهجموا علينا بالكلام والضرب بالسلاح، ولكن كنا لهم بالمرصاد”.
تشبث بالأرض
وعن كيفية الدفاع عن أرضه يقول أبو صبيح: “لا نملك شيء سوى صدورنا العارية، يمكنه إطلاق النار علينا في حينه يمكنه أخذ الأرض”.
ولا تبعد مستوطنة معالي جفير الإسرائيلية عن أرض أبو صبيح سوى 700 متر، حيث تقابلها بشكل مباشر، ويقول “لا يريدون أي مظهر من التعمير والاستصلاح في الأراضي الفلسطينية ليسهل عليهم السيطرة عليها، لذلك يمارسون كل أشكال العربدة”.
ويلفت إلى أنه يملك الأرض البالغ مساحتها دونمين ونصف (الدونم يعادل ألف متر مربع)، ولديه أوراقا رسمية بها، ورغم ذلك أوقفته السلطات الإسرائيلية وطلبت منه عدم البناء والإعمار، غير أن يصر على الاستمرار.
ورافضا كافة التهديدات الإسرائيلية، يمهد أبو صبيح لبناء كرم من العنب ويقول إنه “مشروع عائلي صغير”، ويقول إن “المستوطنين يدفعون بالجيش لوقف الإعمار”.
ويشير إلى أنه استطاع الحصول على تعهد من المستوطنين للجيش الذي حضر للموقع بعدم الدخول إلى أرضه ثانية، غير أن مستوطنين آخرين حضروا في اليوم التالي إلى الموقع.
ويقول: “نحن نحب الحياة، لا نبحث عن عنف وقتال، ولكن هذه الأرض ملكنا وتم فحص كل الأوراق اللازمة من قبل الجيش والإدارة المدنية الإسرائيلية، سأدافع عنها وإن كلفني الأمر روحي”.
أبو صبيح يمسك حفنة من تراب الأرض ويقول “من يدافع عن أرضه وعرضه فهو شهيد، ومن أجل حفنة من هذا التراب أقدم روحي رخيصة، لا يمكن لأحد أن يأخذها مني حتى لو كلفني الأمر حياتي”.
ويتابع: “لا يخفى أن هؤلاء (المستوطنون) مدعومين من قِبل الحكومة الإسرائيلية ووزرائها ونواب في الكنيست (البرلمان)، لكن نحن بإذن الله لن نفرط بها”.
ويشير إلى أن سكان المناطق النائية في مسافر بني نعيم يتعرضون لانتهاكات يومية من المستوطنين الذين يقتحمون حرمة بيوتهم لترهيبهم ودفعهم إلى الرحيل.
ومصرا على مقاومة أي اقتحام من جانب المستوطنين، يقول أبو صبيح إن الإدارة المدنية طلبت منه مغادرة الأرض عند وجود المستوطنين غير أنه رفض ذلك، وقال “قلت لهم يا أنا يا هم”.
ويعمل أبو صبيح في التجارة والعقارات وهو ناشط على مواقع التواصل الاجتماعي، ويستعد لزراعة أرضه بأشجار العنب، ويقول إن “هذه الأرض يمكن أن تصبح جنة، تحتاج فقط الرعاية والتعمير والزراعة”.
وعادة ما يصطحب أصدقائه وأطفاله إلى الأرض، وعن ذلك يقول “نحاول أن نزرع حب الأرض في أطفالنا، اليوم بات لديهم قناعة أن مَن يترك الأرض يتم السيطرة عليها لقمة سائغة من قِبل المستوطنين”.
تصاعد عنف المستوطنين
ووفقا للأمم المتحدة فإن عنف المستوطنين في تصاعد منذ بداية العام الجاري، بعد أن تسلمت الحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو السلطة في 29 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، والتي توصف بأنها “أكثر حكومة يمينية متطرفة في تاريخ إسرائيل”.
وتضم الحكومة بين أعضائها عددا من المستوطنين اليمينيين المتطرفين، بينهم وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش.
وأفاد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في الأراضي المحتلة، عبر تقرير أرسل نسخة منه للأناضول في 4 أغسطس/ آب الجاري، بأن المنظمة الدولية سجلت خلال الأشهر الستة الأولى من العام الجاري 591 حادثا مرتبطا بالمستوطنين.
التقرير أوضح أن هذه الحوادث أسفرت عن سقوط ضحايا بين الفلسطينيين أو إلحاق أضرار بممتلكاتهم أو كلا الأمرين معا، ورصد زيادة نسبتها 39 في المئة في المتوسط الشهري لهذه الحوادث عند مقارنتها مع 2022.
و2022 كان يُصنف العالم الأعلى في عدد الحوادث المرتبطة بالمستوطنين، منذ أن بدأت الأمم المتحدة في توثيق تلك الحوادث في 2006.
وتقول حركة “السلام الآن” الحقوقية الإسرائيلية إن نحو نصف مليون مستوطن يعيشون في 132 مستوطنة و146 بؤرة استيطانية غير مرخصة في الضفة الغربية، فيما يقيم حوالي 230 ألف مستوطن في المستوطنات المقامة على أراضي القدس الشرقية المحتلة منذ 1967.
المصدر: الأناضول
الرابط المختصر https://insanonline.net/?p=143888