قال حقوقيون وأكاديميون أمريكيون إن الخطاب حول فلسطين يمكن ربطه بقضايا الحرية والرقابة الأكاديمية التي تواصل الهيمنة على المحادثات في الجامعات الأمريكية، مشيرين إلى أن الأساليب المستخدمة لإدراج الأكاديميين المؤيدين للفلسطينيين في القائمة السوداء يتم استخدامها الآن ضد الطلاب والأكاديميين في مجالات أخرى.
إذ قالت ديما خالدي، المديرة التنفيذية لمنظمة “فلسطين القانونية”، إنَّ الأكاديميين عملوا طوال عقود لوضع قضية الحقوق الفلسطينية في صدارة اهتمامات جامعاتهم، وهو ما أدَّى في كثير من المناسبات إلى محاولات من جانب المجموعات الصهيونية والداعمة لإسرائيل، لفرض الرقابة على أصوات هؤلاء، بحسب موقع Middle East Eye البريطاني.
“تآكل حقوقنا الدستورية”
وخلال ندوة عبر الإنترنت استضافها “المركز العربي واشنطن دي سي”، وهو مركز أبحاث مقره واشنطن، الجمعة 25 أغسطس/آب قالت الخالدي: “من الواضح أنَّ هناك استثناءً لفلسطين من حقوقنا في حرية التعبير، لكنَّه ليس الاستثناء الوحيد. وأعتقد أنَّها إشارة على التآكل السريع لحقوقنا الدستورية”.
وقُدِّمَت مواقع مثل “Canary Mission” و”Campus Watch” على مدار العشرين عاماً الماضية، وعملت باعتبارها قوائم سوداء يُوضَع فيها الطلبة والنشطاء والأكاديميون ذوو الآراء الداعمة لفلسطين، أو أولئك الذين ينتقدون إسرائيل، وتُوجَّه لهم اتهامات بمعاداة السامية ودعم الإرهاب.
وفي وقت سابق، تحدث موقع ميدل إيست آي مع العديد من الطلاب الذين واجهوا حملات تشويه بسبب نشاطهم الداعم لفلسطين.
ووفقاً لموقع The Intercept الأمريكي، فإنَّ القوائم السوداء مثل قوائم موقع Canary Mission أصبحت أكثر إثارة للخوف، لأنَّ قوات إنفاذ القانون في إسرائيل والولايات المتحدة تستخدمها.
وتابعت الخالدي: “في حين كان موقع Campus Watch واحداً من أولى المجموعات التي أُنشِئت لعمل قائمة سوداء للأساتذة الذين ينتقدون إسرائيل، فإنَّنا رأينا ذلك يُلهِم على الأرجح إنشاء مجموعات يمينية أحدث مثل Professor Watchlist، وهو مشروع تابع لمنظمة Turning Point USA من المفترض أن يكشف الأساتذة الذين يُميِّزون (ضد الطلبة المحافظين ويُروِّجون للدعاية اليسارية في الصفوف الدراسية)”.
فرض الرقابة على ما يخص فلسطين
من جانبها، أوضحت فداء عديلي، الأستاذة المساعدة ومديرة مركز الدراسات العربية المعاصرة بجامعة جورج تاون، خلال الندوة، أنَّه بالإمكان الآن رؤية المحاولات والوسائل المتعلقة بفرض الرقابة على ما يخص فلسطين في المجالات الأكاديمية الأخرى، مثل النظرية العرقية النقدية أو دراسات النوع (الجندر).
ووقَّع رون ديسانتيس، حاكم فلوريدا، مؤخراً على مشروع قانون يمنع تدريس النظرية العرقية النقدية في الصفوف الدراسية العامة.
قالت عديلي: “أنواع الرقابة التي نراها الآن حول النظرية العرقية النقدية، وحول تدريس القضايا الجندرية، وحول تدريس العبودية والتاريخ الأمريكي هي أمور ستؤدي في الواقع إلى عواقب سلبية”.
وأضافت: “لقد سمحنا بهذا النوع من الرقابة على الحق الأساسي في المقاطعة والحق الأساسي في انتقاد إسرائيل لعقود في الولايات المتحدة. ونرى الآن كل أنواع التشريعات التي تتبع نفس الأسلوب الذي يحاول إلغاء كل أنواع الحوار في الصفوف الدراسية بالولايات المتحدة”.
الرقابة على الأكاديميين والطلاب
وفي هذا العام وحده، كانت هناك محاولات عديدة لفرض رقابة على الأكاديميين والأفراد الآخرين المنتقدين لإسرائيل في الجامعات الأمريكية.
ففي يناير/كانون الثاني الماضي، مُنِعَ كينيث روث، المدير التنفيذي السابق لمنظمة “هيومن رايتس ووتش”، من الحصول على الزمالة في جامعة هارفارد. وقال روث لموقع ميدل إيست آي آنذاك إن سبب منعه يتعلَّق على الأرجح بانتقاده لإسرائيل.
وقد مُنِحَ روث في النهاية الزمالة في هارفارد بعد موجة من الغضب، لكنَّ ليلى الحداد، وهي بالأساس من غزة وارتادت كلية كينيدي بجامعة هارفارد عام 2002، قالت للموقع البريطاني آنذاك إنَّ الحادثة مجرد حادثة واحدة ضمن حوادث كثيرة تُظهِر الانحياز لإسرائيل.
ثُمَّ في الصيف الماضي، دعت المجموعات الصهيونية والحكومة الإسرائيلية جامعة برينستون لمنع كتاب يناقش التشويه المتعمد الذي تمارسه إسرائيل بحق الفلسطينيين. وقد أدَّت القضية أيضاً إلى حالة غضب، وحصلت رسالة مفتوحة ضد الخطوة على نحو 400 توقيع حتى الآن.
الرابط المختصر https://insanonline.net/?p=144101