(الطابون) إرث فلسطيني قديم يخشى الإندثار

خبز الطابون

في ساحة بيتها، تجلس الحاجة الستينية أم محمد، وأحفادها يتجمهرون من حولها، لصناعة خبز الطابون، فهي ما زالت تتمسك بصناعته، رغم تراجع استخدامه، وإحلال الآلات التكنولوجية الحديثة مكانه.
خبز الطابون الذي يستلذه عاشقوه ساخنا ناضجا بات صورة أصيلة للتراث الفلسطيني، التراث الذي تمسك به أهل فلسطين في سبيل الحفاظ على شيء من هويتهم التي حاول الكثيرون طمس معالمها.
 
ما هو الطابون
 
فرن الطابون عبارة عن شكل دائري يتوسطه فتحة في وسط القبة، قطرها عادة خمسين سم، وهي عبارة عن باب، وتغطى بغطاء معدني له مقبض، يمكن رفعه لإدخال الرغيف باليد، ثم إعادة الغطاء لحفظ الحرارة في الداخل، ويغمر هذا الفرن بكامله بالقش وبقايا ورق الزيتون اليابس والحطب أيضا، وتوقد عليه النار ويترك لمدة طويلة، إلى أن تأتي ربة البيت فتزيل ما على حافة الغطاء من سكن "رماد"، ثم تبدأ عملية الخبز.
 
مرحلة التحضير والخبز
 
تقول أم محمد عبدالله:" تبدأ أولى مراحل الإعداد لهذا الخبز، بعملية التحضير للعجن، حيث يتم تحضير القدر الكافي من الطحين البلدي ومصدره القمح، وقدر قليل من الطحين الأبيض، ويتم إضافة مقدار ملعقتين من الخميرة حتى تساعد في نضج العجين، إضافة إلى ملعقتي ملح، ويتم في هذه العملية تنخيل الطحين، لفصله عن النخالة لبدء عملية العجن".
ويلي ذلك مرحلة العجن، والتي يتم فيها إضافة كمية من الماء إلى الطحين الجاهز بعد "التنخيل" أي تنقيته من الشوائب، ويتم إضافة الماء باستمرار إلى الطحين حتى يتشكل العجين بشكله النهائي، ويكون جاهزا.
وقبل المباشرة بعملية الخَبز لا بد أن يكون الطحين المختلط بالماء "العجين" أخذ قسطا من الراحة لا يزيد عن ساعة، حيث ينقل لتبدأ عملية الخبز، ومن ثم يتم رق العجين ويدخل داخل الطابون "الفرن الملتهب ببقايا النيران التي أشعلت فيه، "ليخرج بعد ذلك رغيف الخبز ذو الرائحة الزكية".
وتضيف لـ"الرأي":" أستعمل مقلاع الطابون، وهو عود من الخشب، لرفع رغيف الخبز من داخل الطابون، لتجنب حرارة الفرن العالية".
 
خصوصية ثقافية
 
أما هنادي عيسى فتقول:" حين أرى أمي وقد أخذت ترق قطع العجين بين يديها حتى تستدير، وقطرات العرق قد تناثرت على خديها ، تتجسد في مخيلتي صورة تراثية تحمل في ثناياها خصوصية ثقافية للشعب الفلسطيني.
وتضيف:" فيداها لا تكل عن الحركة الدائبة المنتظمة وفي خفة واضحة تصنع خبز الطابون واحد تلو الأخر".